يوافق اليوم مرور 29 عاما على توقيع اتفاقية "أوسلو"، التي أسست للانقسام السياسي الفلسطيني، وضربت جذور وحدة شعبنا ونضاله الوطني.
وجاءت اتفاقية أوسلو في ذروة الانتفاضة الشعبية الفلسطينية، لتشكل طعنة في ظهر هذه الثورة الوطنية العارمة التي كانت على مشارف فرض وقائع سياسية لصالح شعبنا.
ثلاثة عقود أثبتت أن هذا الاتفاق المشؤوم بني على الوهم، فقد تهاوت كل الأسس الهشة التي استند إليها الموقعون، فخيار ما يسمى "حل الدولتين" لم يعد تتحدث به أي جهة لدى الاحتلال، وابتلع الاستيطان الجزء الأكبر من الضفة الغربية، إضافة لما تتعرض له القدس في كل يوم من تهويد مستمر، فضلاً عن مشاريع "الضم" المتزايدة، وما يسعى إليه الاحتلال اليوم من تهجير أهل القدس، في حين ما زالت القيادة المتنفذة في السلطة ترهن الواقع الفلسطيني لهذا الوهم المدمّر لواقع ومستقبل شعبنا وقضيتنا.
وانحصرت وتلخصت نتائج أوسلو في هدف واحد أراده الاحتلال، وهو تحويل السلطة إلى أداة أمنية تلاحق المقاومين وتحوله لأرخص احتلال في التاريخ، فلم يعد لدى العدو ما يحرص عليه أن يبقى ويستمر سوى التنسيق الأمني.
ولم يجلب خيار أوسلو الذي تتمسك به القيادة المتنفذة في السلطة سوى النكبات والعار على شعبنا وقضيتنا الوطنية، وحاضر ومستقبل أجيالنا، وهو خيار لم يؤسس سوى لمزيد من الاستيطان والتهويد وابتلاع الأرض واستهداف الفلسطيني في كل مكان.
لكن شعبنا أكد تمسكه بالمقاومة خيارا وطريقا للتحرير كلمته، وأثبتت مقاومة شعبنا أنها هي الحارس والأمين على الأرض والإنسان والمقدسات يوم أن حررت الأرض، ودحرت العدو من قطاع غزة، ويوم أن حررت الأسرى في وفاء الأحرار، ويوم أن ثأرت للقدس والمقدسات في معركة سيف القدس.
وتزايدت مؤخرا الدعوات لتشكيل جبهة وطنية عريضة تنهي حقبة أوسلو، وتركز جهدها لتشكيل قيادة وطنية تقود المشروع الوطني الفلسطيني، وتعمل على إصلاح منظمة التحرير لتعود إلى مهمتها الحقيقية في تحرير فلسطين.