قائمة الموقع

كيف انعكس حصار 16 عاما على قطاعات الحياة بغزة؟

2022-09-13T16:12:00+03:00
ارشيفية
الرسالة نت – مها شهوان

لم يهنأ الغزيون كثيرا بالانسحاب (الإسرائيلي) من مستوطنات قطاع غزة والتي كانت تسيطر على الأرض والمناطق الغنية بالموارد الطبيعية وتحرم الغزيين من خيراتها، حيث عقبه فرض حصار ظالم على قطاع غزة بعد انتخاب حركة حماس في الانتخابات التشريعية.

كان للحصار الذي فرضته (إسرائيل) على قطاع غزة منذ أكثر من 15 عاما أثر عميق على الأحوال المعيشية فيه، إذ قوض وحدة الأرض الفلسطينية المحتلة ومزق النسيج الاقتصادي والاجتماعي فيها.

كما شددت السلطات (الإسرائيلية) القيود المفروضة على التنقل، مما أدى إلى عزل القطاع عزلا تاما تقريبا عن بقية الأرض الفلسطينية المحتلة والعالم، وحوله إلى سجن كبير في كثير من الأوقات لعزل سكانه عن العالم.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية "أوتشا" فإن 1.3 مليون فلسطيني من أصل 2.1 مليون في غزة (أي 62 في المائة من السكان) بحاجة إلى المساعدات الغذائية.

وتُعدّ مستويات البطالة في غزة من بين الأعلى في العالم، حيث وصل معدل العاطلين عن العمل خلال الربع الأول من العام 2022 إلى 46.6 في المائة بالمقارنة مع المتوسط الذي كان يبلغ 34.8 في المائة في عام 2006.

ووصل معدل البطالة بين الشباب (15-29 عاما) إلى 62.5 في المائة خلال الفترة نفسها.

أبرز القطاعات التي تأثرت بالحصار على قطاع غزة:

- التعليم:

بعد الانقسام السياسي والحصار الذي فرض على قطاع غزة تضرر قطاع التعليم حيث فرضت عليه قيود منها إجبار المدرسين الذين يتقاضون رواتبهم من السلطة على الاستنكاف، مما أدى إلى خلل في المنظومة التعليمية، لكن سرعان ما تداركت الحكومة في غزة ذلك وشغّلت عددا كبيرا من المعلمين الجدد وصقلت خبراتهم عبر الدورات المستمرة.

كما منع الاحتلال بداية الحصار إدخال الكتب الدراسية والأوراق الخاصة بالطباعة في عرقلة متعمدة للمسيرة التعليمية في قطاع غزة وانتهاكاً سافراً للحق في التعليم، ومارست قوات الاحتلال سياسة إغلاق المعابر ما أدى إلى تفاقم الوضع الإنساني والتعليمي لدى مواطني القطاع.

وخلال السنوات السابقة استعاد التعليم عافيته رغم محاولات عرقلة خروج الطلبة للسفر الى الخارج وحرمانهم بعض المنح التعليمية، ومع ذلك سعى المدرسون وأثبتوا جودة التعليم في قطاع غزة، حتى حصدوا وطلبتهم جوائز دولية بعدما نافسوا بشراسة في مجالات عدة.

ومن المعلمين الذين حصدوا جوائز دولية معلمة الكيمياء نهى حلس التي حصلت على لقب المعلم العالمي لعام 2021، ومنيرة النجار التي نالت 10 جوائز وألقاب دولية ومحلية، أهمها لقب معلم "مايكروسوفت الخبير" لعام 2020م-2021م وسفيرة الكتاب الذكي في فلسطين لعام 2020 ، وغيرهن من المعلمات أمثال رنا زيادة.

- الصحة:

من أكثر القطاعات ضررا ولا تزال، حيث توفي عدد من المرضى نتيجة عدم توفر العلاج اللازم لهم أو عرقلة حصولهم على تصاريح للعلاج في مستشفيات القدس والضفة، وكذلك تقاعس في حصولهم على تحويلات طبية للعلاج في الخارج كجمهورية مصر.

ومن حين لآخر ونتيجة الحصار الذي تدعي (إسرائيل) أنها تخفف منه إلا أنها تتعمد عرقلة إدخال الأدوية، التي تشهد نقصا شديدا، ونفاد بعض أنواعها الضرورية للمرضى من ذوي الحالات الخطيرة كالسرطان، والصرع، والفشل الكلوي، ما يعرض حياة آلاف المرضى للخطر.

كما تفرض سلطات الاحتلال قيودا ًمشددة على دخول الحالات المرضية من القطاع إلى المستشفيات (الإسرائيلية)، عدا عن ابتزازهم وذويهم حال حصولهم على تحويلة طبية على معبر (ايرز) ومحاولة استفزازهم لمعرفة معلومات حول المقاومة.

ووفق إحصائيات وزارة الصحة بغزة، حرم نحو 50 % من مرضى قطاع غزة من حقوقهم العلاجية التي كفلها القانون الدولي الإنساني، حيث أن الحصار تسبب بنقص بنسبة 40 % من الأدوية الأساسية و32 % من المستهلكات الطبية و60 % من لوازم المختبرات وبنوك الدم، عدا عن تعطل الأجهزة الطبية وعدم القدرة على نقلها لتصليحها في الخارج أو إدخال خبراء مختصين.

- الاقتصاد:

أدت القيود المفروضة من السلطات (الإسرائيلية) إلى تقويض اقتصاد غزة، مما تسبب في ارتفاع مستويات البطالة وانعدام الأمن الغذائي والاعتماد على المساعدات.

وتشمل القيود المفروضة على تسويق البضائع في الضفة الغربية و(إسرائيل)، وإدخال بضائع معينة إلى غزة، ومنع وصول المواطنين إلى الأراضي الزراعية ومناطق صيد الأسماك.

كما يقيد الاحتلال مهنة الصيد حيث لا تسمح للصيادين بالوصول إلا لـ 50 بالمائة من مناطق الصيد المخصصة لهذه الغاية بموجب اتفاقيات أوسلو، ومن حين لآخر تتقلص هذه المساحة.

وقد تسببت القدرة المحدودة على الوصول إلى مواد البناء والمعدات الضرورية منذ العام 2007 في تأخير بناء المنازل والبنية التحتية اللازمة لمواكبة النمو السكاني المرتفع والدمار الناجم عن العدوان المتكرر والتأخر في إصلاحها وترميمها.

كما يحظر الاحتلال إدخال أصناف كثيرة وخاصة تلك التي تلزم مشاريع المياه والصرف الصحي

الموارد المائية:

كان أمن المياه في غزة في أزمة منذ عام 2005، وازداد الأمر سوءًا مع الحصار الجوي والبحري المستمر للقطاع الذي فرضته (إسرائيل) منذ يونيو 2007.

وخلال فترة الحصار وضعت (إسرائيل) قيودًا على حركة المواد اللازمة لأنظمة ترشيح/تنقية المياه وغيرها من المعدات التقنية اللازمة إلى غزة، دون السماح بدخول مواد تدعي أنها مزدوجة الاستخدام.

كما أن (إسرائيل) تسيطر على عدد كبير من الآبار التي تحيط بالحدود الشمالية والشرقية لشريط غزة.

 والإغلاق المستمر لشريط غزة يعيق عمليات تنقية المياه العادية، على سبيل المثال عن طريق منع القدرة على حفر آبار جديدة، علاوة على ذلك، فإن الافتقار إلى الكهرباء، بما في ذلك الطاقة اليومية التي تصل إلى 20 ساعة عبر شريط غزة، هو أحد عواقب الحصار ويستمر في إعاقة تقديم الخدمات الأساسية، وخاصة إمدادات المياه والرعاية الصحية.

ووفق الاحصائيات فإن 1 ٪ فقط من السكان في غزة يمكنهم الوصول إلى مياه الشرب المناسبة، و22 ٪ فقط يحصلون على إمدادات مستمرة من المياه غير القابلة للضغط كل يوم من أيام الشهر.

وبسبب التهديد المستمر على إمدادات المياه وتأثيره على الصرف الصحي، يرى الخبراء أن هناك زيادات حادة في الأمراض التي تنقلها المياه، بما في ذلك التهاب المعدة والأمعاء، والإسهال الشديد، والسالمونيلا، وحمى التيفوئيد، والتقزم عند الأطفال الصغار، وزيادة حالات سرطان الأطفال.

- القطاع الزراعي:

فترة الحصار والحروب التي مر بها قطاع غزة تم تدمير نحو (85%) من القطاع الزراعي، وطيلة سنوات الحصار تضررت الأراضي الزراعية والمحصولات حيث قلة مياه الري وحظر دخول مبيدات حشرية وأسمدة وحبوب.

ولم تكتف (إسرائيل) بذلك بل كانت تجرف الأراضي الراعية الحدودية وتقضي على المحاصيل، عدا عن تسييرها لطائرات محملة بالمبيدات الحشرية السامة لقتل النباتات، أو فتح مجاري الصرف الصحي لتلويث المزروعات.

كما تضافرت عوامل عدة ساهمت بانحسار مساحة الأرض المزروعة، وانعكست سلبا على العديد من المحاصيل وخاصة الحمضيات التي كانت تشكل مصدرا رئيسيا للدخل الاقتصادي في القطاع، حيث كانت أشجار الحمضيات تغطي ما يزيد عن 75 ألف دونم، تراجعت اليوم لتصل إلى 17 ألف دونم، وذلك بفعل الحصار وملوحة المياه ووقف عمليات التصدير للخارج.

وتواجه الزراعة في غزة تحديات مزدوجة، منها بفعل ممارسات الاحتلال بحق الأرض والمزارعين كغلق المعابر في وجه الصادرات الزراعية وغيرها، ومنها ما يرتبط بأزمة القطاع السكانية من تضخم سكاني وزحف عمراني وشح في مخزون المياه الجوفية، الأمر الذي تسبب في إفقار الأرض الزراعية في القطاع.

اخبار ذات صلة