بدأت الأحداث من نصب كمين بالقرب من دوار الشهداء في نابلس، وتحديدا في شارع فيصل، بهدف القبض على الشاب مصعب اشتيه.
وحسب مصادر إعلامية تابعة للاحتلال، فإن اشتيه البالغ من العمر 30 عاما هو قائد في كتائب القسام الجناح العسكري لحركة (حماس)، والمطارد والمطلوب لقوات الاحتلال (الإسرائيلي)، وقد اعتقل برفقة مطارد آخر هو عميد طبيلة.
تعرض اشتيه لعدد من محاولات الاغتيال من الاحتلال وجميعها لم تنجح، وبالأمس اعتقد الجميع أن قوات الاحتلال هي من نصب الكمين في محاولة جديدة منها لاغتياله، لكن الإجابة كانت أن قوات تابعة للسلطة هي صاحبة الكمين، قوات أشبه بقوات الاحتلال وسياستها، ترتدي اللباس المدني، هجمت على مصعب وبدأت تضربه ثم اعتقلته وأخذته إلى مقر أمني تابع للشرطة الفلسطينية.
لم يكن مصعب مطلوبا للأجهزة الأمنية، وإنما هي تقوم بتلبية طلب الأجهزة (الإسرائيلية) لا أكثر، وهو المطلوب الأول للاحتلال، لم يطلب منه أحد تسليم نفسه، ولم يجرؤ أحد على قول ذلك، تجرأت السلطة ففعلت كما فعلت مع نزار بنات، وجعلت نابلس تحارب على جبهتين، واحدة داخلية تمثلها السلطة، وأخرى خارجية يمثلها الاحتلال.
لا يعلم الشيخ عاكف اشتيه والد مصعب أين هو ابنه الآن، وتناشد عائلته السلطة الفلسطينية وتستنكر ما فعلته بابنها.
وفي الجهة الثانية من الصورة، لم يمر اعتقال مصعب كمشهد عادي، وإنما تلته احتجاجات على فكرة الاعتقال ذاتها من سلطة كان من المتوجب عليها أن تحمي شعبها من المحتل، وإذا بها تحقق ما عجز المحتل عن تحقيقه وتسهل مهمته في الدخول والاقتحام والقتل، فإذا لم يستطع تقوم هي بالدور بصدر رحب.
بعد الاعتقال سقط شهيد حسب ما قاله الصحافي ناصر اشتية من نابلس الذي تابع الحدث عن قرب، مؤكدا أن ما حدث كان بالقرب من كلية الروضة على ميدان الشهداء ووصلهم خبر اعتقال مصعب ورفيق له، ما دفع المئات من المسلحين للخروج وإغلاق الطرق بالإطارات والسواتر وحاويات النفايات ودعوا إلى مسيرة تبدأ من دوار الشهداء في الحادية عشرة ليلا بعد اعتقال اشتيه بساعتين.
توجه المتظاهرون إلى مقر شرطة نابلس، واشتبكوا مع رجال الشرطة فاستشهد فراس يعيش برصاصة شرطي، وهو مواطن أعزل، يمتلك محلا تجاريا بالقرب من مكان الأحداث وعمره 55 عاما، بالإضافة إلى عشرات من الإصابات أخطرها للصحافي أنس عبد الفتاح الذي أصيب أيضا برصاص السلطة.
وقد قال أحد الأطباء تعليقا على حالة أنس الصحية الصعبة أن "الرصاصة ضربت العمود الفقري، ففقد إحساسه بالجزء السفلي، ونتيجته شلل نصفي في أحسن الحالات، تقطع الكبد نصفين، الرصاصة اخترقت المفصل في يده اليمنى، ولا زال وضعه الصحي حرجا للغاية ويعاني من هبوط حاد في ضغط الدم، ولا زال الطحال والكبد في حالة نزيف مستمرة، ولا تستطيع الطواقم الطبيعة تقديم شيء !!"
أدانت حركة حماس اعتقال مصعب اشتيه وعميد طبيلة ووصفته بـ "وصمة عار جديدة على جبين السلطة"، ولا زالت النار تشتعل في جبل النار، فقد غضب شباب "عرين الأسود" على اعتقال رفيقهم، ثم لاستشهاد أبناء بلدتهم، أبرياء يحتجون على الظلم، في بلاد لا تقبل الظلم يوما.
الشوارع حتى ظهر اليوم في نابلس بدت فارغة من أصحابها مع ارتفاع أصوات الرصاص، وعلقت جامعة النجاح التعليم الوجاهي اليوم، وتخوفت عائلات كثيرة من إرسال أبنائها إلى المدارس، لأن الوضع المتأجج بين سلطة لا تعرف العدالة، وشعب مظلوم لم يعد يحتمل مزيدا من الصمت.