أكد محللان (إسرائيليان) أن منطقة شمال الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة، يشكلان أكبر تحديين في وجه الاحتلال (الإسرائيلي) حاليًا.
واعتبر المحللان أن الساحة الفلسطينية وخاصة في الضفة الغربية رغم الملفات الأخرى المتعلقة بالمفاوضات البحرية مع لبنان، أو التوتر الدائم مع إيران، باتت هي الجهة الأكثر تفجرًا في ظل الأوضاع الأمنية.
ورأى ناحوم برنياع الكاتب والمحلل والصحفي (الإسرائيلي) في يديعوت أحرونوت، أن سيطرة الجيش على الأوضاع في الضفة الغربية حتى الآن تقف على أربعة أقدام، تتمثل الأولى في التنسيق الأمني الذي قال إنه لا يزال حيًا يرزق رغم ضعف مكانة السلطة الفلسطينية.
وأشار إلى إلى انعقاد جلسة بين ضباط أمن فلسطينيين و(إسرائيليين) في الأيام الأخيرة.
أما القدم الثانية؛ التفوق الاستخباري الذي يسمح للجيش (الإسرائيلي) بتنفيذ عمليات دقيقة ضد المقاومين بشكل خاص، والثالثة السيطرة على الغلاف "خط التماس" والذي تقلص من خلاله تسلل الفلسطينيين إلى الداخل المحتل، والرابعة حرية العمل التشغيلية التي تقلصت في السنوات الأخيرة، مع امتناع الجيش عن الدخول إلى مناطق مثل مخيم جنين والبلدة القديمة في نابلس، أما الحملة الأخيرة فقد أعادته إلى تلك المناطق ونفذ عمليات ضد الخلايا المسلحة هناك.
ويشير برنياع، إلى أن ارتقاء مزيد من الضحايا الفلسطينيين يعني مزيدًا من التوتر ودخول شبان آخرين للسير على طريقه، لكن مصدر عسكري (إسرائيلي) يقول: "هذا بالذات يشير إلى ارتفاع في الردع، حتى لو خلق بضعة منتقمين، فالثمن مجدٍ".
وحذر برنياع من أن ارتقاء مزيد من هؤلاء الضحايا سيشجع آخرين على المضي بطريقهم، ومن أن "كل سمكة صغيرة ستنقلب إلى بطل في نظر نفسه والآخرين، وأن كل نجاح في إحباط أي حدث، يعني أن هناك ضربة أكبر، ومعها العملية تكبر". كما يقول.
من ناحيته يرى المحلل الأمني والعسكري المعروف بقربه من دوائر الأمن (الإسرائيلية)، ألون بن دافيد، في مقالة بصحيفة معاريف، إن الساحة في الضفة هي الأكثر اشتعالًا من غيرها، وأن هناك ظاهرة جديدة تظهر هناك، مشيرًا إلى أنه في الشاباك يتحدثون عن انتفاضة من نوع جديد، لكن في الجيش يفضلون تسمية ذلك بالتصعيد.
ويؤكد بن دافيد، أن هناك "طاقات تنفجر لم يشهد لها مثيل منذ سنوات، ومقاومة من نوع جديد أكثر صعوبة على الإحباط"، وفق وصفه، مشيرًا إلى أن الخلايا المقاومة الجديدة هي عبارة عن شبان لا ينتمون لخلايات ومنظمات تقليدية كالتي عرفت في سنوات سابقة، وهم بلا قيادات، وتمويل ومؤسسات وتوجيه، ومعظمهم من الشبان الذين ولدوا ولم يكونوا واعين على الانتفاضة الثانية و"السور الواقي"، وهم غاضبون من السلطة، لكنهم يجدون في شبكات التواصل الاجتماعي ملجأ لأنفسهم، كما قال.
وأشار إلى أن هؤلاء الشبان هم بالمئات وربما بالآلاف، معتبرا أن السؤال الذي يفرض نفسه "كيف نقاتل أولئك الذين يبحثون عن الاحتكاك بنا؟!".
ورأى أنه للرد على هذا السؤال، لابد من سلوك حساس ودقيق في عمليات جيش الاحتلال (الإسرائيلي)، في ظل التمييز بين حملات اعتقال ضرورية لقنابل موقوتة، وبين اعتقالات اعتيادية وحملات ترسيم وهدم منازل يمكنها أن تنتظر، مشيرًا إلى أن عدد الضحايا الفلسطينيين الكبير منذ بداية العام، يشحن بالوقود دوائر عداء وثأر جديدة. كما قال.
وقال بن دافيد: "القيادة التكتيكية في الجيش مسرورة من الفرصة لاستخدام القوة والشعور كجيش مقاتل، وهكذا ينبغي لها أن تشعر، لكن القيادات العملياتية والاستراتيجية فوقها ينبغي أن تزن جيدًا المنفعة التي في كل حملة مقابل الكلفة".
ويضيف: "ثمة من يدعون إلى حملة واسعة وعميقة للجيش الاسرائيلي في شمال الضفة مثل السور الواقي، صحيح حتى الآن تتفق القيادة السياسية والعسكرية على أن الثمن في مثل هذه الحملة يفوق المنفعة، إذ أن التواجد المتواصل في الميدان سيؤدي بالضرورة إلى إصابات (إسرائيلية) وبالضرورة إلى المزيد من الإصابات الفلسطينية".
وقال بن دافيد، إن السلطة الفلسطينية طلبت الأسبوع الماضي تقسيم إجراءات العمل، بحيث يعمل جيش الاحتلال في جنين التي لا تتجرأ السلطة على دخولها، وتعالج هي ملف المقاومين في نابلس، وفي جهاز الأمن يعطون في هذه اللحظة فرصة لهذا المشروع التجريبي، الذي إذا ما نجح يمكنه أن يقلص احتكاكنا مع الفلسطينيين ويوفر لنا عدم وقوع إصابات". وفق زعمه.
ولفت إلى أن ذلك كله لا ينفصل عما يمكن أن يحدث في الأقصى الذي يمثل "عود الثقاب الذي يمكنه أن يشعل نارًا كبرى ويغير الصورة"، مشيرًا إلى أن شرطة الاحتلال (الإسرائيلية) تنجح في كبح الاستفزازات هناك.
ويشير إلى ما وصفه بالهدوء المفاجئ من ناحية غزة في ضوء المجريات في الضفة، لكنه حذر من أن "غزة ما زالت تشكل تهديدًا عسكريًا".
القدس