اقتحم اليوم الأحد، عشرات المستوطنين المسجد الأقصى المبارك، من جهة باب المغاربة بحماية من شرطة الاحتلال (الإسرائيلي).
وأفادت مصادر محلية، بأن عشرات المستوطنين اقتحموا المسجد الأقصى على شكل مجموعات متتالية، من جهة باب المغاربة، ونفذوا جولات استفزازية وأدوا طقوسًا تلمودية في ساحاته وباحاته، واستمعوا لشروحات مزورة حول أسطورة "هيكلهم".
ويتعرض المسجد الأقصى المبارك لاقتحامات يومية ما عدا يومي الجمعة والسبت، في محاولة لفرض تقسيم زماني ومكاني فيه.
مكافآت مالية
ورصدت "جماعات الهيكل" المزعوم مكافآت مالية لكل مستوطن مقتحم ينفخ البوق ويدخل "القرابين النباتية" إلى المسجد الأقصى المبارك في عيد "العرش" العبري، الذي يُوافق الأسبوع المقبل.
ونقلت القناة السابعة العبرية عن "جماعات الهيكل" المتطرفة عرضها مكافأة بقيمة 500 شيكل (140 دولار) لكل متطرف يتمكن من نفخ البوق في المسجد الأقصى، أو يتمكن من إدخال "القرابين النباتية" إليه، طوال أيام "عيد العُرش"، والذي يلي "عيد الغفران"، خلال الفترة الممتدة من 10-17 تشرين أول/ أكتوبر الجاري.
و"القرابين النباتية" هي أغصان الصفصاف وسعف النخيل وثمار الحمضيات، يتم إدخالها للأقصى لتقدم "قربانًا إلى روح الرب"، باعتبارها "تحل في الهيكل" وفق اعتقادهم المزعوم الذي تقوم عليه "العبادة القربانية"، وهي خطوات للزعم بأن "الأقصى هو الهيكل المزعوم الذي تحل فيه روح الرب".
ودعت الجماعات المتطرفة عناصرها وجمهور المستوطنين إلى أكبر اقتحام للمسجد الأقصى، والاحتشاد بعائلاتهم وأطفالهم، محددة ذروة عدوانها القادم على المسجد لتكون يوم الثلاثاء الموافق 11 أكتوبر الجاري بمناسبة "عيد العرش".
واعتبرت أن مثل هذا الاقتحام "فرصة لا تتكرر إلا مرة كل سبع سنوات"، معتمدة في ذلك على "أمرٍ توراتي جاء في سفر التثنية يفرض على اليهود أن يجتمعوا في اليوم الأول من الأيام الوسطية لـ(عيد العرش) في السنة التالية للسنة السبتية مباشرة".
وخلال "رأس السنة العبرية" الذي وافقت يومي الاثنين والثلاثاء الماضيين، حاول مستوطنون نفخ البوق داخل باحات الأقصى، إلا أن شرطة الاحتلال أخرجتهم.
وكانت "جماعات الهيكل" تتطلع إلى نفخ البوق بشكل علني وجماعي داخل الأقصى، وتحت حماية شرطة الاحتلال، خلال "رأس السنة"، زاعمة أن أحد متطرفيها تمكن من نفخ البوق 17 نفخة قبل أن تخرجه الشرطة من المسجد.
ونفخ البوق بالمسجد الأقصى في نظر الإسرائيليين إعلان "هيمنة وسيادة عليه، وانتقالًا من زمانه الإسلامي إلى زمانٍ عبري جديد، وإنذارًا بقرب مجيء المخلص ليستكمل إقامة الهيكل، وأيضًا تكريس الأقصى باعتباره مركزًا للعبادة اليهودية".
تهويد المكان
رئيس أكاديمية الأقصى للوقف والتراث الشيخ ناجح بكيرات يقول إن اعتداءات "جماعات الهيكل" على المقدسات، وخاصة الأقصى، ونقل الرموز التوراتية للمسجد يشكل إمعانًا في تهويد المكان والقداسة الإسلامية.
ويوضح بكيرات، في حديث لوكالة "ًصفا"، أن الجماعات المتطرفة استخدمت عدة روافد لإبقاء التهويد ودعمه، بدعم من حكومة الاحتلال ومؤسساتها المختلفة سواء الشرطة أو المحاكم والوزارات، وحتى الأذرع المالية كلها وظفتها لأجل تحقيق أهدافها.
ويضيف أن تلك الجماعات تريد تحقيق حلمها الكبير في إقامة "الهيكل" المزعوم مكان المسجد الأقصى، وتهويد مدينة القدس، لافتًا إلى أن هناك منظمات صهيونية في أمريكا وأوروبا تدعم عمليات التهويد.
ويشير إلى أن حكومة الاحتلال ومؤسساتها المختلفة ترصد شهريًا نحو 3 مليون شيكل لأجل مشروع تهويد القدس والأقصى، ولنقل الرموز التوراتية للمسجد المبارك، ولعمليات الاقتحام، وهم يوظفون المجال السياسي والإعلامي والثقافي والمنظمات المتطرفة بغية تحقيق الرواية الصهيونية التوراتية.
ويؤكد بكيرات أن الاحتلال يسعى إلى نقل "التراث اليهودي" للأقصى، كي يحل مكان التراث الإسلامي والعربي والإنسان الفلسطيني والمقدسي، والقداسة الإسلامية.
وفي شهر رمضان الماضي، رصدت "جماعات الهيكل" مكافآت مالية قدرها عشرة آلاف شيكل لمن يتمكن من إدخال "قرابين الفصح" من المتطرفين إلى المسجد الأقصى، إلا أنها فشلت في تحقيق ذلك، بفعل صمود المرابطين والمصلين وتصديهم لاقتحامات المستوطنين واستفزازاتهم.
تغيير الواقع
ويشير بكيرات إلى أن الاحتلال وجماعاته المتطرفة يسعون إلى تغيير الواقع في المسجد الأقصى، وتحقيق إنشاء "الهيكل" مكانه، لذلك وظفوا المسار السياسي والوزارات الإسرائيلية، والجمعيات وغيرها.
ويلفت إلى أن هناك أكثر من 750 منظمة وجمعية يهودية في الخارج وظيفتها جمع الأموال للعمل الصهيوني في فلسطين، منها ما هو مختص بدعم الاستيطان، وغيرها لدعم التهويد، و"التراث اليهودي"، وأيضًا إقامة "المدارس الدينية اليهودية" وغيرها.
ويبين أن "حكومة الاحتلال تدفع رواتب شهرية للكثير من المتطرفين اليهود الذين لا يعملون، ومهمتهم فقط أداء الصلاة التلمودية في حائط البراق، واقتحام المسجد الأقصى".
ويقول بكيرات: "نحن أمام استراتيجيات خطيرة تريد خلق واقع جديد في القدس والأقصى، بحيث وجدت الدعم السياسي والإعلامي والمالي، بما يسهم في تغول الجماعات المتطرفة لنقلها التراث العقائدي اليهودي داخل المسجد المبارك".
ويضيف "نحن أمام أيدلوجية صهيونية عنصرية خطيرة جدًا، تريد اجتثاثنا كمقدسيين وفلسطينيين، وتهويد مقدساتنا، وترويضنا للقبول بما لا يمكن القبول به في المسجد الأقصى، لكن ذلك سيزيدنا تمسكًا وإصرارًا في الدفاع عن مقدساتنا وأقصانا".
المصدر: وكالات