كيف تغذي قروض السوق السوداء اقتصاد الجريمة داخل الكيان؟

المافيا (الإسرائيلية)
المافيا (الإسرائيلية)

غزة- الرسالة نت

يطلق الإعلام (الإسرائيلي) على عصابات الجريمة (الإسرائيلية) عدة توصيفات، من بينها: العالم السفلي، منظمات الجريمة.

ورغم أن الجريمة المنظمة بين المستوطنين قد نشأت في وقت مبكر بعد الاحتلال (الإسرائيلي) للأراضي الفلسطينية، إلا أن المستوى الرسمي لدى الاحتلال كان يرفض وجود هذه الظاهرة.

في أواخر التسعينيات وخاصة في أوائل القرن الحادي والعشرين، تشكل عدد من عصابات الجريمة المنظمة بين المستوطنين، وبدأت أنشطتها أكثر وضوحا على خلفية عمليات الاغتيال إما بإطلاق النار أو بتفجير العبوات الناسفة عن بعد، وقد ألحقت هذه العمليات خسائر في صفوف المستوطنين حتى من غير المنخرطين في هذه العصابات، كما في محاولة اغتيال زئيف روزنشتاين، حيث قتل ثلاثة من المستوطنين المارة عام 2003.

ما يهم في هذه المقالة، هو الخطاب (الإسرائيلي) حول الجريمة المنظمة بين المستوطنين، وانتقاله من النفي المطلق إلى تعريف عصابات الجريمة على أنها عالم سفلي، وهو تعريف يقصد فيه نفي صلة عصابات الجريمة بجموع المستوطنين، على اعتبار أن جموع المستوطنين عالم غير سفلي لا تنتشر فيه الجريمة، وهو عبارة عن “مجتمع خال من العنف” بينما أنشطة الجريمة تدور في عالم معزول عن عالم “المجتمع الحقيقي”.

وفي ظل هذه المحاولة لنفي الربط بين الجريمة المنظمة وجموع المستوطنين في الخطاب (الإسرائيلي)، وتعريفها في سياق مختلف عن حقيقتها، باعتبارها عالما معزولا عن المجموع، في الخطاب (الإسرائيلي)، يظهر خطاب آخر مختلف كليا عندما يتعلق الأمر بالجريمة المنظمة بين الفلسطينيين في الأراضي المحتلة عام 1948.

يستخدم الإعلام (الإسرائيلي) في العادة مصطلح “عائلات الإجرام” في تعريفه لعصابات الجريمة المنظمة بين الفلسطينيين في الأراضي المحتلة عام 1948. وفي غالبية المضامين التي تحتوي على مصطلح “عائلات الإجرام” يتم ربطها بـ”المجتمع العربي” كما يطلق عليه الإعلام (الإسرائيلي)، والمقصود فيه فلسطينيي الأراضي المحتلة عام 1948.

إن الهدف من هذا التعريف، هو تقديم اتهام جاهز لفلسطينيي الأراضي المحتلة عام 1948، بأنهم “مجتمع جريمة” تتشكل فيه الجريمة داخل العائلة كمؤسسة اجتماعية فاعلة في التأثير على التكوين الاجتماعي والنفسي للأفراد، وبالتالي بناء شبكة علاقات بين أفرادها من إنتاجها. 

يوضح الحارس أن الجريمة المنظمة بين المستوطنين مرتبطة بالأساس في عائلات معينة، فمثلا أبرز عصابات الجريمة بين المستوطنين هي “عصابة عائلة أبرجيل”، وعائلة “أبوتول”، وعائلة “أوحانا”، وعائلة “برنس”. لكن يتم تعريفها في معظم التقارير الصحفية والوثائق الرسمية على أنها منظمات جريمة دون إضفاء أي معنى اجتماعي يحمل اتهاما للمجموع ككل، كما في حالة فلسطينيي الأراضي المحتلة عام 1948.

ويلفت الحارس إلى أن ظاهرة الجريمة المنظمة بين فلسطينيي الأراضي المحتلة عام 1948، تنامت بفعل السياسات الاستعمارية، وعلى رأسها السياسات المالية، والتفاوت في الرقابة وتقديم الخدمات المالية، والذي أدى لنشوء معاملات مالية داعمة لظاهرة الجريمة بين الفلسطينيين، وهو ما يعترف به لمراقب العام لدولة الاحتلال في دراسة صدرت بتاريخ 11 يوليو/ تموز 2015 عن مركز البحوث والمعلومات، قسم الإشراف على الميزانية في الكنيست، وجاءت تحت عنوان “وصف وتحليل سوق القروض غير المصرفية”، وتضمنت كذلك تقريراً صادراً عن شرطة الاحتلال تعترف فيه بأن “قروض السوق السوداء تغذي بشكل كبير اقتصاد الجريمة”.

ويرى الحارس أن الجريمة المنظمة بين فلسطينيي الأراضي المحتلة 1948 مدعومة من شرطة ومخابرات الاحتلال، التي لا تغفل عن تفاقم الظاهرة، وإنما تسعى لتنميتها، من خلال إغلاق معظم قضايا القتل دون توجيه لائحة اتهام، ويتضح هذا من النسب التي تنشرها شرطة الاحتلال في كل عام، حول قضايا القتل التي تم تقديم لائحة اتهام بخصوصها، إذ يتبين وجود فجوة كبيرة في إغلاق القضايا لدى المستوطنين والمستوطنين.

المصدر: مركز الحارس

البث المباشر