أكد الصحفي المختص في الشؤون العسكرية بصحيفة "هآرتس" العبرية "عاموس هريئيل" أن هناك عددا من الجنرالات والضباط (الإسرائيليين) يعانون من اضطرابات ما بعد الصدمة، وذلك بسبب الحروب التي خاضوها، في مختلف الجبهات القتالية.
ويعاني الجنود من أوضاع نفسية وجسدية صعبة بسبب مشاركتهم في جبهتين، الأولى مواجهة الانتفاضة الثانية، في أيلول من العام 2000، وتحويل الجيش النظامي (الإسرائيلي) بكامله إلى المناطق الفلسطينية لمواجهة المقاومين، واضطرارهم لاحقًا للمشاركة في الجبهة الثانية وهي الحرب ضد حزب الله، دون أن يكونوا مستعدين لذلك.
ويعود سبب هذه الحالة النفسية إلى تجربتهم التي مروا بها خلال المعارك، والشعور بالذعر والخوف، ومشاهد القتلى والجرحى في صفوفهم، وتعرضهم لهجوم ومخاطر وصدمات كبيرة وفقًا لهآرتس.
ويشير عدد من الجنرالات الذين التقى بهم "عاموس هريئيل"، إلى أن الآلام الجسدية والنفسية ما تزال ترافقهم حتى اليوم، وأنها تعود باستمرار طوال الوقت، وأي صوت مفاجئ في المنزل يفاجئهم ويولد لديهم شعورًا بالذعر، إذ يعيدهم إلى أصوات الحرب ذاتها، فيما اعترفت زوجة أحد الجنرالات، أن زوجها كان يتسلق الجدران في المنزل.
وينوه أحد الجنرالات إلى أن هذه الحالة النفسية، مألوفة لأفراد الكتائب الذين خاضوا الحروب، وهي اضطراب ما اسماه الإجهاد اللاحق بالصدمة.
ويذكر "عاموس هريئيل" في مقالته عبر صحيفة "هآرتس" التي ترجمها موقع "الجرمق الإخباري"، أنه التقى بالعديد من الجنرالات والجنود الذين شاركوا في القتال في حرب لبنان الثانية، جميعهم عانوا من ذات الحالة، المتمثلة باضطراب ما بعد الصدمة، بسبب الأهوال التي شاهدوها، وفقدان عدد من أفراد الكتيبة.
وقدم "عاموس هريئيل" مثالًا على ذلك، الجنرال "ايفي ديفرين"، الذي يحتفل في كل عام بما يسميه "ذكرى وفاته"، إذ أنه أصيب بجراح خطرة، خلال مشاركته مع كتيبته قبل 16 عامًا، بعد تعرضهم لهجوم بصواريخ في كمين لحزب الله خلال حرب لبنان الثانية ثم تعافى، لكنه أصيب باضطراب ما بعد الصدمة بعد ذلك.
وينقل أحد الجنرالات كما ورد في المقالة التي نشرتها "هآرتس" شهادات للمشاهد المروعة، التي أدت بالتالي إلى الإصابة باضطرابات ما بعد الصدمة فيقول: "في 12 يوليو 2006 نصب حزب الله كميناً لكتيبة في الجيش الإسرائيلي، على حدود (إسرائيل) مع لبنان، وقتل عشرة جنود (إسرائيليين) في اليوم الأول للقتال، واختطف حزب الله جثتين نُقلتا إلى لبنان".
ويضيف، "وقعنا تحت نيران آلاف صواريخ حزب الله، تعرضت الكتيبة على طول التلال للصواريخ المضادة للدبابات، حالة من الارتباك سادت بين الضباط، المهمات والأوامر والأهداف لم تكن واضحة، إحباط مهمات جاهزة للانطلاق، خطوات غير مدروسة، قوات لم تكن مدربة بشكل كافٍ".
ويتابع: "واجهنا كمائن حزب الله وتكبدنا خسائر وفشلنا في إضفاء أي إحساس بالأمن أو النصر لدى الجمهور (الإسرائيلي)، الجيش (الإسرائيلي) كان حريصاً على وقف القتال، دون تحقيق أي إنجاز جديد، وقُتل 33 (إسرائيلياً) في الساعات الستين الأخيرة من الحرب، 32 منهم جنود ومدني واحد".
ويضيف، "بعد وقف إطلاق النار بدأ الحديث عن الأداء المخيب للآمال حينها، وأدى إحباط الجمهور في نهاية المطاف إلى الاستقالة الإجبارية لجميع ضباط الجيش الذين قادوا الحرب، وكذلك استقالة عدد من الشخصيات السياسية".
ويعترف أحد الجنرالات كما اوضحت "هآرتس" في المقالة، أنه كان لديه شعور عميق بخيبة الأمل وقال: "يشرحون لك في الجيش أن (إسرائيل) قوة عظمى، وتملك أكثر الطائرات تطوراً في العالم، لكن أين كان كل ذلك خلال حرب لبنان الثانية، حتى المدفعية لم تعمل في الوقت المناسب، يخرج الناس إلى الحرب ليموتوا، كان الفشل منهجياً وليس مسألة فردية".
المصدر: الجرمق الإخباري