اشتعلت الأحداث في شعفاط، وكان من الطبيعي أن تشتعل، فبعد أكثر من 55 شهيدا في الضفة والقدس في شهر سبتمبر، بالإضافة إلى اقتحامات رأس السنة العبرية لباحات الأقصى، كان من الطبيعي جدا أن يكون هناك رد يقول للاحتلال " لقد طفح الكيل".
من حاجز شعفاط بدأت الأحداث ثم انتقلت العدوى إلى سلوان وبطن الهوى وإلى القدس بأكملها، وما أن بزغ الفجر حتى تحولت النيران إلى ثورة، وجن جنون الاحتلال.
بدأت القصة حينما تقدم شاب مترجل يسير على قدميه وأطلق النار باتجاه الجنود على حاجز شعفاط ما أدى إلى إصابة ثلاثة من الجنود أعلن الاحتلال لاحقا عن وفاة مجندة كانت بين الثلاثة وعن إصابة خطيرة لجندي آخر.
لم تنتهي الحكاية بعد فلايزال الاحتلال يتخبط بحثا عن منفذ العملية الذي نجح في الفرار حتى لحظة كتابة هذه السطور، مباشرة ادعى الاحتلال أنه اعتقل شخصا بزعم الضلوع في العملية، ولكن عمليات الاقتحام للمخيم لا زالت حتى اللحظة قائمة، واعتقالات لشبان كثر بزعم معرفتهم وقرابتهم من منفذ العملية.
وجاء في التحقيق وفقًا لصحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية، أنّ "المنفذ تمكن من إطلاق ثماني رصاصات على جنود الاحتلال الذين كانوا يقفون أمامه على بعد أمتار قليلة، بعد أن نزل من السيارة وسط الحاجز، دون أن يتمكن أحد من إطلاق النار عليه، ثم بدأ بالانسحاب مشياً على الأقدام سالماً باتجاه مخيم شعفاط القريب".
ويقدّر الجهاز الأمني "الإسرائيلي"، أنّ منفذ العملية كان مقتنعًا بأن الحادثة ستنتهي بوفاته، ولم يكن مستعدًا للانسحاب حيًا. وأوضح التحقيق أنّ الهجوم كان أثناء تغيير المناوبة على الحاجز، وهو وقت يعتبر نقطة ضعف تشغيلية في أي قطاع، وبالتالي يتطلب مزيدًا من اليقظة والغطاء، مبينًا أنه بعد الحادث سيتم إبعاد بعض القادة على الأقل في الساحة، بما في ذلك قوة كاملة من جيش الاحتلال.
المهم أن المنفذ لاذ بالفرار من المكان، وأهالي شعفاط أعلنوا فرحتهم، وأغلقوا كل المداخل المؤدية إلى أزقة المخيم ليمنعوا سيارات الاحتلال من الدخول والتفتيش عن منفذ العملية، وتحدثت وسائل إعلام تابعة للاحتلال عن مخاوف أمنية شديدة لدى الاحتلال من تفاقم الأوضاع في القدس، خاصة مع عدم الاستقرار الملحوظ في جنين ونابلس منذ بداية العام.
كما وذكرت المصادر الإعلامية نقلا عن مصادرها العسكرية أن شرطة الاحتلال قررت إغلاق أبواب المسجد الأقصى ومداخل مخيم شعفاط ومخارجه، كافة، في وقت شرع شبان فلسطينيون في رشق الحاجز بالحجارة، وحطموا مركبة مستوطن .
وفي تعليق للقناة 14 الإسرائيلية استنكرت في توثيق لحظة الهجوم من الكاميرات الأمنية قائلة:" هذا يمثل مشكلة كبيرة، يخرج المنفذ من السيارة ويسحب سلاحاً ويطلق النار على المقاتلين من مسافة قريبة دون أن يلاحظ أحد، أثناء إطلاق النار، بدلاً من الرد على النيران على الفور، هرب المقاتلون من مكان الحادث وبعد بضع ثوانٍ فقط ردوا بإطلاق النار عليه، وعلى الخط السفلي والخطير وفر المنفذ على قدميه دون أي خدش"
سياسة التضييق على سكان القدس والضفة الغربية والحواجز التي تزداد يوما بعد يوم تفجر الأوضاع أكثر، فمنذ العملية، لم يستطع أهالي شعفاط الخروج من المخيم ولا المرور عبر الحاجز إلى مشاغلهم، والصحافيين كذلك، وكأنهم يستخدمون الحواجز كنوع من التعذيب.
منذ بداية العام والأحداث تشتعل في الضفة، بين جنين ونابلس والقدس، عمليات قتل ممنهجة أوصلت العدد لأكثر من مائة شهيد، واقتحامات متكررة وخاصة لجنين، وكأنها أصبحت هاجسا يريد الاحتلال التخلص منه ولا يقدر.
وفي القدس يزداد الوضع توترا، حيث أصيب مواطن بالرصاص المعدني المغلف بالمطاط و15 مواطنا بالاختناق خلال مواجهات اندلعت مع قوات الاحتلال الإسرائيلي في حي بطن الهوى ببلدة سلوان، جنوب المسجد الأقصى المبارك، أطلق الجنود خلالها الرصاص المعدني المغلف بالمطاط وقنابل الغاز السام المسيل للدموع، وقنابل الصوت، تجاه المواطنين ومنازلهم.
كما اندلعت مواجهات عنيفة بين الشبان المقدسيين وقوات الاحتلال في بلدة صور باهر، أما في بلدة الطور شرق القدس، فقد اشتدت المواجهات بين الشبان وقوات الاحتلال في حي الصوانة، أطلقت خلالها قوات الاحتلال القنابل الغازية والرصاص المطاطي باتجاه الشبان، ولا زالت القدس والضفة على صفيح ساخن، حتى اللحظة.