قائد الطوفان قائد الطوفان

مداد الوفاء لدماء الشهداء

د. خالد النجار

حتفت كتائب الشهيد عز الدين القسام وبحضور وطني وفصائلي بالاعلان عن الوحدة العسكرية الالكترونية التي أسسها القائد الشهيد البطل "جمعه الطحلة"، ذاك القائد الذي قدم كل ما يملك في دنياه مقبلاً غير مدبر، راضيًا بما قضاه الله تعالى له في الدنيا، ليحيا عظيمًا وهو يخدم إخوانه في المقاومة، ويتقدم الصفوف ويستثمر كل ما لديه من إمكانات، في خدمة دينه، ووطنه، وقضيتنا العادلة، وهو يذود عن أعراض الأمة، ويرتحل إلى ربه فارسًا بطلاً، بعد رحلة جهادية تكللت بالوفاء على درب الشهداء.
 
إن ما قدمه القائد الراحل "أبو مجاهد الطحلة" من إعداد وتجهيز لمراحل متقدمة في تطوير سلاح المقاومة، يكشف عن البعد العقدي والوطني الذي كان من أهم صفاته رحمه الله، إذ كشفت القسام عن أبرز مناقبه في التطوير والارتقاء والمبادرة والإيثار بالنفس، والاستعداد لمواجهة كل التحديات التي تواجهها المقاومة في ظل ما يمتلك العدو الصهيوني من أسلحة ووسائل قتالية فتاكة، حيث استطاعت الكتائب أن تصل إلى مراحل متقدمة في التوازن أمام جيش الاحتلال، والوصول إلى معادلات فرضتها المقاومة بدماء الشهداء وصمود شعبنا، رغم ما يتعرض له من عدوان واسع وحصار غاشم، ومحاولات الاحتلال في اختراق الجبهة الداخلية، وضرب العلاقة الاستراتيجية بين أبناء شعبنا وقوى المقومة.
 
إذ لا تزال كتائب القسام تفاجيء الاحتلال بتشكيلاتها الجديدة التي تكشف عنها بعد نجاحها في ضرب منظومات الاحتلال واهتزاز أمنه، واختراق جوانب القوة التي يعززها بكافة الجوانب الأخرى، لكنها سرعان ما فشلت أمام عقول المقاومة التي برعت في معركة الأدمغة وألحقت الخسائر بين صفوف العدو، حيث أن الجيش الالكتروني "السايبر" الذي أعلنت عنه المقاومة، قد نفذ ضربات الكترونية دقيقة، أصابت أهدافها، وكشفت ظهر الاحتلال، وهو ما يشي أن منظومة المقاومة الالكترونية باتت تمتلك الكثير من الامكانات التي تؤهلها لقيادة المعركة المقبلة تقنيًا، وهو الزرع الذي غرسه القائد "جمعه الطلحة"، والذي بات يغذي شريان فلسطين بالانتصارات.
 
إن التطور الهائل الذي أصبح في ميادين المقاومة متسارعًا بالتزامن مع المتغيرات الدولية والإقليمية، يدفع تجاه أن تكون كافة الفصائل وحدة واحدة، قادرة على قيادة المشروع الوطني الذي يؤمن بالمقاومة، ويدعمها بما يلزم في كل المجالات، باعتبار أن الوحدة الوطنية ومراكمتها وتعزيزها بين أبناء شعبنا باتت تمثل خيارًا استراتيجيًا تشهده ميادين الضفة التي تواجه الاحتلال وتدافع عن المخيمات والمدن وكل محافظاتها، وهو ما جعل الاحتلال يبحث عن حلول مختلفة ضمن محاولاته في تفكيك المجتمع الفلسطيني، حيث يعمل بهذه الرؤية منذ سنوات طويلة، استخدم خلالها العديد من الأساليب والسيناريوهات، لكنه فشل في أن يصل إلى ما كان يفكر به مؤسسي الكيان، ومغتصبو الأرض والهوية.
 
حيث أن الفشل الذي حظي به العدو، يسجل له ضمن اخفاقاته التاريخية منذ احتلاله أرض فلسطين، إذ أن مستويات الترهل باتت تحتل معظم طبقات ومكونات ومركبات الحكومة والمجتمع الصهيوني، ولا يزال الانشقاق قائمًا بين الأحزاب الصهيونية، وما زالت معسكرات اليمين واليسار متناحرة قبيل اجراء الانتخابات المقرره في أول نوفمبر من هذا العام، كذلك ما يُسجل من مواقف من قبل ممثلي المستوطنات الذين يتهمون الجيش بالتراجع أمام المقاومة، وباتوا لا يثقون به، بعد ارتفاع مستوى التوتر في الضفة، وما يتعرضون له من تهديد أمني خلال جولات القتال في قطاع غزة. هذه الحالات والتي تكرس فشل الاحتلال لم تأتي صدفة أو وليدة اللحظة، لكنها انطلقت من بين دماء القادة والشهداء الأبطال، وإصرار المقاومة والالتفاف الشعبي حول خياراتها وقراراتها، وبناء الوحدة العسكرية الوطنية للفصائل والتي تتقدمها كتائب القسام على طريق النصر والتحرير.

البث المباشر