بمجرد أن أعلن جنود الاحتلال عن مواصفات الثائر المقدسي الذي نفذ عملية فدائية على حاجز شعفاط قبل أسبوع، وبأنه "أصلع" الرأس استنفر عدد كبير من شبان المخيم يحلقون شعر رؤوسهم لإرباك الاحتلال والتغطية على الشاب المطارد.
كان المشهد مثيرا للفخر والإعجاب، ليشارك الفعل ذاته شباب الضفة وحتى قطاع غزة تضامنا مع منفذ العملية.
ثقافة الفلسطيني في مراوغة المحتل قديمة، وأخذت أشكالا واسعة حتى وصلت للمقاومة بحلق الرأس بما سمي "صلعة العز".
ووفق الاعلام العبري فإن حلاقة الشبان الفلسطينيين لشعورهم في مخيم شعفاط يُصّعب مهمة الاحتلال في العثور على منفذ عــمــلـــيــة إطلاق النار.
عبر صفحة الفيسبوك كتبت عبد الرحيم الشيخ " من فضائل ثقافة الاشتباك الفلسطينية أنها جعلت للصفر قيمة ثورية، فأبدعت (..) فكانت "لحظة الصفر" ومكان "النقطة الصفر"، وأضافت لها، اليوم في مخيم شعفاط، "الحلاقة على الصفر" كتعبير متقدِّم للسيادة على الرأس-الجسد والأرض والرواية-وحمايته.
وتابع:" أما ثقافة الهزيمة، فاكتفت بالصفر كـ علامة خيبة فأصبحت: صفر السيادة وصفر الإرادة،وأمام عريها السافر، يختار الناس المقاومة من أجل البقاء والحرية".
إعلان الاحتلال عن بحثه عن شاب "اصلع" سرعان ما حول "الصلعة" إلى موضة ، وبات معظم الشباب في شمال شرق القدس المحتلة، حيث مخيم شعفاط من فئة "الصلعان".
خطوة لاقت صدى وتفاعلًا كبيرًا من شباب المخيم بشكل خاص والفلسطينيين بشكل عام على مواقع التواصل الاجتماعي، كونها شكلت حالة تضامن مع منفذ العملية، والعمل على خلق حالة تمويه تصعب عملية اغتياله أو اعتقاله.
تضامن الشعب الفلسطيني مع مقاومته ومحاولة حماية ظهرها ظاهرة ليست جديدة بل هي أسلوب حياة شعب اعتاد على مقاومة المحتل بأبسط الإمكانيات التي يمتلكها.
ومن الأسباب الأخرى التي جعلت الاحتلال يخفق في الوصول إلى مفذ عملية شعفاط هو الاحتضان الشعبي للمنفذ، والعصيان المدني في المخيم، وحالة الثورة والمواجهة المتواصلة، بالإضافة إلى الاكثار من ذكر اسم المنفذ في الاتصالات لتشتيت العدو، وفصل كاميرات المراقبة عن المخيم.
وبالعودة للوراء ولتاريخ التمويه لتصعيب مهمات العدو تجد عبارة "حطة وعقال بخمس قروش والنذل لابس طربوش" حيث شاعت هذه المقولة خلال ثورة عام 1936 التي خاضها الفلاح الفلسطيني ضد قوات الاستعمار البريطاني في فلسطين، عندما أجبرت الثورة رجال المدن في فلسطين على ارتداء الحطة والعقال لحماية رجال الثورة الفلاحين الذين ينفذون عمليات في المدن.
وللتمويه على قوات الاحتلال الإنجليزي الذين كانوا يقومون باعتقال كل من يلبس كوفية بعد كل عملية، ابتدع الناس فكرة أن يلبس الجميع الحطة والعقال للتغطية على من يقومون بالعمليات.
وأصدرت القيادة العامة للثورة الفلسطينية منتصف أغسطس 1938، قراراً وألصقته على جدران شوارع مدينة يافا تطالب فيه جميع السكان بارتداء الكوفية التي كانت غطاء الرأس للقرويين والفلاحين بدلاً من الطربوش الذي كان سائداً آنذاك كغطاء للرأس بين سكان المدينة.
واتخذت القيادة العامة للثورة في حينه إجراءات صارمة بحق كل من يخالف القرار، لتنتشر بعد ذلك الكوفية في جميع المدن والقرى الفلسطينية، ومنذ ذلك التاريخ أصبحت الكوفية رمزاً للنضال الفلسطيني.