منذ القدم المعلم هو القدوة الذي يحتذي به الطلبة، فهو كما الرسول يؤدي رسالة سامية ويعزز القيم الحميدة ويقدم علمه على طبق من ذهب لتلاميذه، ودوما له هيبة واحترام كبير كونه يساهم في صقل شخصيات الصغار حتى يغدون كبارا.
وفي القدم قص علينا الآباء الفلسطينيين لأبنائهم أن كان للمعلم هيبة، تصل إلى أن الطلبة احتراما له لا يسيرون في طريقه، وإن مر بهم يقفون احتراما وتبجيلا.
لكن يبدو في هذه الأيام تبدل الحال، فرغم أن المعلمين الفلسطينيين يتقاضون اجورا لا توفيهم حقهم ما دفعهم إلى تنظيم سلسلة إضرابات واحتجاجات عمت مدن الضفة الغربية المحتلة، تمادى الظلم بحقهم ليسجل حالات اعتداء مستمرة من قبل الطلبة وذويهم.
فلتان في الضفة الغربية المحتلة
في الضفة المحتلة هناك حالة فلتان لدى التعليم، حيث قلة الحزم والسيطرة على الطلبة تكاد تفقد المعلم مكانته، بعد تسجيل حالات اعتداء طالت معلمين حاولوا معاقبة طلابهم على تقصيرهم الدراسي أو مظهرهم وسلوكهم الغير لائق.
ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد بل هناك حالة هجوم متكررة من قبل العائلات على المدارس والاعتداء على المعلمين بالضرب.
يقول سائد ازريقات أمين عام اتحاد المعلمين، "إن ما يجري في المدارس انتهاك واضح بحق المعلمين ولابد من وضع حد له".
وذكر ازريقات للرسالة نت أن حالات الاعتداء على المعلمين في مدارس جنين ونابلس وبيت لحم والخليل متكررة سواء من قبل الطلبة أو الأهالي، مشيرا إلى أن وزارة التعليم يقع العاتق الأكبر عليها في حماية المعلمين ووضع قيود وضوابط للحد من تكرار تلك الحوادث.
ويقول:" نأمل ألا تتكرر تلك الاعتداءات والا يهان المعلم وتحفظ قيمته ومكانته (..) لابد من كل ولي أمر وطالب أن يكون على قدر من المسئولية في التعامل مع المعلمين وعدم تكرار الحوادث التي لاتزال تجري حتى اليوم".
أما عن وجود عناصر شرطة في محيط المدارس، أكد ازريقات أن الدوريات غير متوفرة وهذا ما يشجع الطلبة وذويهم على اقتحام المدارس والتهجم على المعلمين، داعيا الحكومة في الضفة بضرورة توفير الحماية اللازمة للمؤسسات التعليمية.
وقبل أيام قليلة وقعت حادثة في مدارس الضفة حين اقتحمها ذوي طالب وقاموا بتكسيرها والاعتداء على المعلمين فيها، حتى أعلن اتحاد المعلمين الاضراب عن الاضراب الشامل في جميع مدارس بيت لحم بسبب الاعتداءات المتكررة على المعلمين في المدارس، وقرر الاتحاد الاضراب في كافة مدارس الضفة باستثناء القدس بعد الحصة الرابعة.
وطالب الاتحاد الحكومة بأخذ موقف واضح تجاه ما يحدث والتحرك سريعا من أجل وضع حد لـهذا "الانفلات الأخلاقي".
ومن المقرر أن يكون الاضراب الشامل في جميع مدارس الضفة الغربية ومديريات التربية والتعليم، بعد الحصة الرابعة، بينما سيكون الاضراب في مدارس محافظة بيت لحم ومديريات التربية منذ الصباح.
يذكر أنه في الفترة الأخيرة أخذت تتزايد حالات الاعتداء، حيث تم الاعتداء اليوم على معلمين بالضرب المبرح في محافظة بيت لحم وجرى نقلهم إلى المستشفى الأمر الذي لا يمكن أن يمر ولا يمكن السكوت عنه.
وعلق عبر صفحة الفيسبوك عوض شرف من الضفة المحتلة:" لم أكن اعرف سبب اضراب المعلمين اليوم، ظننت انه بسبب اعتداءات المستوطنين والجيش، سمعت في نشرة الأخبار أن الإضراب بسبب اعتداء أهالي على إحدى المدارس، يبدو أن سبب الاعتداء هو ضرب معلم لاحد الطلبة (..)هيك حياتنا، كلها ترقيع فالمشاكل لا تحل من جذورها(..) حلول ترقيعيه، أثرها يبقى واضح".
بدورها قالت وزارة التربية والتعليم إنها تتابع الاعتداءات الاخيرة التي طالت المعلمين والكوادر التعليمية، مؤكدة أنها لن تتنازل عن الحق العام، ولن تتهاون مع أي اعتداء يطال المعلمين.
كما تؤكد الوزارة أنها تتابع مع الجهات الأمنية والقانونية كل ما من شأنه ردع كل من تسول له نفسه المس بهيبة المؤسسة التعليمية، منوهةً إلى أن استسهال البعض التطاول على حرمة المدارس سلوك مدان جملةً وتفصيلاً.
وعلى ما يبدو فإن تكرار حوادث الاعتداء على على الكوادر الإدارية والتدريسية على أعلى المستويات؛ يتطلب اسنادا مجتمعيا لوقف ومنع تكرار مثل هذه الحوادث.