الضفة – خاص بالرسالة نت
بين زوايا المتجر العريض وقف يتأمل أشهى ما يُعرض أمامه، عيناه تبحلقان بالخضرة المصطفة على رفوف حديدية ويداه تتحسس جيوبه وتستمع إلى رنات القطع الحديدية داخلها، ولكن اللافتات التي تعلو كل صنف أجبرته على التراجع خطوتين إلى الخلف، ومن ثم الخروج من المتجر بأكمله ونسيان نزوة الشراء.
شوارع رام الله تحولت إلى معارض للأسعار المرتفعة، فترى التجار يتنافسون في رفعها بدلاً من خفضها، وترى الكثير من الزبائن يُعرضون عن شراء الحاجيات والأغراض الخاصة بهم بعد معاينتها ومعرفة ثمنها الباهظ على جيوبهم المتواضعة.
الخضروات والملابس
أما البداية فمع الخضروات التي لم يخطر ببال أحد أن يرتفع ثمنها بهذا الشكل، فعلى سبيل المثال وصل ثمن كيلو الكوسا إلى تسعة شواقل، فيما يقدر ثمن رأس الزهرة الواحد بسبعة أو ثمانية، ويتحدث المواطنون عن وصول سعر البندورة إلى سبعة أيضاً.
ويقول أحد المواطنين كان يهم بشراء مجموعة من الخضروات لـ"الرسالة نت":" أردت أن أشتري أنواعا مختلفة من الخضروات فوجدت نفسي أعدل عن ذلك وقررت شراء صنفين ضروريين فقط، كل شيء مرتفع الثمن، كل شيء أصابه الغلاء".
أما ثمن كيلو الفول مثلاً فوصل إلى 30 شيقل، وثمن الفاصوليا الخضراء وصل إلى 25 شيقل، وهو الأمر الذي أثار غضب الفلسطينيين وخاصة أهالي مدينة رام الله الذين يعانون من ذلك أكثر من المدن الأخرى.
وتعتبر السيدة سهاد من المدينة أن ارتفاع الأسعار في رام الله يعود إلى طمع التجار بالأهالي الذين يرتفع دخلهم عن دخل المواطنين في المدن الأخرى، وأن هذا الأمر فتح أطماع التجار في الكثير من المنتجات.
وتقول لـ"الرسالة نت" :" مثلاً أنا أردت أن أشتري السجاد من رام الله فوجدت أن سعر القطعة الصغيرة منها يفوق 350 شيقل، بينما يكون سعر القطعة عينها في نابلس أو الخليل لا يتجاوز 150، أي أن التجار يضاعفون الأسعار في رام الله بشكل متعمد".
ومروراً على الملابس التي تمتلئ بها المحال التجارية، فيستغل التجار رفع سعرها خاصة في فصل الشتاء مدعين أنها تركية الصنع تارة أو إيطالية تارة أخرى، فيصل سعر الرداء الشتوي إلى 600 أو 700 شيقل، بينما لا تقل أي قطعة ملابس شتوية عن 150 شيقل.
وفي هذا تقول الطالبة الجامعية فاطمة :" أردت شراء "جاكيت" شتوي فوجدت أنه لا يقل عن 600 شيقل، وأن الأنواع الخفيفة منه لا تقل عن 300 دون أن تؤدي واجبها في التدفئة، وأينما نظرت في السوق لا تقل أسعار الملابس عن 200 أو 150 شيقل".
وكما الملابس فالأحذية الشتوية أيضاً تسودها حمى الغلاء، حيث يصل ثمن الزوج منها إلى 200 شيقل للنساء والرجال، مع إمكانية أن يرتفع بعضها إلى 300 و400، أما "الإيطالية" منها فيصل ثمنها إلى 1000 شيقل أحيانا.
الوقود واللحوم
ومع انتشار حمى الغلاء لم تتوان الجهات المختصة عن رفع تسعيرة المواصلات، حيث زادت بضعة شواقل على الأسعار الأصلية للتنقل بين مدن الضفة.
وعلى سبيل المثال وصلت تسعيرة السفر من رام الله إلى نابلس إلى 17 شيقل على الشخص الواحد، بينما وصلت من رام الله إلى الخليل إلى 27 شيقل على الشخص الواحد.
ويعزو القائمون على المواصلات ارتفاع الأسعار هذا لارتفاع أسعار الوقود، حيث وصل ثمن لتر السولار إلى 6.16 شيقل، بالتزامن مع ارتفاع 47 أغورة للتر، فيما وصل لتر البنزين إلى 6.77 شيقل مع ارتفاع 40 أغورة للتر الواحد، أما أسطوانة الغاز مثلاً فوصلت إلى 70 شيقل.
ووصولاً إلى اللحوم الحمراء التي عادت تخص الأغنياء فقط وفقاً لأقوال أهالي الضفة، فارتفع سعرها أيضاً، حيث وصل ثمن كيلو لحم العجل إلى 62 شيقل، وكيلو لحم الخروف إلى 85 شيقل وفي بعض المحال التجارية إلى 90.
وكذلك الأمر بالنسبة للمواد الغذائية التموينية، حيث وصل سعر كيس السكر إلى 240 شيقل بدلاً من 120، وكيس الأرز إلى 150 بدلاً من 110.
تذمر واستياء
ووسط كل تلك الأسعار الضاربة عنان السماء يشعر أهالي الضفة بالاستياء الشديد، حتى وصل ببعضهم إلى تنظيم مظاهرات وسط رام الله للمطالبة بخفضها أو زيادة رواتب الموظفين.
ويقول المواطن أبو خالد لـ"الرسالة نت":" كلما دخلت المتجر كي أشتري بعض الأغراض البسيطة للعائلة أخرج بمبلغ 70 أو 100 شيقل على الأقل رغم أنني أشتري أغراضاً أساسية لا يصل سعرها إلى 50، الغلاء طال كل شيء وهذا الوضع لا يحتمل".
وطالبت بعض النقابات والمؤسسات والاتحادات بمواجهة سياسة غلاء الأسعار والحد منها، داعية التجار إلى الاطلاع على مآسي المواطنين وعدم المساهمة في نهش لحومهم.
في حين عزا التجار هذا الارتفاع إلى أسباب عالمية ودولية ولا تقتصر فقط على الضفة، في حين قال بعضهم إن السبب هو غلاء الأسعار في "إسرائيل" وبالتالي انعكاس ذلك على السوق الفلسطينية.