خمس سنوات بتمامها وكمالها أخفت فيها المقاومة الفلسطينية الجندي الصهيوني الأسير في غزة جلعاد شاليط، منذ أسره من داخل دبابته وحتى الإفراج عنه في صفقة "وفاء الأحرار" عام 2011م، طيلة هذه السنوات لم يترك الاحتلال وسيلة إلا وسعى من خلالها إلى استعادة شاليط، أو الحصول على أي معلومات تساعد في الوصول إليه، لكن كل محاولاته باءت بالفشل.
رغم قلة الإمكانات وضيق المساحة الجغرافية، إلا أن كتائب القسام تمكنت من الاحتفاظ بالجندي الصهيوني جلعاد شاليط في ظل ظروف أمنية واستخباراتية بالغة التعقيد، حتى تُوّج نجاحها بإتمام صفقة وفاء الأحرار بعد عمل دؤوب استمر لخمس سنوات.
وحدة الظل
عام 2006م، وبأمر مباشر من القائد العام لكتائب القسام محمد الضيف "أبو خالد" تشكّلت وحدة الظل، لتكون مهمتها السرية إخفاء شاليط والاحتفاظ به حياً داخل قطاع غزة وقطع الطريق على الاحتلال في الحصول على أي طرف خيط يمكنه من استعادة شاليط أو التوصل إليه، وتعتبر وحدة الظل اليوم واحدة من أهم الوحدات السرية التابعة لكتائب القسام نظرا لدورها في إخفاء العديد من الأسرى الصهاينة.
وبعد عشر سنوات على تأسيسها وفي يناير عام 2016م كشفت كتائب القسام لأول مرة عن وحدة الظل، بعد نجاحها الكبير في تحقيق تفوق استخباراتي وأمني منقطع النظير على مدار سنوات طويلة.
تأسيس الوحدة جاء لاعتبارات عملياتية في إطار مهمة كسر قيد الأسرى الفلسطينيين في سجون العدو، وهي بضباطها وجنودها بمثابة حلقة مفقودة، ويتمتع عناصرها بالحنكة العالية والخبرة الأمنية والكفاءة القتالية المتميزة.
وكشف نائب القائد العام لكتائب القسام مروان عيسى في أول ظهور إعلامي له وخلال برنامج "ما خفي أعظم" عبر قناة الجزيرة، عن دور الشهيد القائد باسم عيسى قائد لواء غزة في تشكيل الفريق الأول للوحدة، وعن دوره في إخفاء شاليط في الفترة الأولى من عملية الأسر.
فشل متواصل
وطوال سنين عمل الوحدة فشلت كل محاولات الاحتلال الصهيوني بأدواته وأجهزته الاستخبارية كافة في الوصول إلى أي معلومة أو طرف خيط يساعده في الوصول إلى مكان احتجاز جنوده الأسرى.
فكتائب القسام أثبتت التفوق الأمني والاستخباراتي للمقاومة عبر احتفاظها بالجندي جلعاد شاليط وإفشال كل محاولات الاحتلال لمعرفة مكان أسره أو الحصول على أي معلومة عنه، وبعد فشل كل المحاولات الأمنية والاستخباراتية الصهيونية أمام براعة كتائب القسام لجأ الاحتلال إلى الخيارات العسكرية لتحرير الجندي الأسير في غزة أو التخلص منه عبر قتله.
شن الاحتلال عدوانًا متكررًا على قطاع غزة خلال سنوات أسر شاليط بُغية الوصول إليه أو تحريره، وكان أبرزها معركة الفرقان التي شنها في 27 ديسمبر 2008م، وكان الهدف الرئيسي منها هو استعادة شاليط والقضاء على حكم حماس ، لكن في كل مرة كان الفشل حليفه، فدائما كانت كتائب القسام تسبق العدو في خطوة، وأدارت عملية إخفاء شاليط بسرية وحرفية منقطعة النظير.
وظهر جليا فشل العدو في الكشف عن مكان احتجاز الجندي شاليط، بعد أن نشرت كتائب القسام صورًا لللجندي الصهيوني جلعاد شاليط وهو يتنزه في مكان مفتوح، وصورًا أخرى تُظهر احتجازه داخل شقة سكنية، فيما كانت التقديرات الاستخباراتية الصهيونية تشير إلى احتجازه داخل أحد الأنفاق.
وبعد صفقة وفاء الأحرار زادت كتائب القسام من غلتها من الجنود الصهاينة الأسرى، ولا تزال وحدة الظل منذ عام 2014م وإلى يومنا هذا تحتفظ بالأسرى لديها، دون أن يعلم العدو عن مصيرهم شيئا، ويظهر جليًا عجز الاحتلال التام عن التوصل لأي معلومة عن ظروف اعتقالهم أو حتى التأكد من وجودهم قتلى أو على قيد الحياة.
ولا تزال كتائب القسام تُحكم قبضتها على عدد من الجنود الصهاينة، وثابتة على عهدها للأسرى بالحرية القريبة عبر صفقة مشرفة سيخضع فيها الاحتلال لشروط المقاومة كما أرغمته سابقا على الخضوع لشروطها وحررت أسرانا.