في اتصال ورد من أحد المواطنين إلى معدة التحقيق اشتكى من أعطال في "رشاشات" سيارته، ويعتقد أنها بسبب نوعية السولار الذي عبأه من أحد المحطات المشهورة، وبعد أن لجأ لاستشارة عددٍ من ميكانيكيي السيارات أخبروه أن السولار المصري الذي يملأ محطات الوقود في غزة هو الذي يتسبب بأعطال السيارات التي زادت مؤخرا.
شكوى المواطن دفعت "الرسالة" للبحث في الموضوع للوقوف على الأسباب الحقيقية لزيادة أعطال السيارات التي تصيب "الرشاشات" تحديدا.
(إسرائيلي) أو مصري
بدأت "الرسالة" البحث من محطات الوقود، ولاحظت أنها تبيع السولار دون أي دلالة أو ضمان يوضح للسائق نوعية السولار المعبأ، وما دخل إلى سيارته هل هو سولار (إسرائيلي) بالفعل، وهذا ما حدث مع كثير من السائقين.
السائق أبو إياد نطط الذي قابلته معدة التحقيق للحديث عن الأعطال التي أصابت سيارته بسبب الوقود وفق ما أكد له ميكانيكيو سيارات قال: "صاحب محطة "ت.م" أخبرني أن السولار (الإسرائيلي) مقطوع، ولم أملأ سيارتي بالسولار في ذلك اليوم، لأن صاحب المحطة يعرفني جيدا، ويعرف أن سيارتي لا تعمل على السولار المصري، الذي يؤدي إلى خراب "رشاشات السيارة".
ويكمل نطط: "وفي اليوم التالي ذهبت إلى نفس المحطة وملأت السيارة على أساس أن السولار (الإسرائيلي) متوفر، وبعدها بساعات توقفت السيارة عن العمل، ذهبت إلى ميكانيكي سيارات، فأخبرني أن رشاشات السيارة تلفت بسبب السولار وبأنها ليست السيارة الأولى التي تمر عليه في ذلك اليوم وقد ملأت سياراتها بالسولار من نفس المحطة".
والغريب، وفق أبو إياد، أن السولار لا يكون سيئا في كل المرات، وفي ذات المحطة مضيفا: تفاجأنا بأن صاحب المحطة باعنا سولارا مصريا على أنه (إسرائيلي)، وهو يعلم أن السولار المصري يؤدي لتلف في السيارة كما أن مضخات المحطة لا يوجد عليها أي علامة تدل على نوعية السولار.
وأوضح أن العامل في المحطة من المفترض أن يخبر السائقين بنوعية السولار ويترك لهم الخيار قبل أن يزود السيارة، مرجحا أن العامل يستغل جهل سائق السيارة بأضرار السولار المصري.
يكمل أبو إياد الذي يعمل ساق أجرة: "كلفني تصليح أربع رشاشات ألف دولار، عدا عن توقف السيارة عن العمل وقطع رزقي اليومي، وعندما توجهنا لصاحب المحطة لنواجهه بالمشكلة نظف السيارة وملأها بالسولار (الإسرائيلي)، ليخفي آثار ما فعله، ووعدنا بتحمل المسؤولية، خاصة بعدما رأيت أن السولار لونه أحمر، وواضح أنه مغشوش".
توجه نطط لمركز الشرطة وقدم شكوى ضد محطة البترول، وبعد شهرين من المقابلة الأولى عادت "الرسالة" للاطلاع على تطورات القضية فذكر نطط أن قضيته تحولت للنيابة، التي حولتها بدورها للمحكمة، وهو بانتظار البت في القضية والتحقيق مع صاحب المحطة.
أبو إياد توجه كذلك لتقديم شكوى لدى الهيئة العامة للبترول، إلا أنه لم يسمح له بمقابلة أحد في الهيئة.
وحتى كتابة سطور هذا التحقيق لا زالت القضية عالقة في المحاكم دون تحميل المسؤولية لجهة محددة.
ليست الأولى
توجه أبو إياد لأربعة ميكانيكيي سيارات وأكدوا له أن السولار هو سبب عطل السيارة وقد اعترف عمال المحطة أنهم عبأوا له سولارا مصريا ثم أنكروا حينما وصل الأمر للشرطة وفقا لما قاله أبو إياد.
ولمحاولة فهم تأثير السولار المصري على السيارات وهل يسبب فعلا أعطالا تكلف السائقين مبالغ تفوق طاقتهم توجهت معدة التحقيق إلى الميكانيكي هشام مشعل الذي عرض علينا فيديو قام بتصويره لنوعين من السولار، لافتا إلى أن الشخص العادي لا يستطيع التفريق بين السولار المصري والسولار (الإسرائيلي).
ويؤكد مشعل ما تحدث به السائقون بأن السولار المصري مليء بالشوائب، وأغلب محطات غزة تتعامل مع السولار المصري، قائلا: "يوميا تأتيني سيارات تلفت "رشاشاتها" بسبب السولار المصري".
صاحب ورشة: منذ وصول السولار المصري لاحظت زيادة أعطال السيارات
ويلفت مشعل إلى أن السائق إذا لم يكن واعيا فإن المحطة تقوم بتعبئة السيارة دون أن تطرح الخيارات أمامه، ثم إن السولار المصري يباع بنفس سعر (الإسرائيلي) الأنقى، مضيفا: "وقد مر عليّ أنواع سولار مخلوطة بزيت سيارات ومليئة بالشوائب"، متهما بعض أصحاب المحطات بخلط السولار، الذي لا يعلم إذا كان السولار أصلا مصريا أو غير ذلك لكن المؤكد أنه مغشوش ومخلوط بمواد أخرى.
آخر سيارات وصلت لمشعل كانت معبأة بسولار مخلوط بزيت وهو يعتقد أن عملية الخلط والغش قد تمت في غزة، لأن طريقة الغش تختلف في كل مرة عن الأخرى، لأن هناك محطات معينة تأتي منها السيارات في أغلب المرات، ومحطات أخرى نادرا ما تأتي منها قصة غش سولار.
وأشار إلى أن إحدى المحطات أُغلقت من المسؤولين ثم عادت إلى العمل مرة أخرى، معتقدا أن كل المحطات في القطاع قد وقعت في ذات الورطة.
ويعتقد مشعل أن السولار المصري يأتي ردئ من المصدر ودون المواصفات".
وحينما سألناه "هل تقدمت بشكوى حينما شعرت أن هناك غشا في محطة دون الأخرى أجاب بأنه غير معني بإحداث مشاكل وبلبلة لأن أصحاب المحطات يعرفونه، مضيفاً: ثم إن صاحب السيارة المتضررة هو الأحق بتقديم الشكوى!
لا ضمانات
ويذكر مشعل أن المحطات التي تقبل عليها السيارات وتقع في أماكن مزدحمة، يكون السولار أنظف لأنه متجدد، لكن المحطات التي تقع في أماكن منزوية يكون السولار معرضا للتلوث لأن الصهاريج والعبوات لا تنظف باستمرار.
ويلفت مشعل إلى أن أي تلف في السيارات الحديثة يكلف صاحبها مبلغا كبيرا من المال وعرضة لعطل أجزاء مختلفة منها "بلف، رشاشات، ترمبة سولار" وكل تلف لا يقل تصليحه عن 2000 شيكل.
ووفق ميكانيكي السيارات فإن الضرر الناتج عن السولار ممتد لأن صاحب السيارة حينما يشتري قطع غيار لا يأخذ عليها ضمان لأن التجار يعرفون أن السولار غير مضمون، فلا يعطونه قطع غيار بأي ضمانات، ويتوقعون أن تتلف القطع الجديدة فورا بسبب السولار، والسائق أيضا يخاطر في كل مرة بتعبئة السيارة بسولار مجهول المصدر والمكونات، دون أي ضمانات".
ما تفاجأت به معدة التحقيق قول مشعل إنه يستقبل في ورشته خلال اليوم الواحد بمعدل عشر سيارات وكلها قد أتلفت بسبب السولار، وهو ما يشير إلى أن معظم السولار الموجود في غزة مغشوش ولا رقابة على طريقة التعبئة والنقل حسب اعتقاده.
وللمزيد من الشهادات حول القضية توجهت "الرسالة" إلى ميكانيكي يعمل في تصليح السيارات الحديثة منذ عام فقال: "مر علي خلال هذا العام عشرات السيارات الحديثة التي تعرضت لأنواع من الأعطال: "تكتيم بالسيارة، رشاشات، بلف ضغط، ترمبة، وقطع أخرى " وكلها على حد تعبيره قد أتلفت بسبب السولار.
ويضيف: "دون مبالغة في أسبوع واحد وصلت إلى ورشتي حوالي أربعين سيارة دفعة واحدة بسبب السولار المغشوش، ويعتقد أنه مصري لأنه غير نقي، وهذا ما يتلف السيارات بسرعة.
ويؤكد أن كل عملية التعبئة تخضع لصاحب المحطة الذي يستغل جهل المواطن، ولا يخبره بنوعية السولار، مشيرا إلى ضرورة إخبار المواطنين بنوع السولار الموجود في المحطة ويترك لهم الخيار في ظل وجود سيارات لا تتحمل النوع الرديء من السولار.
حماية المستهلك
ولاستكمال حلقات البحث توجهت معدة التحقيق إلى دائرة حماية المستهلك في وزارة الاقتصاد والتقت عبد الفتاح موسى مسؤول حماية المستهلك في الوزارة الذي أكد أنه لا يوجد أي شكوى قد تقدمت لهم في العامين 2021 – 2022، ولكن إذا تقدم أحد بشكوى يجري تحويلها للجهة المسؤولة وهي الهيئة العامة للبترول المسؤولة عن توريد السولار إلى قطاع غزة وهي التي ستتولى الأمر بالتعاون مع وزارة النقل والمواصلات.
حماية المستهلك: هيئة البترول هي الجهة المخولة بمتابعة الشكاوى
وهنا طرحت معدة التحقيق تساؤلا: "إذا كانت الهيئة هي المسؤولة عن توريد البترول بأنواعه إلى القطاع وهي من يتحمل المسؤولية عن نوعية السولار الموجود، فكيف تعطى الحق في التحقيق بشكوى مقدمة من أحد المواطنين؟
ويلفت موسى إلى أن وزارة الاقتصاد مضطرة لذلك بحجة عدم امتلاكها مختبرات متخصصة لفحص السولار.
لم يملك موسى إجابة واضحة حول السبب في أن تكون الهيئة هي المسؤولة عن فحص السولار وجودته وهي من تجلبه بالأساس، دون تعاون مع دائرة حماية المستهلك؟!
ووفق موسى فإن دور دائرة حماية المستهلك رقابي ومختبرات فحص السولار موجودة في هيئة البترول فقط، موضحا أن شكوى وصلتهم قبل أربعة أعوام من سائق على محطة مشهورة خلطت السولار بمواد أخرى وحينها توجهت الحماية لهيئة البترول التي أغلقت المحطة وتعاملت مع الأمر قانونيا بما يضمن حقوق صاحب السيارة.
المواصفات والمقاييس
توجهت "الرسالة" لمؤسسة المواصفات والمقاييس وقابلت مديرها المهندس عماد الحوراني الذي أشار إلى أن مؤسسته تصدر معايير الجودة للجهة الموردة، لكن من يقوم بدور الرقابة على مطابقة هذه المواصفة هي الجهة الحكومية الملتزمة بالإشراف على العمل الميداني، مؤكدا أن الهيئة العامة للبترول هي المسؤولة عن التوريد والإشراف في ذات الوقت.
ويقتصر دور مؤسسته على ما أسماه بالإشراف العلوي واكتفى بالقول: "سألت مدير الهيئة عن مدى التزامهم بأخذ عينات وفحص البترول المورد إلى القطاع قبل إجراء المقابلة مع "الرسالة" وأكدوا التزامهم، مبينا أن مؤسسته مستعدة لاستقبال أي شكاوى من المواطنين، وتقوم على حلها، لكن لا شكاوى وصلتهم في هذا الجانب".
أصحاب المحطات
شركات البترول ذات العلاقة المباشرة بالقضية كان لها رأي مختلف حيث قال رئيس جمعية أصحاب شركات البترول والغاز في قطاع غزة أحمد لبيب الحلو وهو أحد أصحاب المحطات وأحد تجار وموزعي السولار في غزة إن عملية شرائه للسولار من الحكومة تتم بفروقات ربح بسيطة جدا بين السولار (الإسرائيلي) والمصري.
واتهم الحكومة بأنها تريد أن تحقق أكبر قدر من الربح، موضحا أنها تبيع الوقود أصحاب المحطات بسعر مختلف كل شهر عن الآخر لذا لا نعلم ما هو رأس مال المنتج الحقيقي لأن هذا سر من أسرار الهيئة وترفض الإفصاح عنه!
ويضيف الحلو: "لا خيارات لدينا، نحن نريد أن نشتري السولار (الإسرائيلي) لأنه الأجود ولكنه لا يدخل في الشهر سوى مرتين، بمعدل عشرة ملايين لتر سولار مصري مقابل 800 ألف (إسرائيلي).
وعلق على كمية السولار (الإسرائيلي): " هذه كمية تافهة لا تدخل ربح على الحكومة لذلك هي معنية بالربح والربح يأت من السولار المصري لأن رأس ماله أرخص.
وذكر أن السولار المصري يباع لهم حاليا بسعر أغلى من (الإسرائيلي) فالمصري 40 أغورة للتر، والإسرائيلي 32 أغورة للتر، وهذا السعر غير ثابت ويتغير بين الوقت والآخر.
أكد الحلو أن أصحاب المحطات طالبوا بزيادة نسبة دخول السولار (الإسرائيلي) لأنه الأكثر طلبا وجودة لكن هيئة البترول لم تستجب.
ولفت -أحد أصحاب المحطات المشهورة- إلى أنه تحمل أعباء تصليح كثير من السيارات الحديثة وتحمل وزر تهمة تعبئة السولار المغشوش وحده، بينما يرى أن السولار يصل غير مضمون من المصدر ذاته، وأصحاب المحطات غير مخولين بالفحص.
موزع سولار: نشتري السولار ولا نضمن جودته ولا خيارات لدينا
وأكد صاحب المحطة الذي فضل عدم الكشف عن اسمه أنهم طالبوا بالفحص اليومي للسولار داخل المعبر مرارا، وإعادة السولار إلى الجانب المصري في حال ثبوت عدم جودته لكن ذلك لم يحدث ولا مرة.
ويضحك صاحب المحطة معلقا:" نحن جهة محاصرة وحكومة لا تملك حق الرفض أو القبول، والقضية سياسية بالدرجة الأولى، الجانب الأقوى هو الذي يفرض نوعية المواد التي يوردها للجانب الأضعف في أي اتفاقية ربح أو شراء، والحكومة في غزة هدفها الربح بالدرجة الأولى! لا يهم نوعية السولار"
ويقول صاحب المحطة الذي إنه تحدث في الموضوع مرارا دون فائدة وفي كل مرة يتحمل صاحب المحطة المسؤولية من وجهة نظر الحكومة، بينما لا تستطيع هي أن ترفض أو تفحص أو تعيد شاحنات السولار المصري إلى مورديها، حتى أنها لا تعطينا إجابة وافية حول جودة السولار المورد.
ويرى ذات المصدر أن المحطات كلها في غزة يمكن أن تكون متهمة بالغش لأنها تبيع سولار لا تعرف إذا ما كان مغشوشا أو بمواصفات جيدة، لأنها ببساطة لا تملك حق الفحص وليس لديها إمكانيات، كل الأمر من بدايته بيد الهيئة العامة للبترول.
ويقر صاحب المحطة أن هناك محطات تبيع المصري وتدعي أنه (إسرائيلي)، والحكومة لا تتعامل بجدية مع تلك الكذبة ولا عقاب لهذه العملية.
مصدر آخر في جمعية أصحاب محطات الوقود -رفض الكشف عن اسمه خوفا من المساءلة- قال "القصة قصة مصالح تحققها حكومة غزة بالدرجة الأولى، بينها وبين تجار السولار في مصر، وأنا لا أريد أن أتسبب بمشكلة!".
ويتابع: "من المعروف أن رأس مال السولار المصري أرخص من السولار (الإسرائيلي) لأن جودته أقل ومختلط بأنواع أخرى من الزيوت وغير مناسب للسيارات الحديثة ولكن أرباحه بالنسبة للحكومة مضاعفة.
ويلفت المصدر إلى أن عنصر الأريحية في دخول نوعية السولار المصري أكثر من الجانب (الإسرائيلي) ولكن الهيئة العامة للبترول هي التي تحدد كمية ونوعية وسعر السولار الداخل إلى غزة وتفرضه على المستهلك، ويتساءل "كيف يباع البترول بنفس السعر ورأس ماله مختلف وجودته مختلفة أيضا؟".
جمعية أصحاب البترول طالبت بزيادة نسبة دخول السولار (الإسرائيلي) لأنه الأكثر طلبا وجودة لكن هيئة البترول لم تستجب.
كما لا ينكر المصدر أن هناك تلاعبا يمكن أن يتم من خلال المحطات فلا ضمانات للمستهلك على نوعية السولار الذي يستخدمه والأمر مرهون لضمائر أصحاب المحطات، والحكومة على حد تعبيره غير معنية بحل هذه المشكلة من جذورها بل تترك الأمر لأصحاب المحطة.
ولفت إلى أن الجمعية طلبت أن يكون هناك فحص في داخل المعبر للسولار وجودته بشكل دائم وقبل إدخال أي شحنة، سواء كان (إسرائيليا) أو مصريا، لكنه يؤكد أن عملية الفحص تتم بعشوائية.
مصالح مشتركة
"الرسالة" أخذت شكاوى المواطنين واتهامات أصحاب محطات الوقود وواجهت بها إياد الشوربجي مدير عام الإدارة العامة للبترول في غزة الذي أكد أن عمليات الفحص تتم من خلال سحب عينات عشوائية بين الحين والآخر أو كلما اقتضت الحاجة، سواء من الكميات الموردة مباشرة أو الموجودة في السوق طرف المحطات.
هيئة البترول: نفحص كلما اقتضت الحاجة ولا مختبرات مجهزة لدينا
ولكن، ما هو الاتفاق الفعلي على استيراد السولار المصري؟ وهل هناك أوراق موقعة؟ وهل يمكن الاطلاع عليها؟ هل هي مكتوبة ومنشورة ومعلنة؟ هل موجودة على موقع أي جهة رقابية؟ كم هي الكميات وكم هي الأسعار المتفق عليها؟ وهل فعلا صحيح ما يقال إن الأسعار حين تصل للمواطن تكون أعلى؟ كل هذه الأسئلة طرحتها معدة التحقيق على الشوربجي ولكنه رفض الإجابة بحجة أن الاتفاقيات والأسعار هي معلومات سرية لا يمكن الإفصاح عنها أو نقلها للإعلام.
وعن آلية التعامل مع مشاكل المواطن أو ضمان مصلحته أوضح أن الهيئة تستقبل أي شكوى من أصحاب السيارات وتبحث في أي شبهة بوجود سولار مغشوش لدى إحدى المحطات، مُشيراً إلى أن المختبر الموجود لدى الهيئة غير مؤهل بشكل كافٍ، لذا يتم الاستعاضة بفحص العينات لدى المختبرات الخاصة.
وبين أن هناك مساعي مع وزارة الزراعة لاستخدام مختبراتها الأكثر تأهيلاً، وذلك بعد استكمال تجهيزها وتزويدها بالمواد والمستلزمات الضرورية لعملية الفحص.
وذكر الشوربجي أن لديهم آليات متابعة وتفتيش ميدانية وفنية، دائمة على المحطات، تشمل التأكد من جودة المنتج ومطابقته للمواصفات، لكنه أقر أن عدد المرات عشوائي تتم أغلبها بالعين المجردة لعدم وجود مختبرات مجهزة على حد تعبيره.
وحول الفروقات في الأسعار والاتهامات بأن السولار المصري رخيص الثمن من المصدر أكد الشوربجي أنه لا توجد فروقات في السعر بين السولار المصري و(الإسرائيلي) فكلها تشتريها الهيئة بذات الثمن.
محطات الوقود طالبت بفحص يومي للسولار داخل المعبر وإعادة الشحنات في حال التلاعب بالجودة
ولم ينكر دخول كميات مغشوشة في بعض الأحيان، ولكنه وصفها بالاستثناءات، مشيرا إلى أنهم أعادوا عددا من الشاحنات في كثير من المرات حينما اكتشفوا أن السولار المورد تعتريه بعض المشاكل، وذلك من خلال الملاحظة الأولية والفحص البصري على اللون والرائحة وكمية الشوائب.
ولم ينكر الشوربجي أن هناك حالات وشكاوى وأعطال قد أصابت بعض السيارات، التي قد يكون سببها بعض المشاكل في السولار المستورد أو بسبب عمليات الغش والخلط في بعض الأحيان، مؤكدا على أن ما يقارب 80% من السولار الموجود في قطاع غزة هو سولار مصري.
وبين أن حالات الغش تتم سواء كان السولار مصريا أو (إسرائيليا)، إلا أن الاعتقاد السائد لدى المواطنين هو أن الأعطال بسبب السولار المصري ولكن هذا ليس صحيحا في كل المرات.
أصحاب المحطات: الفحص عشوائي ولا استجابة لمطالبنا بالفحص الدوري
وعن الشراكة في عملية اتخاذ القرار فيما يتعلق بتنظيم سوق البترول؛ أوضح أنهم يتخذون الكثير من القرارات باستشارة أصحاب المحطات ومع الجمعية التي تمثلهم – على حد قول الشوربجي.
وفيما يتعلق بقرار تحديد نوعية السولار ومصدره، برر الشوربجي ذلك بأنه يجري وفق رأي الحكومة في غزة، فهي تقيس الأمور – على حد قوله- بما أسماه المصلحة العامة، وهي من وجهة نظره مصلحة شاملة يتم الموازنة خلالها بين مصلحة المواطن ومصلحة القطاع الخاص ومصلحة القطاع الحكومي الخدماتي.
وخلال مشوار التحقيق واجهت "الرسالة" عددا من الإشكاليات المتعلقة بعمل الهيئة إلا أن الشوربجي رفض الحديث مجددا.
ديوان الرقابة
وللحديث عن دور المجلس التشريعي كجهة رقابة تواصلت معدة التحقيق مع النائب يحيى العبادسة من لجنة الرقابة بالمجلس إلا أنه رفض الحديث، وأكد أن التشريعي لم يتسلم أي قضية أو شكوى وبأن المخول في الحديث عن هذا الأمر هي الهيئة العامة للبترول أولا وأخيرا والرقابة يمثلها ديوان الرقابة وليس للتشريعي رأي في هذا الموضوع.
وهنا تواصلنا مع ديوان الرقابة المالية والإدارية وتحدثنا إلى المهندس منير الأغا مدير الإدارة العامة للرقابة على المال والاقتصاد في ديوان الرقابة، الذي تحدث "للرسالة" عن تحويل الهيئة إلى دائرة تعمل تحت لواء وزارة المالية وتتحمل هي بالدرجة الأولى الإشراف على جودة البترول وصلاحيته.
وبين أن هيئته تراقب بشكل دوري بما لا يتعدى مرة واحدة في العام نظرا لقلة الإمكانات وقلة عدد الموظفين العاملين في الديوان والأعباء الكبيرة على عمل الديوان، على حد قوله.
وقد أخبر الأغا معدة التحقيق أن آخر التقارير التي كتبت لتقييم عمل الإدارة العامة للبترول كان في عام 2018، لافتا إلى أن موضوع الفحص لا يتم بالشكل المطلوب، بل هو بدائي جزئي لعدم وجود مختبر متكامل لفحص مدى جودة الوقود.
الرقابة المالية والإدارية: نتدخل في الحالات الطارئة
الوضع القائم لا يمنع من تدخل الديوان في الحالات الطارئة أو وصول شكاوى على أي جهة، على حد قول الأغا، الذي يرى أن شكاوى المواطنين هي التي تؤكد وجود مشكلة، مضيفا: "لم تقدم لنا شكاوى من المواطنين أو أصحاب السيارات".
يقتصر عمل الديوان على المشاركة في ورشات عمل وكتابة توصيات والإشراف السنوي فقط على عمل الإدارة العامة للبترول
وعن توحيد أسعار السولار يقول الأغا: "أسعار البترول بعد الحرب الأوكرانية أصبحت متقاربة بين السولار المصري و(الإسرائيلي) يباع بنفس السعر مع فروقات بسيطة و الفروقات يضاف إليها موضوع الشحن والتعبئة".
والسؤال الذي يطرح نفسه: "لماذا علينا أن نستورد المصري طالما أن (الإسرائيلي) لا يختلف عنه في السعر؟" أجاب الأغا بأن ضرائب السولار المصري تذهب إلى خزينة الحكومة في غزة، بينما تذهب ضريبة السولار (الإسرائيلي) إلى خزينة الحكومة في رام الله، مضيفا: "الحكومة تريد أن تخدم مصلحتها وتستفيد وتسد الثغرات المالية الناتجة عن الحصار".
وعن التوازن بين المستهلك والحكومة وأصحاب المحطات يلفت الأغا إلى أن السولار (الإسرائيلي) المورد إلى غزة لا يكون بنفس جودة السولار الذي يباع في الداخل المحتل، لأن الجميع يصب بضاعته في غزة، التي ليس لديها إمكانيات الفحص، و(إسرائيل) تمنع أصلا دعم تجهيز مختبر لفحص جودة البضائع التي تدخل للقطاع، حتى يتسنى للجميع إدخال أي بضاعة وبأي مواصفات ودون ضمانات.
محاولة البحث عن إجابات كافية ووافية دفعت "الرسالة" للمزيد من البحث فتواصلت مع رئيس المكتب الإعلامي الحكومي سلامة معروف للحديث عن دورهم الرقابي في القضية إلا أنه أكد أن الدور الأساسي في هذه القضية هو مسؤولية الهيئة العامة للبترول، وهم لا علاقة لهم بالملف.
وينص مشروع قانون حماية المستهلك المقدم من مجلس الوزراء، وبناءً على ما أقره المجلس التشريعي في جلسته المنعقدة في السابع والعشرين من أكتوبر لعام 2005، على حماية وضمان حقوق المستهلك بما يكفل له عدم التعرض لأية مخاطر صحية أو غبن أو خسائر اقتصادية، وعلى توفير السلع والخدمات ومنع الاستغلال والتلاعب في الأسعار.
وفي قضية مثل قضية توريد السولار وضمان جودته وفحصه تتولى الهيئة العامة للبترول كل المسؤولية، مسؤولية الفحص، والتوريد، والأسعار والرقابة، رغم أنها الجهة الموردة، دون أن يكون هناك دور رقابي على عملها، وهكذا يضل السؤال مفتوحا: من يراقب طريقة توريد الهيئة للمحروقات، وفحصها الدوري؟
في المقابل من يضمن حق المواطن في الحصول على المعلومات اللازمة، أو حتى تكاليف تصليح سيارته التي تلفت بسبب سولار غير صالح للاستخدام، وماهي الضمانات لحقه في الوصول إلى سلعة مناسبة كما وكيفا؟