قائد الطوفان قائد الطوفان

طائرات الاستطلاع في غزة.. المخاطر المحتملة

أحمد أبو زهري

كثف العدو الإسرائيلي من جهده "الأمني والاستخباري" تجاه قطاع غزة في الآونة الأخيرة عبر مختلف الأدوات والوسائل التي تنوعت ما بين (الكادر البشري، والأنظمة والبرامج والتقنيات، وطائرات الاستطلاع)، التي سخرت جميعها لجمع المعلومات والمتابعة الدقيقة لما يجري في قطاع غزة، وأهداف أخرى يريدها العدو الإسرائيلي، وقد لوحظ نشاط لافت وغير اعتيادي لطائرات الاستطلاع في أجواء القطاع، التي تغطي كل المناطق وتنخفض في مستويات قريبة، ويظهر جزء منها من خلال المتابعة أنها جاهزة لتنفيذ "عمليات هجومية"، الأمر الذي يشير إلى أن الاحتلال في حالة استعداد لأي طارئ يحدث في قطاع غزة، سواء كان ذلك تحسبًا لهجمات تنطلق من القطاع، أو ارتباط الأمر برغبة إسرائيلية لتوجيه هجمات مركزة لأهداف ساخنة لها علاقة بأي تطورات في الضفة والقدس.

يأتي ذلك في ظل وضع "خطير ومتفجر" تعيشه الضفة الغربية والقدس، فمن ناحية تتصاعد العمليات الفدائية ضد الجنود والمستوطنين بشكل مستمر ودون توقف، والتي خلفت قتلى وجرحى في صفوف العدو في عمليات قوية ونوعية تنوعت ما بين" الدهس، والطعن، وإطلاق النار"، وتطورت إلى نشوء خلايا منظمة ومجموعات مسلحة، منها: "عرين الأسود، وأسود الحق، وكتيبة جنين"، والتي انتشرت من الشمال حتى جنوب الضفة الغربية وضمت في صفوفها عدد كبير من المسلحين  وحظيت بدعم وتأييد واحتضان شعبي واسع النطاق، ومن جانب آخر يكثف العدو من هجماته ويصعد عدوانه في الضفة والقدس سواء كان ذلك من خلال الاقتحامات والاعتداءات في القدس والأقصى أو الاقتحامات والتوغلات واجتياح مناطق الضفة لاعتقال أو اغتيال كوادر ونشطاء المقاومة.

هذا الوضع في الضفة والقدس جعل العدو الإسرائيلي في حالة قلق دائم لاعتبارات مختلفة؛ 1- خشية من توسع نشاط المسلحين وازدياد وتيرة العمليات، 2- الخوف من أن يؤدي تصاعد العمليات لتفجر انتفاضة عارمة تجتاح كل مناطق الضفة الغربية، 3- الخشية من تشكل معادلة جديدة وتآكل مستويات الردع الإسرائيلي، 4- القلق من أن يؤدي تصاعد العمل المسلح لتقويض مكانة السلطة وتراجع حضورها ونفوذها، وهذا بدوره سيخلق بيئة معقدة وصعبة في وجه الجيش ويجعله أمام تحديات غير مسبوقة ويفرز (بيئة ملتهبة) وأكثر سخونة على غرار ساحة أو جبهة غزة، والتي أصبحت أكثر المناطق تهديدًا للاحتلال وفشل العدو في ردعها أو تغيير واقعها بشتى الطرق.

ويوجه الاحتلال دومًا أصابع الاتهام لفصائل المقاومة في غزة وفي كثير من الأحيان لكوادر بعينها ويحملها المسؤولية المباشرة عما يجري في الضفة والقدس تحديدًا العمليات المسلحة، ويرسل إشارات في أكثر من مرة أنه قد يستهدف من يقفون خلف العمليات، في إشارة لهؤلاء ويهدد بأن من يحاول المساس بأمنه ويعرض مواطنيه للخطر سيدفع الثمن، ويتوعد بشكل مباشر بأنه لن يتردد في توجيه عملية عسكرية ضد غزة إذا لزم الأمر، إذ لا يمكن اعتبار ذلك مجرد تصريحات أو سباق صحفي أو استهلاك إعلامي حتى وإن كان جزء منه كذلك، فالتجارب مع العدو أثبتت أنه هدد شخصيات بعينها وسلط الضوء عليها في إعلامه ثم بادر لاغتيالها في قلب غزة، وفي مواقف متعددة سبق بعض العمليات العسكرية العدوانية تهديدات مباشرة على لسان قيادات سياسية وأمنية صهيونية.

لذلك من الضروري الانتباه جيدًا ورفع مستوى الاستعداد في قطاع غزة حتى وإن كانت هناك نية لدى الفصائل بالمحافظة على الهدوء وتفادي الدخول في أي جولة من القتال نظرًا لأهمية "الإعداد ومراكمة القوة" في هذه المرحلة، لأن العدو قد يبادر ويخالف كل التقديرات والتوقعات و"يهرب إلى الأمام" وينقل المعركة إلى قطاع غزة في لحظة ما تنعدم فيها الخيارات سوى ضرب قطاع غزة، وهذا مرهون بتطور الأحداث في الضفة والقدس، إذ يكفي أن يتعرض العدو لعملية كبيرة تؤدي لخسائر غير مسبوقة في صفوف الجنود والمستوطنين في الضفة أو القدس ليشكل حافزا ودافعا قويا لتوجيه ضربة مباغتة للقطاع والدخول في جولة جديدة من القتال.

البث المباشر