أصدر محمود عباس المنتهية ولايته كرئيس للسلطة الفلسطينية قراراً يجبر كل من خرج من قطاع غزة بعد الحسم العسكري الذي قامت به كتائب العز القسامية في صيف 2007م ، ولم يكن له مشكلة مع حماس يجبره أن يعود إلى القطاع ، وإلا فسوف يقطع راتبه الذي يتقاضاه على خلفية عمله في أي وزارة من وزارات السلطة السابقة .
وهذا اعتراف ضمني بل صريح أن هناك نفراً من حركة التحرير الفلسطينية فتح كان لهم مشاكل مع حركة المقاومة الإسلامية حماس .
بغض النظر عن هذه المشاكل ، ولا أدري لم ترك هؤلاء أهليهم ووطنهم لو لم يكن لهم مشاكل مع حركة المقاومة الإسلامية حماس .
ثم هل يعقل أن يغادر الإنسان أهله وموطنه إلا لعمل – شائن أم غير شائن - أو علم .
وهذا العمل الذي من أجله هرب الهاربون ، لولا أنه مشين لما خرج أولئك من قطاعنا الحبيب ، ولَما دفعت لهم رواتبهم وهم خارج الوطن ، دون أن يقوموا بأي عمل يخدم شعبهم أو يعود على وطنهم بأي خير .
ثم لماذا يعودون الآن ، وليس هناك أي تنسيق مع من هربوا منهم ، المقاومين لأعداء الله والوطن والإنسانية ؟!! وهل سيعودون لينضموا إلى آلاف المستنكفين عن العمل المنوط بهم ، وبناء عليه يتقاضون مرتبات رغم عدم قيامهم بما ينفع أنفسهم ولا أولادهم ولا شعبهم .
هل حصلت مصالحة تراجعت فيها أيها المقرر لعودة أولئك الهاربين من وجه العدالة ، تراجعت فيها عن اعتقالك للحرائر والمقاومين من أبناء حركة المقاومة حماس ومناصريها؟ ألا تعلم بأن آلافاً من أولئك الذين هربوا من وجه العدالة لما لهم من إجرام في حق من ظلموهم بطراً وظلماً وعلواً وفساداً ، يعملون في بلاد عربية وأخرى غير عربية ويتقاضون مرتبات غير ما يتقاضونه من خزينة السلطة التي تئن بالعجز ، وتتسول للإنفاق على من لا ينفع نفسه فضلاً عن غيره بشيء ولو كان قطميراً .
وأولئك مضى على بعضهم ثلاث سنوات ، وآخرين سنتين ، والقليل منهم سنة واحدة أو أكثر أو أقل ، فهلا أصدرت مرسوماً أو قراراً بمحاسبة كل من ثبت عمله في أي عمل في أي دولة ، وتقاضى من جراء ذلك مرتباً ، فأصبح مرتبه مضاعفاً في حين البطالة ضربت أطنابها بين أبناء شعبنا في الضفة الغربية العزيزة ، كما في قطاعنا الحبيب ، والذي يعذرنا فيه غيرنا لأننا في حصار يشارك فيه الأقربون والأبعدون كما يشارك فيه الأعداء .
ألا تعلم يا من تصدر قرارات ليس لها وزن ولا اعتبار عندنا في القطاع إلا ما كان منها لتشديد الحصار كما كان من توقيع سلطتك وزبانيتك على اتفاق مع الكيان الصهيوني لإغلاق معبر كارني ، وما ذاك إلا مشاركة في الحصار وتشديداً له على شعبك المنكوب بك وبمن تقرر أنهم سيعودون وإلا تخلصت من رواتبهم .
كنا نتمنى أن يكون لك رجعة إلى وعيك – إن كان هناك بقية من وعي – فترفع الظلم عن كل من قطعت راتبه لأنه لم يمتنع عن القيام بواجبه تجاه شعبه ، فتعيد إليه ما جعله القانون الأساس في السلطة التي انتهت ولايتك عليها حقاً ، ولا منة منك ولا من غيرك .
كنا نتمنى أن يصدر قرار بالإفراج عن المعتقلين كلهم أو المعتقلين السياسيين على أقل تقدير ، لترفع عن كاهلك تهمة التآمر على المختطفين والذين أضربوا عن الطعام لأكثر من أربعين يوماً ، حتى وصلوا إلى حافة الهلاك ، فقد أيقن القاصي والداني أنك ما عدت تعرف ما ينفعك مما يضرك ، لا في السياسة ولا في الاقتصاد ولا في غيرهما.
وهل تظن أن خروج أحد ناعقيك ليعلن أمام وسائل الإعلام أن رئيس المجلس التشريعي الأخ الدكتور عزيز دويك ، والأخ الدكتور عمر عبد الرازق يتحملان مسئولية اعتقال المختطفين على يد من يحمونك في الضفة الغربية ، كاذباً عليهم أنهم استعدا بحماية المختطفين المفرج عنهم من سجون سلطتك وأجهزتك ؟!!! وهل تركت في يد أحد من رموز حماس أو أبناء حماس ما يقاوم به الأعداء فضلاً عن حماية هؤلاء الرجال الذين كدت لهم كيداً ؟!!! وكيف سيحمونهم وأنتم الذين في أيديكم الأسلحة وتمنعون أحداً يحمل سلاحاً حتى للدفاع عن نفسه .
ثم أين كانت أسلحتكم عندما جاء يهود ليختطفوا هؤلاء الرجال ؟ ثم لماذا اختطفتموهم ؟ أليس لما فيه مصلحة السجان الذي يسجنك وشعبك ؟! أليس لتؤمنهم من بطش كل من يريد مقاومتهم وإخراجهم من القدس المقدسة ، والضفة المعززة ؟! كنا نتمنى أن يخرج عنك قرار تستطيع أن تمضيه على أجهزة أمنك بالإفراج عن المعتقلين رداً على فعلة يهود بهدم بيت الإمام مفتي فلسطين الحاج أمين الحسيني رحمه الله تعالى ، وهو فندق شيبرد والمقام في حي الشيخ جراح شرق مدينة القدس العريقة منذ 1920م ، قبل إنشاء دولة المسخ الصهيونية ، والذي يعتبر أحد الصروح الفلسطينية البارزة خلال القرن الماضي ، إلا إذا كنت لم تسمع بذلك أو لا تعتبره رمزاً وطنياً .
نحن متأكدون أنك ما عدت تحكم على نفسك فضلاً عن أجهزتك التي ترفض كل قرار حتى ولن كان من محكمة العدل العليا بالإفراج عن المعتقلين المختطفين في سجون أجهزتك الأمنية ، فكم من قرار من محكمة العدل العليا بالإفراج عن المعتقلين السياسيين رفضت تنفيذه أجهزتك الأمنية ، والتي لا تأتمر بأمرك ، بل تأتمر بأمر الجنرال الأمريكي مولر خليفة الجنرال الأمريكي دايتون ، وأما أنت فليس لك من الأمر شيء . وإلا فها هي محكمة العدل العليا أصدرت قراراً بالإفراج عن المعلمة الداعية تمام أبو السعود والجهاز المختطف يرفض .
فإذا كان قرارك لا ينفذ في الضفة الغربية ، فكيف سينفذ في قطاع غزة الحبيب والذي ليس لك عليه سلطان إلا في الحصار وتشديده وقطع الرواتب ؟! فقد جعلت نفسك كمن خاطبه رب العزة والجلال بقوله سبحانه وتعالى : (إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ) (الحجر:42) وقد ثبت بالدليل القاطع أن الذين اتبعوك من الغاوين ليس لك عليهم سلطان أيضاً .