فضحت وثائق التحقيق المُسربة في اغتيال الرئيس الراحل ياسر عرفات، تستر بعض قيادات السلطة على الجريمة والمشاركة فيها من خلال ترك الرئيس أبو عمار وحيدا أثناء حصار الاحتلال له في مقر المقاطعة.
وبحسب الوثيقة التي تضمنت إفادة اللواء محمود عبد القادر أبو عدوي، عضو المجلس العسكري الأعلى في منظمة التحرير وعضو المجلس الوطني، الذي تم الاستماع لشهادته أمام لجنة التحقيق بوفاة ياسر عرفات، بتاريخ السابع من يوليو 2013، فإن عرفات ترك وحيدا بلا حراسة بمقر المقاطعة.
ويُجيب أبو عدوي بإفادته عن سؤال من سمم عرفات؟ بالقول إن (إسرائيل) أعطت السم لمن هم حول أبو عمار وأنا في وقتها سمعت أن شارون أقنع الطرف السياسي المعارض في فتح بالتخلص من أبو عمار مقابل دولة.
وتابع: "على هذا الأساس اجتمع كل من أبو مازن، وزهير مناصرة، ونبيل عمرو، وحكمت زيد، السكسك في بناية العار".
وكان بسام أبو شريف المستشار السياسي السابق للرئيس الراحل ياسر عرفات، قد كشف عن مؤامرة حدثت بين رئيس السلطة محمود عباس وواشنطن، لنزع صلاحيات عرفات.
واتهم أبو شريف -في تصريح سابق لـ "الرسالة"- عباس بـ "التآمر على الرئيس عرفات واغتياله وتصفيته جسديا"، مبينا أن عباس اجتمع عدة مرات مع شارون وموفاز، وقال لهما: "إن عرفات العقبة أمام السلام".
وأضاف: "عباس قال لشارون في اجتماع سريّ اطلع عرفات على محضره، "لا نريد أن نصفيه الآن، دعونا نعمل لأخذ صلاحياته السياسية والأمنية".
وتابع، "عرفات كان يصف عباس بـ "كرزاي فلسطين"، وكان يدرك أنه جزء من مؤامرة تحاك ضده".
وأكد أن التسريبات والوثائق التي نشرت حول التحقيقات باغتيال عرفات صحيحة، "وعباس تآمر عليه بشكل مباشر ورئيسي وقدّم نفسه للأمريكي بأنه المنقذ".
ولفت إلى أن الرئيس عرفات أسرّ إليه قبل وفاته بأيام بقوله "خانوني يا بسام خانوني، دخلولي من مطبخي ولم يعد رجال حولي".
ويؤكد الكاتب والمحلل السياسي طلال عوكل، أن ما ظهر وتكشّف يفضح وجود تواطؤ حقيقي ضد الرئيس الراحل ياسر عرفات، الذي كان حذرا طوال فترة حياته وتعرض لأكثر من محاولة اغتيال سابقة واستطاع النجاة منها.
ويوضح عوكل في حديثه لـ "الرسالة" أن كافة المحاولات اجتمعت وتهيأ الظرف في حينه لاغتيال أبو عمار، مبينا أن أبو عمار شعر في ذلك الحين بالخذلان والمؤامرة التي كانت تُحاك ضده ممن حوله في ظل الخلافات الداخلية، ومن رئيس وزراء الاحتلال في حينه ارئيل شارون والقمة العربية وكانت المقدمة في حصاره.
ويبين أن هناك تكاسلا وحسابات تنظيمية تؤخر الإعلان عن نتائج التحقيق وكشفه للجمهور الفلسطيني.
ويرى الكاتب والمحلل السياسي عبد الله العقاد، أن كل ما خرج من تسريبات لوثائق ومحاضر رسمية تم التحقق منها، مبينا أن عرفات قبل اغتياله، لم يكن يستطيع تولي الحراسات ممن حوله وتم تصفية صلاحياته قبل اغتياله من الطبقة السياسية التي حوله.
ويضيف العقاد في حديثه لـ "الرسالة": جرى تجريد أبو عمار من كل الصلاحيات ممن حوله وترك وحيدا، وكان ذلك مقدمة لقرار إنهاء حياته.
ووفق العقاد فإن الوثائق كشفت عن طرح محمد بن جاسم فكرة ترحيل أبو عمار ولكن اتخذ قرار بالتصفية وتمت التصفية من خلال السم.
ويؤكد أن الحقائق يجري طمسها ووضع الباطون على قبره دليل على طمس الأدلة والبراهين من الطبقة السياسية التي استفادت من تغييبه واغتياله.
ويبين أن كل الشواهد تتقاطع حول أن أبو مازن لم يكن جادا في الكشف عن الجناة وهو ما أثبتته الوثائق المُسربة، لافتا إلى أن تصفية أبو عمار جاءت بعد وصوله لقناعة تامة بفشل اتفاق أوسلو.