مثّلت معركة حجارة السجيل التي خاضتها المقاومة الفلسطينية، عقب اغتيال قائد أركانها أحمد الجعبري، محطة فارقة في الصراع مع الاحتلال (الإسرائيلي) بعد أن دكت صواريخ المقاومة لأول مرة مدينة "تل أبيب" المحتلة وهو أبعد مدى وصلت إليه في ذلك الحين.
ولم تدرك قيادة الاحتلال أن الاقدام على عملية اغتيال قائد المقاومة، سيتحول إلى وبال على رأس كيانها ويهز المدينة التي تعتبرها العاصمة ولا تجرؤ أي دولة على ضربها، لتفرض هذه المعركة بعد أسبوع على بدئها قواعد اشتباك جديدة مستمرة حتى يومنا هذا.
نجحت المعركة في بدايتها بتوجيه صدمة للاحتلال بعد تحقيق عنصر المفاجأة وسقوط صواريخ المقاومة لأول مرة على مدينة تل أبيب، إلى جانب الكثافة النارية التي استخدمتها المقاومة لأول مرة بلغت ألفا وخمسمائة وثلاث وسبعين (1573) هجمة صاروخية، بمعدل نحو مائتي (200) قذيفة صاروخية يومياً، شملت صواريخ M75 وصواريخ فجر5، وصواريخ غراد، وصواريخ قسام، وقذائف هاون، وغيرها.
وبحسب موقع كتائب القسام فإنه قتل خلال المعركة 19 صهيونياً بينهم 9 جنود وأصيب 653 آخرون، بالإضافة إلى حدوث أضرار كبيرة في أكثر من 718 مبنى ومصنع وتدمير وإحراق نحو 240 سيارة وتضرر 30 من المرافق والمؤسسات الزراعية، فيما تكبد الاقتصاد "خسائر تُقدر بـ 3 مليارات شيقل.
**** أسست لقضيتين
ويرى الكاتب والمحلل السياسي سليمان أبو ستة، أن المقاومة الفلسطينية ومن خلال هذه المعركة أكدت على قضيتين في غاية الأهمية، أبرزهما قدرتها المتسارعة على تطوير قدراتها العسكرية وضرب عمق الكيان الصهيوني ومفاجأته.
ويوضح أبو ستة في حديثه لـ "الرسالة" أن القضية الثانية هي ترسيخ معادلة جديدة بأن عملية اغتيال أي من قادة المقاومة سيفتح على الاحتلال باب جهنم ويجر إلى معركة جديدة لا يتوقعها جيش الاحتلال كيف ستبدأ وأين ستنتهي.
ويبين أن المعركة التي جاءت بعد حرب الفرقان، شكلت نقطة تقدم وصعود كبير للمقاومة التي استخلصت العبر والدروس من الحرب التي سبقت حجارة السجيل.
ويشير إلى أن قوة وسرعة تسلح المقاومة بصواريخ وأسلحة نوعية، أحدث فارقا في الصراع مع الاحتلال وجعله يحسب ألف حساب لخوض أي معركة جديدة مع المقاومة.
ويؤكد الكاتب والمحلل السياسي شرحبيل الغريب، أن المعركة خلقت معالم جديدة في طبيعة الصراع مع الاحتلال، ونجاحها في مراكمة القوة العسكرية التي كشفت عنها لأول مرة في هذه المعركة.
ويضيف الغريب أن تنامي قدرات المقاومة اليوم في تصاعد واضح أسست له معركة حجارة السجيل، من خلال استعادة القدرات والإمكانيات وحجم التأثير وأوراق القوة التي تمتلكها المقاومة على صعيد المعادلات التي فرضتها، وأبرزها استجداء الاحتلال لاستمرار الهدوء وتجنب المواجهات الكبيرة والمفتوحة.
ويشير إلى أن هناك حالة من قواعد الرعب والردع نجحت المقاومة في فرضها وما شكلته من نقطة انطلاق نحو أن تكون "تل أبيب" مثلها مثل مستوطنات غلاف غزة وكسر هيبة الاحتلال على أعتاب قطاع غزة.
ويلفت إلى أن الإنجازات التي حققتها المقاومة جاءت امتدادا لتلك المعركة بعد أن باتت المقاومة اليوم قوية متماسكة ومتطورة والاحتلال يحسب لها حسابات تختلف عما كان قبل سنوات.