أطاحت حركة فتح بجلّ المناصب التي أنيطت بتوفيق الطيراوي في مركزية الحركة، تحديدا ملفاته الرئيسية الثلاثة "جامعة الاستقلال، لجنة التحقيق بوفاة عرفات، مفوضية شؤون المنظمات الشعبية"، بعدما سحبت منه امتيازاته الأمنية والشخصية على خلفية الصراع الذي نشب بعيد تسريباته ضد حسين الشيخ.
عملية التجريد مرّت بمراحل متعددة، بدأها عباس بمرسوم رئاسي أطاح بموجبه بموقع الطيراوي من جامعة الاستقلال، ثم تلاه دفع الطيراوي لتجميد عضويته في مركزية الحركة، بعد اتفاق توصل إليه مع نائب رئيس الحركة محمود العالول، عوضا عن محاكمته.
لكنّ الأمر لم يتوقف هنا، استمرت الخطوات تباعا عبر تجريده من مسؤوليته في المنظمات الشعبية وإسنادها لزميله محمد المدني، الذي يتولى مسؤولية لجنة التواصل مع المجتمع (الإسرائيلي).
المنظمات الشعبية أحد أهم الملفات التي أسندت للطيراوي، وجهت عبرها اتهامات له بالتقصير في نتائج الانتخابات الطلابية والنقابية والمحلية التي جرت مؤخرا في المحافظات الشمالية، وكان نصيب فتح فيها خسارة كبيرة.
حاول الطيراوي آنذاك الاستعاضة عن إخفاقه بتوجيه اتهامات لخصم تنظيمه السياسي، ممثلة بحركة حماس وتوجيه تهديدات لها، لكنّ الأمر لم يسعفه كثيرا حتى ظهرت قضية التسريبات التي أقرّ بها أخيرا، وقال "حسين الشيخ له حق عندي".
منير الجاغوب، رئيس المكتب الإعلامي بمفوضية التعبئة والتنظيم بحركة فتح، حسم لـ"الرسالة نت" حقيقة هذه التنقلات، مشيرا إلى أن الطيراوي تنازل عن غالبية ملفاته المناط بها، بما في ذلك المنظمات الشعبية التي أنيطت بالمدني.
كل ذلك ترافق مع تسريبات خاصة بـ"الرسالة نت" حول نيّة الجهات الحكومية والقضائية في الضفة بوضع ملف خاص لمحاكمة الطيراوي بينها ملفات جنائية.
تسريبات أقرّ بصحتها رئيس مجلس القضاء الأعلى السابق في رام الله د. سامي صرصور، وهو واحد ممن أطاح بهم الطيراوي بطرق غير قانونية، مؤكدا أن هناك ملفا جاهزا لمحاكمة الطيراوي، لكن لم يبتّ في توجيهه للمحكمة.
وعند البحث عن التفاصيل، كشفت مصادر في مركزية الحركة، عن ملف كامل يجري تجهيزه تنظيميا وحركيا ضد الطيراوي، إلى جانب ملفات مالية تتعلق بأوضاع جامعة الاستقلال وأخرى إدارية، كما تتضمن ملفات سرية أخرى حول الطيراوي.
تشير المصادر إلى أنّ هذه الملفات باتت تقترب من الانتهاء وسيجري عرضها للجنة تحقيق خاصة ستشكل، إذ تستبعد المصادر توجيهها للقضاء العسكري أو المدني لخصوصية هذه الملفات، لكنّها ستحال بلا شك لتحقيق خاص حولها.
حرب التسريبات!
أما قضية التسريب التي تقتنع أوساط مركزية الحركة، بأن الطيراوي يقف خلفها، بعد تسريبات صوتية تورط بها مدير مكتبه الذي هاجر للخارج.
تكشف مصادر فتح للمرّة الأولى عن صراع التسريبات لـ"الرسالة نت" إذ تشير إلى صراعات عائلية للطيراوي، إلى جانب هروب مدير مكتبه ووقوفه بجوار بعض أبناء عائلة الطيراوي في تسريب تسجيلات حسين الشيخ.
خطوة تقدّر المصادر الفتحاوية أن تسريبات لجنة التحقيق جاءت ردا عليها، بعد اعتقاد الطيراوي بوقوف حسين الشيخ وماجد فرج، خلف تحريض وتجنيد مدير مكتبه وبعض أقاربه ضده.
التسريبات التي خرجت للطيراوي ضد حسين الشيخ، تقدر المصادر عمرها الزمني بأكثر من عامين.. لكنّ نشرها بشكل موسع وكبير وبما تحتويه من معلومات خطيرة، فهي بحسب المصادر تركزت خلال الأشهر الماضية، بُعيد خروج مدير مكتبه السابق.
لم يتسنّ للرسالة التواصل مع عائلة الطيراوي، كما أنه يرفض الإجابة عن حقيقة هذه التسريبات، ويتعامل على أن الاحتلال وعملاءه -كما يظهر في مرة بتصريحاته- هي الجهات التي تقف خلف التسريبات.
في كل الأحوال، حسمت مركزية فتح قرارها في اجتماع عقدته قبل أيام في رام الله، بتشكيل لجنة أمنية خاصة تضم مجموعة من الأجهزة الأمنية؛ للتحقيق في كيفية تسريب هذه الأوراق.
كما أنّ توجيها مبطنا وصل للطيراوي عبر محمود العالول وعزام الأحمد، يحمل تهديدا حول ضرورة التوقف عن عملية التسريب التي تقدرّ بـ350 عملية استجواب جرت في مجملها توجه أصابع الاتهام لمحمود عباس بالوقوف خلف اغتيال عرفات سياسيا.
وتؤكد المصادر أنّ محاكمة الطيراوي مسألة وقت، وقد تدفع بها تسارع الأحداث في ظل احتدام الصراعات الداخلية بين أعضاء الخلية الأولى بالحركة حول من يرث الرئيس؟! صراع يحرق أشرعة مركب يخشى الجميع بأن يغرقّ!