قائد الطوفان قائد الطوفان

الدفاع المدني.. محاولة للحياة في ظل واقع متهالك

الرسالة نت-رشا فرحات

في كل عدوان على قطاع غزة كانت طواقم الدفاع المدني تشكل -عبر خمسة عشر عاما من الحصار- درعا منيعا يقاوم وينتشل ويطفئ النيران في أحلك الظروف، دون أن يعرضوا إمكاناتهم ولا بطولاتهم عبر شبكات التواصل، فيخرجون من تحت الأنقاض والبنايات التي دمرتها صواريخ الاحتلال، للعمل من جديد بأقل الإمكانيات ودون وسائل وقاية.

اليوم بعد الحديث عن حريق جباليا الذي راح ضحيته اثنان وعشرون شخصا من عائلة كاملة ممتدة، يتجلى دور الدفاع المدني، والذي يعمل في ظرف إمكانيات محدودة وبلا معدات كافية، وفق تأكيدات المتحدث الرسمي باسم الدفاع المدني، محمد بصل.

بدأ بصل حديثه من تلك اللحظة التي استلمت فيها الطواقم الإشارة، حيث توجهت للمكان وذلك من خلال انطلاق سياراتها من أقرب نقطة للحادث، من مقر بيت لاهيا وبيت حانون ومنطقة الشيخ رضوان وجباليا.

وعن الإمكانيات المتوفرة لدى الدفاع المدني، نوه بصل إلى أن المقارنة بين إمكانيات غزة المعدومة وإمكانيات الدول الأخرى ظالمة، قائلا:" لو لدينا إمكانيات أفضل لكانت سرعة الاستجابة أسرع.

وعن شح الإمكانيات يضيف:" في أي دولة عادية يكون هناك طائرات للتعامل مع الحرائق من هذا النوع، وإذا تحدثنا عن السيارات لدينا، فهي متهالكة لم تتجدد منذ العام 94م وعددها 31 سيارة.

ويتابع:" كل عام نجري عملية صيانة للمركبات، والسيارة التي تخرج في مهمة إطفاء حريق تعود إلى الصيانة فورا بدلا من تجهيز نفسها لمهمة أخرى، لأنها بالأصل متهالكة.

وبين أن مهمة هذه السيارات أن تحمل الماء، الذي يؤدي إلى الصدأ وبالتالي فإن هذه السيارات في علم الدفاع المدني متهالكة ولا تصلح للعمل، لأن صلاحية السيارة خمس سنوات، ويجب أن تخرج بعد ذلك من ميدان العمل وتستبدل.

وأكد أن فرق الدفاع المدني تعمل دون وسائل أمن وحماية، لأن الاحتلال يمنع دخول أنابيب الأكسجين الخاصة بعمال الإنقاذ، والذي يعد الرئة التي يعمل بها رجل الإطفاء الذي لا يستطيع اقتحام الحريق دون أنابيب أوكسجين.

ووفق بصل، فإن الاحتلال يمنع كذلك دخول زي "الأسبست" الذي يعزل الجسد عن النيران، وبالتالي فإن عمال الدفاع المدني ليس لديهم أي وسائل وقاية أو حماية، كما يمنع دخول السيارات.

وتطرق بصل إلى موضوع الرافعات مؤكدا أن الحديث عن تقصير في الوصول إلى طابق الحريق غير صحيح، خاصة وأنهم يملكون رافعتين، وتستطيع الرافعة الوصول إلى أعلى ارتفاع في بنايات غزة، مستدركا:" هناك رافعتان تعملان لدى الدفاع المدني وثلاث أخريات لا يعملن لأن قطع الغيار غير مسموح لها أن تدخل وهذا يجعل الدفاع المدني أكبر جهاز يعاني ويلات الحصار.

وبالعودة للحديث عن حريق جباليا، يلفت بصل إلى أن جماهير الناس والتي كانت تشاهد عمل الدفاع المدني لا تعرف الإمكانيات وتعتقد أن السيارة وصلت بدون ماء قائلا:" هناك أمور فنية يجب أن تتضح، فسيارة الدفاع تحمل ثلاث كوب ماء، مخلوطة بمادة الفوم من خلال عملية تتم داخل السيارة، ويعتمد نفاد الخزان على عملية الضخ التي لسرعتها وقوتها تجعل الخزان أحيانا ينتهي بأربع دقائق، وهنا يعتقد المواطن أن السيارة لم يكن فيها ماء كافٍ.

ست سيارات للدفاع المدني تعاملت مع حريق جباليا، وصلت من مراكز مختلفة في جباليا، وبيت حانون، والشيخ رضوان، وتل الهوا، ولكن النيران، أكلت كل الأرواح المجتمعة بسرعة البرق، ولا زلنا ننتظر نتائج التحقيقات.

البث المباشر