بالأمس كانت الطفلة أمينة تطلق دمعاتها بحرقة ووالدها الأسير عماد فاتوني يحتضنها، بعد أن كتمتها ثماني سنوات سابقة، وبالأمس أيضا احتضن فاتوني ابنه عبد الرحيم البالغ من العمر ست سنوات للمرة الأولى.
مسحت أحضان عبد الرحيم عمرا طويلا من الشقاء، وغسلت أمينة بدموعها قهر عمر عاشته بعيدا عن والدها وفرحة بحرية سلبها الاحتلال في المنتصف وهي تعلم أن والدها صاحب تاريخ طويل من النضال، لذا لن يتركه المحتل دون انتقام.
في عام 1998 حاولت مجموعة من أسرى كتائب القسام الهروب وتحديدا في قسم 11 من سجن شطة، كان ذلك في شهر مايو، وكانوا خمسة وعشرين أسيرا، بينهم عماد فاتوني.
عاش "أبو العبد" ابن سلفيت كل تجارب الأسى التي يمكن للأسير أن يعيشها على مدار ثلاثين عاما من الأسر.
أفرج عنه الاحتلال في صفقة الأحرار بعد انقضاء عشرين عاما من أصل ثلاثين، وتزوج وأنجب طفلته أمينة ليعيد الاحتلال اعتقاله كما فعل مع جميع أسرى الضفة المحررين في الصفقة، وأجبره على إكمال فترة الحكم وهي ثماني سنوات، لكنه لم يستسلم وواصل تحديه للاحتلال من خلف القضبان، حيث أنجب طفله عبد الرحيم عن طريق النطف المهربة.
حمل أهالي سلفيت أسيرهم المحرر فوق أكتافهم، ووشحوا تظهره بالعلم الأخضر كأول من انتمى لكتائب القسام في بلدتهم، بينما رقص شباب الأسود رقصة الفرح وهم يرفعونه ويهتفون بـ "الله وأكبر".
لُقب الأسير فاتوني بالديناصور، وكان هذا اللقب قاهرا للاحتلال، ويذكر رفاقه يوم جاءهم خبر ولادة ابنه عبد الرحيم وحملوه على أكتافهم فرحا، أن السجان سألهم عن سبب هتافهم، فأخذوا يقارعونه ويقولون "الديناصور خلف تنين" في إشارة لبطولات فاتوني السابقة ونجاحه في الإنجاب وهو داخل الأسر.
وتواصل سلطات الاحتلال اعتقال 49 من محرري صفقة "وفاء الأحرار" المعاد اعتقالهم، وهم من بين نحو 70 أسيرًا أعاد الاحتلال اعتقالهم عام 2014، ولاحقًا أعاد لـ 50 منهم أحكامهم السابقة، وغالبيتها بالسّجن المؤبد بالإضافة إلى سنوات أخرى، وفاتوني واحد منهم.
اعتقل فاتوني عام 1989 وقضى عاما في سجون الاحتلال، وعاد الاحتلال لاعتقاله عام 1992 عندما اتهمته مخابرات الاحتلال وقتها بإعداد سيارة مفخخة، وحكم عليه بالسجن 30 عاما فعليا، وها هو يخرج بالأمس حرا، فلا السجن باق ولا السلاسل.