منذ احتلال القدس والاحتلال يحاول فرض سياسته وتغيير أسماء حواري وشوارع، وأبواب، وسهول، ومعالم تتكلم عن نفسها، ورغم كل المحاولات إلا أنها لا تتغير.
تلك المحاولات رصدها مركز المعلومات الفلسطيني، وبين أن الحكومة (الإسرائيلية) عملت منذ أكثر من 120 عاماً على طمس أسماء القرى والمدن الفلسطينية وحولتها إلى العبرية.
ولكن الغلبة للأقدم، فرغم أن باب العامود تحول اسمه منذ سبعين عاما وفقا للسياسة (الإسرائيلية) إلى " شاعر شخيم" إلا أنه ظل باسمه القديم تتناقله كل الوسائل الإعلامية العربية والأجنبية، ورغم أن نابلس تحولت عبريا إلى " شخيم" إلا أنها ظلت نابلس التي لا يعرف العالم اسما غيره لمدينة التاريخ القديمة.
وبدأت محاولات تغيير الأسماء الحركة الصهيونية منذ 1922م، حين شكّلت الوكالة اليهودية لجنة أسماء لإطلاقها على المستوطنات الجديدة والقرى القديمة، ومنذ ذلك التاريخ حتى 1948م، تم تغيير أسماء 216 موقعاً وذلك وفقا لمركز المعلومات الفلسطيني.
وتبعا لنفس التقرير فإن أول ثلاث سنوات للنكبة شهدت قرار لجنة حكومية تغيير أسماء 194 موقعاً. وفي السنتين التاليتين (1951-1953م) وبعد أن أُلحقت اللجنة بديوان رئيس الوزراء وانضم إليها 24 من كبار علماء التاريخ والتوراة، تم تغيير 560 اسماً، وما زالت المحاولات سارية حتى اليوم.
واستكمالاً لمشروعها التهويدي فقد بدلت أسماء المناطق العربية بأسماء (إسرائيلية)، مع مشروع آخر مواز لدعم الفكرة وترسيخها من خلال تغيير الأسماء في المنهاج المقدسي المدرس للطلبة المقدسيين.
ويصل عدد الأماكن التي غيرت سلطات الاحتلال أسماءها منذ تأسيس الدولة الصهيونية قبل 73 عاماً إلى نحو 80 ألف مُسمّى في مختلف المناطق الفلسطينية المحتلة، بحسب رئيس مؤسسة بيت الذَّاكرة للتراث في مدينة الناصرة، البروفيسور مصطفى كبها.
نحن أمام معركة شرسة، يقول ناصر الهدمي الكاتب المقدسي الخبير في شؤون القدس، ويؤكد أن هناك من تأثر بتلك المسميات بشكل أو بآخر، فقرية دير ياسين لم يعد اسمها قرية دير ياسين على لسان أهالي القدس بل تحمل الآن اسم "غفعات شاؤول" لأن الاحتلال غير المسميات كلها في المدينة، ولكن هناك مسميات تاريخية ظلت باقية ولم يستطع الاحتلال تغييرها.
ويقول الهدمي: "باب العامود بالمساحة الممتدة أمام الباب التاريخي حاول الاحتلال أن يغير اسمها لتحمل اسم مجندتين قتلتا هناك، ولكن الواقع والرمزية التي يحملها باب العامود لم تسمح بذلك، فالمواجهات هناك مستمرة، بل أصبح باب العامود مكانا معروفا على نطاق إعلامي عربي ودولي وبكل اللغات، فمن الصعب جدا تغيير الاسم.
ويتذكر الهدمي قصة استفزت الاحتلال في حرب 2014 حينما خلع الجنود اللافتة لاسم شارع أبو عبيدة، وهو الصحابي الجليل أبو عبيدة عامر بن الجراح، ولكن نظرا لأن الاحتلال مستفز من الاسم الذي يحمله المتحدث باسم كتائب القسام فقد خلع اللافتة وألقاها في الطريق، ولكن هذا الحدث زاد من التمسك بالاسم، وفق الهدمي.
ويضيف: "نحن بالداخل المحتل لم نعد نذكر يافا لأن (تل أبيب) ابتلعتها، لكن كتب التاريخ العربية والمترجمة وفي الضفة وغزة لا أحد يستطيع أن ينسى اسم يافا.
ويتابع: "الاحتلال لا يريد عبرنة الأسماء، بل يريد تهويدها، وهو لذلك يعطي اسما جديدا، فالاسم بكل اللغات هو نفسه، لكن ما يحدث هو إعطاء أسماء جديدة مختلفة لأنه يريد خلق تاريخ جديد.
المعركة استراتيجية، وحملها ثقيل.. معركة الحفاظ على التاريخ، فالاحتلال وإن غير الأسماء، لا يستطيع أن يغير التاريخ، فالخليل تبقى والقدس ويافا ونابلس أيضا، أسماؤنا باقية ما بقينا نحارب لأجل الحفاظ عليها، على حد تعبير الهدمي.