يكثف الاحتلال في السنوات الأخيرة حملاته لتهويد معالم المدينة المقدسة التاريخية. فقبل أيام أزالت سلطات الاحتلال قبة وهلال مئذنة مسجد قلعة القدس التاريخية، في منطقة باب الخليل بمدينة القدس المحتلة وهي المئذنة الأعلى، وتعطي لقلعة القدس هويتها الإسلامية، وكل ذلك في إطار أعمال تهويد تقوم بها منذ بداية العام الماضي.
وظهرت سقالات حديدية في محيط المسجد المهجور، وسط مخاوف من أن تكون هذه الحادثة ضمن خطوات تهويد تشمل المنطقة الواسعة والتاريخية المليئة بالمعالم الإسلامية.
وفي تلك الأثناء، روّج الاحتلال لأكذوبة أطلقها في آذار 2020، مدعيا أنه يقوم بترميم المنطقة القديمة، لكن الحقيقة تؤكد غير ذلك.
أسامة برهم، الكاتب المختص بقضايا الأقصى والقدس، قال: "مسجد القلعة بناه السلطان الناصر محمد بن قلاوون داخل القلعة، التي تعد من أهم معالم المدينة المقدسة التاريخية".
ويضيف في اتصال هاتفي مع "الرسالة": "جغرافياً، موقع القلعة في مكان مهدد حيث هدم جزء من السور عند باب الخليل، وهناك في نفس المنطقة تقع مقبرة مأمن الله، وفندق امبريال، وساحة القلعة التاريخية التي استقبل فيها عمر بن الخطاب يوم فتح المدينة".
اليوم، القلعة عبارة عن متحف يحكي قصصا يهودية من التوراة، لا علاقة لها بالمكان، ووجود تلك المئذنة -تحديدا- يجهض التاريخ اليهودي الذي يروج له الاحتلال.
ووفق برهم، فإن الترويج لفكرة أن القلعة يهودية يتطلب إزالة كل شيء يثبت عروبة المكان، وهذا ما يفعله الاحتلال، وقد تفاجأ أهالي سلوان بإزالة المئذنة، وقبتها كونها الأعلى في القلعة والبلدة القديمة.
ويرى برهم أن الأيام القادمة صعبة على المقدسات المقدسية، لذا يقع على كاهل المقدسي مسؤولية كبيرة، موضحا أن هناك هجمة كبيرة تتعرض لها القدس وتحظى بأموال كبيرة من الاحتلال، مستدركا: "لكن أبناء القدس دوما يذهلون العالم بما يفعلونه وبصمودهم خاصة في الدفاع عن المقدسات".
كل من يسكن المدينة المقدسة يعلم محاولات الاحتلال ويفهمها ويعرف أنه يريد أن "يعبرن" كل شيء، ويغير هوية المدينة، بما فيها المقابر والمآذن بحجة الترميم وبناء الحدائق.
شيد الرومان قلعة القدس لتحصين المدينة ويعتبر هيردوس الروماني هو المؤسس الأصلي للقلعة لتحصين النقطة الأضعف في المدينة، وقد أضاف إليها توسيعات عديدة وأبراجا عسكرية، حتى أصبحت مركزا لإدارة المدينة في عهد الدولة العثمانية.
ووفقا لروبين أبو شمسية، الباحث في شؤون القدس، ففي عام 1956 بدأت جهود ومقترحات لإجراء إصلاحات للقلعة نفذتها الحكومة الأردنية، ولكن الاحتلال أجهض كل المحاولات عام 1967، وبدأ بحفرياته الواسعة أسفل منطقة الأقصى ومنطقة القلعة للبدء بالترويج لفكرة التهويد والرواية الجديدة حتى افتتحت متحفا خاصا بالقلعة في عام 1989م يحكي تاريخها الطويل، ولكن وفقا للرواية اليهودية.
ورصدت سلطة الآثار (الإسرائيلية) 40 مليون شيكل لتدشين عملية ضخمة لتغيير معالم المكان كبداية لتوسيع خطة التهويد لتزوير التاريخ والعبث ببرج قلعة باب الخليل أحد أهم معالم البلدة القديمة في القدس، ضمن مشروع تهويدي لتغيير المعالم الإسلامية العتيقة.
وسينفذ المشروع التهويدي بمبادرة من مؤسسة "Clore Israel" وبدعم من بلدية الاحتلال وحكومته.