تتخذ حركة المقاومة الإسلامية حماس منذ نشأتها، من التطور العسكري قوة وخيارا استراتيجيا تتمسك به وترفض التخلي أو التراجع عنه على اعتبار أنه القوة التي لا يمكن تركها في ظل مشروع المقاومة التي تتبناه وكأداة من أدوات التحرير.
وتؤكد الحركة اليافعة في ذكرى انطلاقتها الـ 35، على أن السلاح والخيار العسكري حق مشروع تكفله كل القوانين والأعراف الدولية في ظل وجود الاحتلال على الأرض الفلسطينية، لذلك فإن تطور هذه القوة لا يمكن أن يتوقف.
ودأبت الحركة منذ انطلاقها عام 1987 تزامنا مع انطلاق الانتفاضة الأولى، على تطوير أدواتها العسكرية بدءا من الوسائل البدائية القديمة كسلاح الكارلو والأكواع والأحزمة الناسفة وصولا للصواريخ والطائرات المسيرة والأنفاق الاستراتيجية والأسلحة الموجّهة.
ثمة حكاية ومراحل وسنوات وطريق تعبد بدماء الشهداء، لا يمكن اختزالها في أسطر قليلة بل لا تكفيها الكتب، لتحكي التطور المتسارع والمتصاعد والإرادة التي صنعت المعجزات وسخرت حتى الطبيعة في سبيل الوصول لمبتغاها في معركة النفس الطويل مع الاحتلال (الإسرائيلي).
وعلى مدار 4 حروب فاتكة والعشرات من الجولات القتالية، تبدو الترسانة العسكرية لدى حماس في كل محطة أكثر قوة وصلابة وتنظيما وتعقيدا من السابق، لاسيما وأن الحركة سخرت جميع الإمكانيات واستثمرت بكل ما تمتلكه من أدوات وعقول مفكريها في الداخل والخارج لتبدو هذه القوة في أبهى صورها وهي تهز ما قيل عنه في السابق "الجيش الذي لا يقهر"!
ولا يمكن إنكار أن الترسانة العسكرية التي تمتلكها الحركة نجحت في إحداث توازن رعب وفرضت قوة ردع بات يخشاها الاحتلال وقادته، إلى الحد الذي وصل يوما من الأيام لسرعة التبرير لبعض التصرفات التي يتخذها جيش الاحتلال؛ خشية الرد العسكري الذي باتت تحسب له (إسرائيل) ألف حساب.
ويؤكد المتحدث باسم حماس عبد اللطيف القانوع، أن حركته راكمت القوة العسكرية في قطاع غزة استعدادا للتحرير القادم وللحفاظ على الأرض وهوية المسجد الأقصى وحماية شعبنا الفلسطيني من عدوان الاحتلال الصهيوني.
ويضيف القانوع في حديثه لـ "الرسالة" أن حماس أثبتت على مدار تاريخ انطلاقتها قدرتها على مواجهة الاحتلال الصهيوني ومراكمة القوة لإفشال مخططاته.
وأوضح أن معركة سيف القدس سطرت معادلة جديدة مع الاحتلال الصهيوني في وحدة الساحات خلف المقاومة الفلسطينية، التي نجحت في مراكمة قوتها وصواريخها حتى وصلت لأن تضرب كل أرجاء دولة الكيان الصهيوني، وهو ما يهدد وجودها وينبئ بقرب زوالها.
ويبين أن حركته ستظل ماضية في مراكمة القوة العسكرية حتى تحقيق التحرير والعودة إلى مدننا المحتلة.
ويرى الكاتب والمختص في الشأن الأمني والعسكري محمد أبو هربيد، أن الحركة نجحت في التطور العسكري السريع رغم قلة الإمكانيات وشحها وسيطرة الاحتلال (الإسرائيلي) على جل المناطق الفلسطينية.
ويوضح أبو هربيد في حديثه لـ "الرسالة" أن حماس نجحت في امتلاك بعض البنادق الأولية ونفذت عمليات مسلحة منحتها الزخم الشعبي والانطلاق لتطوير وجلب السلاح والعتاد.
ويبين أن هذا الأمر جاء ارتباطا بالاستراتيجية التي تتبناها وهي "التحرير" وقفزت عن الحجر والخنجر والبندقية وأصبحت تمتلك أدوات تؤثر في الساحة الإقليمية والدولية ويحسب لها الاحتلال ألف حساب، وقدمت التضحيات وتحافظ على تطورها وهي في نمو وتصاعد في أعمالها السياسية والعسكرية.
ويشير أبو هربيد إلى أن الحركة وعبر جهازها العسكري دخلت مرحلة صراع الأدمغة ونجحت في شحن السلاح وإيصاله للأراضي المحتلة، وتطويره وإنشاء وإخفاء مراكز التصنيع وراكمت القوى رغم التحديات والتضييقيات وملاحقة الاحتلال وحربه المستمرة.
ولفت إلى أن حماس اليوم باتت تمتلك جيشا كبيرا أشبه بالجيوش المنظمة ولديها أجهزة أمنية تدير منطقة بأكملها كقطاع غزة وتعمل على حماية المواطنين، وهو ما يؤكد أنها تمتلك إنجازا أمنيا وعسكريا تعمل للحفاظ عليه وتطويره.