احتفل بالأمس لاعبو المنتخب المغربي بتأهّلهم لدور ربع النهائي في كأس العالم، بعد فوزهم على المنتخب الإسباني بركلات الترجيح، ووقفوا لالتقاط صورة الفوز يتوسطهم علم فلسطين في ملعب المدينة التعليمية في قطر.
وانتشرت مقاطع فيديو تُظهر لاعبي المنتخب المغربي وهم يلوّحون بالعلم الفلسطيني، احتفالاً بالفوز مع الجماهير المغربية في الملعب، وهذه ليست المرة الأولى التي يحمل فيها العلم الفلسطيني لاعبون أو مشجعون، بل يمكننا القول إن العلم الفلسطيني كان بطل مونديال قطر.
ولعل الصور الأكثر انتشارا هي تلك التي كانت تردد الحرية لفلسطين أمام كاميرات الإعلام (الإسرائيلي)، وخاصة ذلك المشهد الذي تضامن فيه مشجع إنجليزي صارخا في ميكرفون المذيع (الإسرائيلي) "الحرية لفلسطين"، أثناء لقاء أجراه مع قناة (إسرائيلية) في الدوحة عقب انتهاء مباراة إنجلترا مع السنغال، التي انتهت بفوز الإنجليز وتأهلهم للدور القادم.
ولم يكن هذا التعبير مصادفة، بل إن المشجع الإنجليزي هاري هاتون كان يعلم تمام العلم ماذا يفعل ويقول. فقد كتب لاحقا على صفحته معبرا عن سعادته من الردود التي قابلت تصريحه للقناة العبرية، وقال عبر حسابه على تويتر: "شكرًا لكم جميعًا، أنا لست مثاليًا، لقد ارتكبت أخطاء في حياتي، آمل أن نتمكن جميعًا من المضي قدمًا معًا، ويسعدني أنني أدّيت دوري الصغير في تسليط الضوء على هذه القضية".
الكثير من المشاهد المشابهة والتي لا حصر لها ظهرت داعمة للقضية الفلسطينية ودالة على أن الوعي العربي انتقل أيضا للمجتمعات الغربية، وربما هي بذلك قد أثبتت بأنها يمكنها أن تفشل خطة التطبيع العربية، ووضعت حكوماتها في الزاوية، في ظل التضامن الشعبي الكبير.
المنسّق العام للجنة الوطنية الفلسطينية لمقاطعة (إسرائيل) BDS محمود النواجعة يقول إن المشهد في المونديال مؤشر مهم وواضح على مركزية القضية الفلسطينية بالنسبة للشعوب العربية ورفضها للتطبيع.
ويوضح النواجعة أنه على الرغم من أن الأنظمة التي لا تمثل توجهات الشعوب العربية قد عقدت اتفاقيات للتطبيع ولكن هذه الاتفاقيات تمثل رضوخها للسياسات الاستعمارية الدولية.
ويرى نواجعة أن مونديال كأس العالم كان مساحة جيدة لتعبر الشعوب العربية عن رفضها للتطبيع بكافة أشكاله وبالتالي يمكن اعتبار كل هذا المشهد هو الرد الشعبي العربي على التطبيع.
ويؤكد أن كل محاولات الحكومات العربية للتطبيع سوف تفشل وستؤثر فعليا على اتفاقياتها على الرغم من الحديث سابقا عن أخذ التطبيع من المستوى الرسمي للمستوى الشعبي، ولكن المشاهد التي حدثت في المونديال مؤشر واضح على أن ما سيحدث لن يكون لصالح التطبيع.
الكاتب والمحلل في الشأن (الإسرائيلي) شرحبيل الغريب قال: "ما جرى في مونديال قطر يؤكد أن سلوك الأنظمة العربية وتوقيع اتفاقيات تطبيع مع (إسرائيل) لدمجها واعتبارها جزءاً لا يتجزأ من المنطقة أو كياناً طبيعياً فيها، هو سلوك وتوجّه منفرد لا يعبر عن نبض وتطلعات الشعوب العربية مطلقاً".
وأضاف الغريب في مقال له: "التطبيع مع (إسرائيل) قريب من الأنظمة بعيد كل البعد عن الشعوب وتوجهاتها وتأييدها لفلسطين والمقاومة وهو ما يعكس فجوة كبيرة بين الشعوب والأنظمة المطبعة.
و ذكر الغريب أن الرفض الشعبي لاتفاقيات التطبيع لم يكن الأول في حدث رياضي عالمي مثل المونديال، فقد سجل معرض أكسبو الذي أقيم بدبي في أواخر العام الماضي وفي مطلع العام الجاري، انخفاضاً واضحاً وملموساً في عدد زائري المعرض من 25 مليوناً إلى 5 ملايين فقط، وهذا التراجع سببه الرئيس المقاطعة المقصودة ورفض الشعوب المشاركة في حدث تشارك فيه (إسرائيل) رسمياً ومرتّب من دولة خليجية مطبعة.