فجأة، ظهرت "أسود العرين"، أمس الجمعة، في استعراض عسكري بحارة الياسمينة في البلدة القديمة وسط مدينة نابلس شمال الضفة الغربية المحتلة، حمل دلالات في غاية الأهمية، سواء في العدد أو التوقيت والشكل.
عشرات المسلحين من مجموعة عرين الأسود شاركوا في حفل تأبين شهداء البلدة القديمة في مدينة نابلس، وسط احتفاء المواطنين بهم، وتغطية واسعة من وسائل الإعلام.
الاستعراض العسكري، اختلف عن الاستعراضات السابقة، من حيث كثافة أعداد المسلحين، والزي الموحد الجديد الذي يخفي كامل ملامحهم، إلى جانب الأسلحة النارية المتطورة، والمعدات العسكرية التي يحملونها.
وكانت مجموعات "عرين الأسود" أكدت أنها لا زالت صامدة رغم الجراح والخذلان وأن من يظن أنها قد انتهت فهو واهم.
وفي بيان لعرين الأسود ألقاه أحد مقاتليها قال: "نقول لكل من يظن أن العرين قد انتهى أنكم واهمون، فالعرين لا زال صامدا رغم الجراح والخذلان، وأننا ندرس ونتعلم ونأخذ العبر ونغير الاستراتيجيات والتكتيك ونفاجئ العدو في ساحات المعارك".
وسائل إعلامية عبرية ومعلقون (إسرائيليون) أذهلهم العرض العسكري الذي نظمته مجموعات عرين الأسود في نابلس بمناسبة ذكرى مرور 40 يومًا على استشهاد قائدها وديع الحوح.
صحيفة "يديعوت أحرونوت"- وفق ترجمة وكالة صفا- عنونت صدر صفحتها الرئيسية على موقعها الإلكتروني بالقول: "استعراض القوة المفاجئ لعرين الأسود في نابلس" ، مستهجنة ظهور عشرات المسلحين المدججين بالسلاح في وضح النهار على الرغم من الضربات التي تلقتها المجموعات خلال الأشهر الأخيرة.
بدوره، قال خبير الشؤون الفلسطينية السابق في الإذاعة العبرية "يوني بن مناحم" إن عرين الأسود بعثت من جديد وذلك بعد 40 يوما على اغتيال قيادتها، لافتاً إلى أن المشاهد توحي بإمكانية استئناف المجموعات لعملياتها.
فيما علق "موشي سباغ" على صور العرض قائلاً إن جهود استئصال الجماعة لم تصل بعد الى نتيجة مرضية لـ"إسرائيل" وأن المشاهد تثبت أن السلطة غير موجودة على الساحة الفلسطينية.
أما "روني شكيد" فاعتبر أن عودة العرين إلى الواجهة نذير شؤم للحكومة القادمة قائلاً: "كان يتوجب عليهم الانتظار 10 أيام حتى يعرض نتنياهو حكومته على الكنيست".
في المقابل، احتفى نشطاء فلسطينيون باستعراض عرين الأسود، معبرين عن ارتياحهم لفشل كل المحاولات للقضاء على هذه الظاهرة الوطنية المقاومة برغم استهدافها المزدوج سواء من جيش العدو أو أجهزة السلطة.
وكتب عبدالله أبو مؤمن: مما لفت انتباهي في سلوك الحالة الثورية (عرين الأسود) في الضفة، تطورها المستمر على عدة مستويات، فقد لاحظنا اليوم في العرض المسلح الذي جاب أحد أحياء نابلس إخفاء لبعض البنادق، وهذا له بُعد أمني في تعقيد الوصول لأصحاب هذه البنادق، لأنها في الغالب ظهرت قبل ذلك مع شخصيات معروفة.
وتابع "شوهد أيضا وجود إعلامي ملثم، وهذا ينم عن دخول سلاح جديد وهو الكاميرا بعيدا عن استخدام الجوالات الشخصية التي يسهل اختراقها، وهذا ما لا يريده العدو، لأن ظهور بسالة المقاتلين في القتال عبر نشر الفيديوهات تعمل على التجنيد غير المباشر، وانتقال عدوى هذه الحالة لكافة المناطق.
واستطرد أبو مؤمن "كما ظهر مقاتلو العرين بلباس شبه موحد وهو ( الأبرهول)، وهذا اللباس الذي يضخم الجسد أو قل يكسر الشكل الهندسي المعروف للأشخاص، مما يصعب حالة المتابعة من قبل السلطة في معرفة شخصياتهم.
ومن الناحية الخطابية في البيانات المكتوبة والتي تنشر عبر قناة التلجرام التي تجاوز عدد متابعيها إلى ما يقارب ربع مليون متابع ورد في البيان لغة ذكر الوقت بالصيغة المعمول بها عسكريا ( ٢٠٥٠)، وهذا الأمر فيه إشارة بوجود شخصيات ذات خلفية عسكرية كبيرة بين صفوف مقاتلي العرين.
ويظهر بين سطور البيان قراءة جيدة للموقف (الإسرائيلي) فعندما ذكر البيان عبارة (أسودنا المنفردة)، بأن تكون أيديهم على الزناد، فهذا ما يخشاه العدو، وهو العمل المنفرد، والتواجد الفيزيائي للمقاتلين بشكب منفرد وموزع بشكل عشوائي في ظاهر الأمر، مما يفقد العدو السيطرة أو عدم الوقوع في الكمائن، فلن يستطيع تلقى الإنذارات أو توقع الضربات أبن وكيف ومتى؟.
وفي نهاية هذا الأمر- والكلام لأبو مؤمن- من الواضح أن الحالة آخذة بالتطور والتقدم، وهذا ما سيجلب الشباب الثائر من كافة الفصائل للقتال تحت هذا اللواء، في ظل الهجمة الشرسة على مكونات الشعب الفلسطيني بعنجهية بن غفير وكلابه.
من جانبه، اعتبر عزات جمال ظهور أسود العرين بشكل أكثر تنظيما واحترافية من السابق، خاصة بعد أشهر من الملاحقة التي فقد فيها العرين مجموعة من قادته المؤسسين شهداء، هي مفاجأة صادمة لكل من السلطة والاحتلال اللذين فشلا في إنهاء الظاهرة وملاحقة المقاومة في الضفة، التي باتت اليوم تراكم من قوتها وتستفيد من تجاربها.