قائمة الموقع

شاهد| القيق.. أسماها "حماس" وكرمته بلقب "حكيم فلسطين"

2022-12-11T10:39:00+02:00
القيادي في حماس الراحل حسن القيق
الرسالة نت-مها شهوان

لحركة حماس من اسمها نصيب كبير، فثقل اسمها وما يحمله من معاني القوة، يثير حماس الجماهير بفعل ما تترجمه من أعمال مقاومة على أرض الواقع، ففي كل صولاتها مع الاحتلال (الإسرائيلي) منذ نشأتها عام 1987، وبإمكانياتها العسكرية البسيطة -مقارنة بالمحتل- تبهر عدوها قبل مؤيديها بثباتها وتمسكها بالأرض والدفاع عنها بكل قوتها.

وبالعودة للتاريخ تظهر بيانات حماس الأولى مذيلة بـ "ح.م.س"، اختصارا للأحرف الأولى لـ "حركة المقاومة الإسلامية"، لكن عند التنبيش في مذكرات قادة ومؤسسي الحركة ومنهم عبد الفتاح دخان، يتبين أن من أطلق عليها اسم "حماس" هو حسن القيق الذي كان قياديا فيها منذ بداياتها.

القيق -الذي عمل مديرا لمدرسة الصناعية للأيتام في القدس- اقترح حين زاره دخان في المدرسة وضع حرف الألف في البيانات الرسمية لتصبح "حماس" بدلا من "ح.م.س" .

أعجب دخان بفكرة القيق ونقلها إلى الشيخ أحمد ياسين وبقية القادة والمؤسسين الذين وافقوا على الفكرة، لاسيما وأن معناها في قاموس اللغة الشدة والشجاعة.

والمثير في الأمر أن القيق طلب من دخان عدم إخبار أحد أنه صاحب الاسم، فتم حفظ ذلك ولم يعلن إلا بعد وفاته قبل 16 عاما في فبراير 2006.

عُرف القيق بشخصيته الآسرة، فهو مهذب وصاحب ذوق رفيع، ونزيه وعفيف، ورحيم وحليم على إخوانه وزملائه وطلابه، وبار بأهله وجيرانه، وزاهد ومتواضع، ومنصف وعادل وعزيز النفس، وصبور، فضلا عما تميز به من حكمة ورجاحة عقل.

من هو القيق؟

 حين كان القيق في الـ 26 من عمره، عُيّن مديرا للمدرسة الصناعية الثانوية في القدس (دار اليتيم العربي)، وكرّس لها وللتعليم في القدس 40 عاما من عمره، فكان له الفضل في صمود المدرسة حتى اليوم بمنهاجها الفلسطيني.

وعند احتلال شرق القدس عام 1967، سيطر الجيش على المدرسة الصناعية وعسكر في مبناها شهرا كاملا، وطلب من مديرها القيق إفراغها من طلابها خلال وقت قصير، لكنه رفض بشكل قطعي الاستجابة لطلب الاحتلال، واستدعى نخبة من المعلمين والموظفين وطلب منهم حشد 60 طالبا من القرى المجاورة للمدرسة ليبيتوا في السكن الداخلي.

كما أقنع بعض المعلمين للسكن مع عائلاتهم في المدرسة (الجناح الفندقي)، وكان يستيقظ ليلا ويحاول إرجاع السلك الشائك -الذي أحاط به الاحتلال المدرسة- إلى الوراء؛ ليكسب مزيدا من مساحة الأرض التي يحاول الاحتلال مصادرتها، وبفضل صمود القيق والطلبة والطاقم التدريسي، انسحب الاحتلال من المدرسة.

وساهم القيق في صمود وإنشاء مدارس الأوقاف والمدارس الخاصة في القدس، وعمل بصمت مع المربي المقدسي حسني الأشهب رافضين المنهاج (الإسرائيلي) بعد احتلال القدس.

وحين رفض الاحتلال منح تراخيص للمدارس الفلسطينية الجديدة في القدس، اقترح القيق تسمية المدارس الجديدة بنفس أسماء المدارس القديمة المرخصة، مع إعطائها ترميزا مثل (مدرسة الفتاة اللاجئة أ، ب، ج..)

وشارك القيق في تأسيس العديد من المؤسسات الوطنية في عقد السبعينيات، إذ كان عضوا في العديد من الهيئات الإدارية، كالهيئة الإدارية للجنة مدارس القدس الخاصة، ونادي الخريجين العرب، وأمينا لسر مجلس أمناء المؤسسة العالمية لمساعدة الطلبة العرب، ورئيسا للمكتب الإداري لجماعة الإخوان المسلمين في القدس.

أما في عقد الثمانينيات من القرن الماضي، فشغل منصب عضو مجالس أمناء العديد من الجامعات، ولجنة اليتيم العربي، وجمعية العلوم والثقافة الإسلامية، وأمين سر مجلس مدارس القدس وكلية الأمة وغيرها.

في هذه المرحلة لم يثن انشغال القيق في ميدان المؤسسات الأكاديمية والاجتماعية عن انخراطه في حركة حماس، مما أدى إلى تعرضه للاعتقال للمرة الأولى على يد الاحتلال عام 1989؛ ليصدر بحقه حكم بالسجن لمدة عام.

 وفي عقد التسعينيات، انضم القيق إلى عدد كبير من مجالس أمناء الجامعات والمؤسسات الخيرية والتعليمية، جنبا إلى جنب مع عمله الرسمي مديرا للمدرسة الصناعية الثانوية.

ومع بدايات القرن 21 أسهم القيق في إنشاء "مؤسسة تطوير المجتمع"؛ لتكون بمثابة هيئة جامعة للعديد من الأهداف التعليمية والتربوية والتنموية في القدس، فأصبح رئيسا لها، إلا أن الاحتلال سارع إلى إغلاقها، وحظر أنشطتها كافة، قبل أن تتجاوز عاما واحدا من عمرها.

كما كان له دور في الإشراف على مشاركة حركة حماس في انتخابات المجالس المحلية منتصف العام 2005، ثم مشاركة الحركة في انتخابات المجلس التشريعي عام 2006.

 وقد زهد القيق فيما عرض عليه من رئاسة قائمة "التغيير والإصلاح" التي شكلتها الحركة، أو في ترؤس الحكومة التي كُلفت الحركة بتشكيلها.

وبخصوص حكمته في الشأن السياسي، دلت آراؤه على فهمه العميق لطبيعة الصراع مع الاحتلال؛ إذ إنه كان من المؤيدين، أواسط الثمانينيات، للشروع في مقاومة الاحتلال، إلا أنه كان من الرافضين لطلب القيادة الموحدة للانتفاضة الأولى القاضي بانضواء حركة حماس تحت مظلتها، إذ إنه أيد بدلا من ذلك فكرة التنسيق والتعاون مع الفصائل المقاومة.

ونظرا إلى التاريخ الطويل من حكمته ورجاحة رأيه فلا غرابة أن يصطلح الناس على وصفه بالحكيم، بل إن حركة حماس أطلقت عليه لقب "حكيم فلسطين"

اخبار ذات صلة