كما للبندقية تأثير في ساحة المعركة، للفن المقاوم أيضا دور كبير في شحن المشاعر الوطنية وإثارة حماس المقاومين للنيل من المحتل، وفعليا نجح الفلسطينيون في ذلك منذ الانتداب البريطاني حين لجأوا للأغاني الثورية لمقاومة المحتل في الثلاثينيات.
وكالعمليات الفدائية التي كانت ضمن منهجية حركة حماس في مقاومة الاحتلال (الإسرائيلي) فإنها عملت على إنشاء فرق إنشادية تحث الشباب على مقاومة المحتل، عبر كلمات تحمل العزة والكرامة تدفعهم للاستخفاف بالعدو ومواجهته في أرض المعركة بأسلحتهم البسيطة.
ولم يقتصر الفن الحمساوي على الأناشيد الثورية، بل تدرج. وكان المسرح حاضرا منذ البدايات لحث الجماهير على مقارعة المحتل، وبعد التقدم في السنوات، حاولت الحركة أن تضع بصمتها في إنتاج الأفلام والمسلسلات لتكون ناطقة باسم المقاومة ولاقت انتاجاتها رواجا كبيرا وعُرضت في منصات عربية وإسلامية.
تستعرض "الرسالة نت" تأثير الأعمال الفنية المقاومة التي رعتها "حماس" منذ نشأتها وحتى اليوم. وكيف أحدثت نقلة نوعية في إعادة القضية الفلسطينية للواجهة عبر نقل انتهاكات المحتل بواسطة الأفلام والمسلسلات الدرامية وحتى الأغاني الثورية للعرب والمسلمين.
الثقافة الثورية
وعلى صعيد البدايات للعمل الفني الحمساوي، ذكر محمد ثريا، رئيس الإنتاج الفني، أن حماس أولت الفن الإسلامي اهتماما كبيرا منذ البدايات، موضحا أن مؤسسي الحركة اعتبروا الفن الإسلامي جزءا من عملهم المقاوم وأشرفوا على الأعمال الفنية التي كانت في البدايات تتمثل في المسرح والأغاني الوطنية.
وأشار ثريا "للرسالة نت" إلى أن الشيخ أحمد ياسين حين أسس المجمع الإسلامي بداية الثمانينيات كان يشرف بنفسه على فرقة "مسرح الفن الإسلامي" لتجوب كل فلسطين.
ولفت إلى أنه بعد عدة سنوات توالت أعمال الحركة في إنتاج أناشيد إسلامية وكليبات مقاومة، مشيرا إلى أن العمل الفني المقاوم كان له أثر كبير في زيادة وعي الجماهير الفلسطينية والعربية بالقضية الفلسطينية.
وبحسب ثريا، فإن الحركة الإسلامية اهتمت بإنتاج الأفلام والمسلسلات وكانت البدايات مع فيلم عماد عقل الذي حاز جوائز دولية، ثم جاءت المسلسلات الهادفة مثل "الروح، حياة وعايشينها، الفدائي، بوابة السماء، وليس أخيرا قبضة الأحرار الذي ترجم لعدة لغات".
وأكد أن الأعمال الفنية التي أنتجتها حماس تعبر عن فكر مقاوم للحركة ما جعل أعمالها تنافس في الدراما العربية، فالمسلسلات الأخيرة عرضت على أكثر من 20 قناة عربية وإسلامية ودبلج بعضها باللغة التركية وعُرضت على قنواتهم.
ويشير إلى أن دائرته اليوم في مرحلة جديدة من الإنتاج الفني الذي توليه الحركة اهتماما كبيرا لدوره في تنشئة الجيل العربي على الثوابت الفلسطينية، موضحا أنهم اليوم على أبواب مرحلة جديدة من المنافسة العربية والدولية لإعطاء المزيد من الجهد في هذه الأعمال التي تستنزف أموالا كثيرة.
فن محارب
كما تعتبر الأغنية الوطنية أحد أشكال مقاومة الاحتلال فلا يستطيع، مهما بذل من جهد، منع انتشارها أو مراقبتها والحد من تأثيرها؛ فهي ترفض الظلم الواقع على الفلسطيني من تنكيل وتشريد وسجن وهدم بيوت.
وباتت بالنسبة للمحتل لا تقل شراسة عن السلاح، لذا دوما يلاحق الفنانين الوطنيين ويزجهم في السجون، عدا عن محاربة الأغنية الوطنية اليوم عبر مواقع التواصل الاجتماعي ومحاولة حذفها، لكن الفلسطيني كعادته عنيد يعيد عرضها بأساليب مختلفة تشحذ همم الشباب.
يقول الفنان حمزة أبو قينص، إن للفنان الفلسطيني دور كبير في شحذ همم الناس ولفت أنظار العالم للقضية الفلسطينية، موضحا أن الوقت الحاضر أوجب على الفنان الملتزم الارتقاء بالأعمال لتواكب التطور وتصبح مقبولة ومسموعة من شريحة كبيرة لتعزيز الثقافة الثورية والوعي في الداخل والخارج.
ويضيف أبو قينص "للرسالة نت" إن تأثير الأغنية الوطنية يظهر على الشباب عند استشهاد أحدهم، فيتبين أن الفن الثائر غيّر سلوكهم، موضحا أن المزاج العام في الداخل والخارج أصبح يتجه نحو "النعرة" الثورية وتصويب البوصلة تجاه المقاومة.