ألقى رجل الأعمال اللبناني نزيه البقاعي كلمة عن تجربته وحياته مع مبعدي مرج الزهور، وهو الذي كان دائم التواصل معهم ويزودهم بكل حاجاتهم.
جاء ذلك خلال اللقاء الوطني الذي نظمه جهاز العمل الجماهيري في حركة حماس في لبنان الجمعة 16 كانون الاول/ ديسمبر الماضي في بلدة مرج الزهور.
وقال رجل الأعمال البقاعي: "نحن ننقل الكلمة لأنها تضيء على مرحلة مهمة وفيها تفاصيل مهمة للذاكرة، خير ما أبدأ به كلمتي أن نهدي إلى أرواح شهداء فلسطين وروح الشهيد القائد عبد العزيز الرنتيسي وإخوانه المبعدين الشهداء ثواب سورة الفاتحة".
وأضاف: "ثلاثون عاماً مرت ، وحدث الإبعاد لا يزال شاخصاً أمامي ، بذكرياته الحلوة التي أعادت لنا روح الثورة والصمود، وصنعت الانتصارات وأنبتت إجماعاً شعبياً عربياً ودولياً حول قضيتنا".
وتابع: "أهلي أهالي بلدة مرج الزهور ، وأهالي لبايا وميمس وسحمر ويحمر وحاصبيا وراشيا وكفرمشكي والبقاع الغربي، ألف شكر لحضنكم الدافئ وعواطفكم النبيلة تجاه إخوانكم المبعدين، فكنتم الشريان الذي ضخ الحياة وأشعرهم بالسعادة والأخوة، فكنتم شركاء في النضال، وسجلتم الانتصار العظيم بالعودة إلى فلسطين ، الذي حقق لاحقاً تحرير قطاع غزة من الاحتلال، فلولا الصمود في مرج الزهور لما كان التحرير المبارك عليكم وعلينا هذا الانتصار الكبير".
وقال: "في صبيحة الإبعاد كنت أشاهد الإعلام ورأيت هول هذا الإبعاد المرعب، الذي أحدث لي صدمة من حيث العدد الكبير ونوعية البشر المبعدين".
وأضاف: "لم أكن يومها أسمع بحركة حماس والجهاد الإسلامي، إنما المقاومة في غزة، كان مشهودا لها في فلسطين والعالم، فسارعت لتأمين كمية من الأغذية للمبعدين ، حتى يستطيعوا الصمود لأطول وقت ممكن، والحمد لله نجحنا في تلك الشحنة".
وأكمل: "في اليوم الثالث للإبعاد زرت المخيم بطلب من الأخوة سيراً على الأقدام من لبايا ، والتقيت بمجموعة من الإخوان على مقربة من المخيم، قرب عين الماء، وكان هدف زيارتي محاولة إعطاء معنويات والتخفيف من معاناة الأخوة المبعدين".
وتابع: "كنت أتوقع أن أرى وجوهاً شاحبة متجهمة دامعة غاضبة، ولكن رأيت لحظة وصولي وجوهاً ضاحكة مستبشرة، وكأنهم في عرس وطني كبير، فبدل من أن أعطي المعنويات رأيت الثقة بالله ورسوله تفيض علينا وعلى أمتنا قاطبة".
واستطرد: "تعرفت لحظتها على الشيخ حامد البيتاوي إمام المسجد الأقصى المبارك وخطيبه، وترافقت مع أحد الأخوة إلى المخيم، وكان للمصادفة هو الأخ إسماعيل هنية أبو العبد، وكان يحدثني طوال الطريق بكل روح معنوية عالية منتصرة ، متوعداً رابين بأنه سيندم على اللحظة التي فكر فيها بإبعادنا".
ونقل عن إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة حماس قوله: "هنا التقينا أبناء الضفة وغزة في معسكر واحد، وبدأنا التخطيط للصمود و العودة وإشعال المقاومة في كل فلسطين، والنصر قادم بإذن الله".
وقال الرفاعي: "لحظة وصولي إلى المخيم كانت من أسعد اللحظات وكأنهم أقاربي وأهلي، وطال الانتظار بيننا، لم أرى وجهاً كئيباً، بل صيحات الشكر لله، والابتسامة والرضى بحكم الله عز وجل ترافقهم".
وأضاف: "عايشتهم كما أنتم يا أهل بلدتي، عاماً كاملاً، وكانت بالنسبة لي أجمل سنة في حياتي، عشت فيها حلاوة النضال".
وتابع: "زارني الدكتور الرنتيسي مرتين في البقاع، في المرة الأولى ترافقنا إلى بيروت لزيارة أحد فاعلي الخير، وطلب مني المرور من أمام جامعة بيروت العربية ، واستقلينا وقتها سيارة أحد النواب المرحوم علي ميتا، وأثناء مرورنا لحظ أحد الطلاب وجه الدكتور عبد العزيز، فصرخ بأعلى صوته "الله أكبر الرنتيسي" وبدأت الطلبة تتراكض خلف السيارة وتصرخ وتهتف لفلسطين، فغادرنا بسرعة، وبعد حوالي ساعة أقام الطلبة مهرجاناً تضامنياً مع المبعدين في حرم جامعة بيروت العربية".
وأكمل: "وفي الزيارة الثانية، آخر يوم من الإبعاد، طلبت منه مرافقتي لمنزلي للخلود للراحة لأنه كان تعباً ومنهكاً، فرافقني وعدنا في الصباح الباكر، وكان هناك موفداً من الرئيس حافظ الأسد ، حضر ناقلاً رسالة إلى الدكتور والأخوة المبعدين بخصوص الأخوة الذين لا يرغبون بالعودة بسبب الأحكام العالية بحقهم، فأبلغه الموفد ان سورية ستؤمن لهم كل ما يريدون، والرئيس يحييكم على صمودكم وصبركم، ويوصيكم بالحفاظ على المقاومة بكل أشكالها، وسورية معكم ولكم".
وأشار إلى أنه تعلم من الإبعاد الكثير، أهمها الصبروالوفاء.
وقال: "الصبر يوم افترشوا الأرض، والتحفوا السماء، وصبروا بالبرد القارس والحر الشديد الجوع والعطش، وشوق الأهل والأولاد والوطن، هان عليهم في سبيل القضية، واستعانوا بالصلاة والدعاء، وكان خير معين لهم، بالإضافة إلى تعاونكم وتعويضكم لهم، بأنهم بين أهلهم وناسهم".
وأضاف: "الوفاء رأيته في غزة بعد واحد وعشرون عاماً، كتب الله لي أن أزور قطاع غزة، وكنت في مخيلتي أقول حتماً سأجد أحداً يتذكرني بعد طول المدة، وخصوصاً معظمهم لهم مراكز قيادية وإدارية في القطاع".
وأكمل: "فرأيت الوفاء وكأن كل غزة باتظاري، وكل شخص منكم يروون ذكرياتهم معه، ويهدونكم كل السلامات والقبلات، فشعرت بالخجل لما رأيته من وفاء من غزة وقادتها وإخوانكم المبعدين الذي لا زالوا أحياء ، ورحم الله الشهداء منهم".
وختم بقوله: "كل الشكر لأهل الخير الذين تواصلوا معي شخصياً، وتسابقوا لإرسال مقومات الدعم للمبعدين ونخص منهم المرحوم ناصر الجبالي، والسيد عماد دغمش، والسادة أبناء الحاج علي الزعتري في صيدا، والنائب علي ميتا، والسادة خلدون ومحمد أبو حسان من عمان".
ووجه الشكر لضباط الجيش اللبناني الذين كانوا يسهلون الدخول للمبعدين ومنهم الضابط الحلبي.