قال الدبلوماسي الأميركي المخضرم هنري كيسنجر إن الوقت قد حان من أجل إحلال سلام قائم على التفاوض في أوكرانيا، للحد من مخاطر نشوب حرب عالمية مدمرة أخرى.
لكن حكومة كييف رفضت مقترحاته واعتبرتها ترقى إلى "مهادنة المعتدي"، وأكدت أنه لا يمكن التوصل إلى اتفاق يتضمن التنازل عن أراض.
ولا تلوح في الأفق نهاية للصراع الذي أشعل فتيله هجوم روسيا على أوكرانيا في 24 فبراير/شباط الماضي. وقد أودت الحرب بحياة عشرات الآلاف وشردت الملايين.
وتسيطر روسيا الآن على حوالي خُمس مساحة أوكرانيا، ويقول الكرملين إن على كييف الاعتراف بضم موسكو لمناطق في جنوب وشرق أوكرانيا.
وفي المقابل، تقول أوكرانيا إنه يتعين أن تغادر كافة القوات الروسية أراضيها بما في ذلك شبه جزيرة القرم التي ضمتها روسيا عام 2014.
وتقدمت كييف بطلب للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي، بعد أن أعلنت موسكو ضم بعض الأراضي الأوكرانية في سبتمبر/أيلول الماضي.
هيكل جديد
وفي مقال بمجلة "ذا سبيكتاتور" (The Spectator) البريطانية تحت عنوان "سُبل تجنب حرب عالمية أخرى"، قال كيسنجر إن "الوقت قد حان للبناء على التغييرات الإستراتيجية التي تحققت بالفعل، ودمجها في هيكل جديد نحو تحقيق السلام من خلال المفاوضات".
وتابع "يجب أن تربط عملية السلام أوكرانيا بحلف شمال الأطلسي. خيار التزام الحياد لم يعد له مغزى".
وقال كيسنجر إنه اقترح في مايو/أيار الماضي وقفا لإطلاق النار، تنسحب روسيا بموجبه إلى الخطوط الأمامية التي كانت عليها قبل بدء غزوها لأوكرانيا في 24 فبراير/شباط، لكن شبه جزيرة القرم ستبقى محل "مفاوضات".
واقترح كيسنجر إجراء استفتاء تحت إشراف دولي للبت في أمر الأراضي التي أعلنت روسيا ضمها في حالة ما إذا ثبتت استحالة العودة إلى المشهد الذي كانت عليه الأوضاع في عام 2014.
وحذر كيسنجر من أن الرغبة في أن تبدو روسيا دولة "عاجزة"، أو حتى السعي إلى تفكيكها، قد يطلق العنان للفوضى.
لا يفهم أي شيء
من جانبه، قال ميخايلو بودولياك مساعد الرئيس الأوكراني إن "السيد كيسنجر لا يفهم أي شيء. لا طبيعة هذه الحرب ولا تأثيرها على النظام العالمي".
وأضاف "الخطة التي يدعو إليها وزير الخارجية السابق، ولكنه يخشى أن يقولها بصورة واضحة، بسيطة: مهادنة المعتدي بالتضحية بأراض من أوكرانيا مقابل ضمانات بعدم الاعتداء على دول أوروبا الشرقية الأخرى".
وتابع "يجب على جميع مؤيدي الحلول البسيطة أن يعوا أمرا ظاهرا للعيان، وهو أن أي اتفاق مع الشيطان، أي سلام سيئ على حساب الأراضي الأوكرانية، سيكون انتصارا لبوتين ووصفة نجاح له"، على حد قوله.
يذكر أن كيسنجر (99 عاما) لعب دورا بارزا في الانفراجة السياسية للحرب الباردة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي، عندما كان وزيرا للخارجية في عهد الرئيسين الجمهوريين ريتشارد نيكسون وجيرالد فورد.
وعقد كيسنجر عدة لقاءات مع فلاديمير بوتين منذ انتخاب الأخير رئيسا لروسيا أول مرة عام 2000.
المصدر : رويترز