منذ عقود لم يدعم أحد القضية الفلسطينية كما فعلت قطر، ليس بالمساعدات الاغاثية التي تسبق الجميع بتقديمها وقت التصعيد (الإسرائيلي) على قطاع غزة، بل فتحت أبوابها فترة مونديال كأس العالم للترويج للقضية بشكل كبير دون قيود.
منذ اليوم الأول لبدء مباريات كأس العالم، شكلت فلسطين حضورا زاهيا في قلوب الجماهير وكانت تمثل المنتخب رقم 33 في البطولة، إذ كانت حاضرة في كل الفعاليات والمحافل التي شهدها الحدث العالمي، ورفرفت اعلامها وانتشرت في المدرحات في كل مباراة دون قيود.
ورغم ادعاء العالم باحترام الحريات إلا أن رؤية العلم الفلسطيني في كل مكان رغم عدم تأهّل المنتخب الفلسطيني للمونديال، أخذ جدلا كبيرا في الصحف الغربية، ووقتها علقت الصحافة البرازيلية بأن هناك 33 فريق مشارك وليس 32 في إشارة إلى أن الفريق الفلسطيني كان متواجد بقوة.
واتهمت صحيفة "تاز" الألمانية المغرب بمعاداة السامية بسبب رفع لاعبي منتخب أسود الأطلس للعلم الفلسطيني بعد تأهلهم إلى نصف نهائي كأس العالم لكرة القدم.
وقدمت قطر رسالة سياسة قوية مفادها أن فلسطين خط أحمر وحاضرة رغم عند تأهل فريقها، وكان ذلك جليا من خلال الحرية الواسعة التي كانت يعبر فيها المشجعين الفلسطينيين عن قضيتهم.
وما كان يثير اعجاب الفلسطينيون هناك في قطر أن المونديال أعاد مركزية القضية الفلسطينية بالنسبة للعالمين العربي والاسلامي، وأنها لا تزال حية في قلوب الاحرار في العالم، حيث كان التضامن الكبير مع القضية أقوى من كل الأهداف التي اخترقت شباك حراس المرمى.
الإسلام والقضية الفلسطينية
لم تكن القضية الفلسطينية وحدها من لفتت أنظار العالم في اهتمام قطر لها، بل نجحت الأخيرة في الفوز بكأس العالم حين اهتمت بنشر الثقافة العربية والإسلامية وتعاليمها، والتعريف بالإرث الحضاري لهذه المنطقة ومبادئها الإنسانية.
منذ حفل الافتتاح كان القران الكريم حاضرا، عدا عن عبارات التسامح والإنسانية وأحاديث الرسول الكريم المنتشرة في كل مكان، بالإضافة إلى المعاملة الحسنة التي ظهرت بها قطر والمشجعين العرب من المسلمين في مساعدتهم للجماهير الحاضرة.
كما وخطف الأنظار أمير قطر تميم وهو يقبل يد والده الشيخ حمد بن خليفة، فهو مهما علت مكانته، يبقى صغيرا أمام والديه، وكذلك احتضان لاعبي المنتخب المغربي لأمهاتهم عقب التأهل كانت تلك مشاهد تدل على بر الوالدين وتقديرهما مما أثار فضول الغرب للبحث أكثر عن تفاصيل الإسلام ودعوته الإنسانية.
يقول الداعية المصري عمر عبد الكافي في فيديو على صفحته اليوتيوب تعقيبا على ذلك:" المشاهد الإنسانية كتقبيل امير قطر يد والده امام هذه المليارات من الناس دليل على عظمة الإسلام بأن الإنسان مهما كان كبيرا وحاكما فان بر الوالدين يلفت الأنظار، هذه النظرة نراها طبيعية في عالمنا العربي والإسلامي، لكن أن يراها العالم شيء جيد".
وأضاف الكافي:" ما كان مميزا هو سماع الأذان في وقته، دليل على أن صاحب الضيافة يفرض قيمه على الاخرين".
وفي ذات السياق ذكر رامي عزيز أستاذ العلوم السياسية في جامعة روما خلال مقال نشرته الجزيرة بعنوان "مونديال قطر.. مونديال “الصحوة” الإنسانية"، ذكر أنه على المستوى العالمي، نجحت قطر في فضح الدعاية المغرضة حول الشخصية العربية والإسلامية، ودحض الإسلاموفوبيا/ العربفوبيا، التي تعمل بعض الجهات على نشرها في الغرب ليلًا ونهارًا.
وقال عزيز": قطر فتحت مساجدها للناس للتعريف بالإسلام، وفتح القطريون بيوتهم ومجالسهم لمختلف الجنسيات، ليتعرفوا عليهم عن قرب، ورأينا فرحة الناس من مختلف دول العالم، بتجربة ارتداء الزي العربي، حتى صار الثوب والعقال والغترة، الزي المفضل لكثير من المشجعين الأجانب، خلال وجودهم في قطر، وكذلك شاهدنا المشجعات الأجنبيات يقبلن بشكل كبير على تجربة ارتداء الزي القطري التقليدي بما فيه الحجاب".
ولا يمكن اغفال أن قطر لم تنسى ذوي الاحتياجات الخاصة، فكانت الدولة الأولى المضيفة لكأس العالم التي تهيأ المرافق جميعها لهم حيث المدرجات والشوارع والفنادق والمطاعم تناسبهم بمختلف اعاقاتهم سواء السمعية أو البصرية أو الحركية.
انتهت المباراة أمس في الثامن عشر من ديسمبر، لكن الجميع يدرك أن الفوز الحقيقي ليس من نصيب الأرجنتين ضد فرنسا، بل كان فوزا قطريا رفع قيمة القضية الفلسطينية وعزز مبادئ الدين الإسلامي وإنسانية في كل مكان.