انتفضت قرى ومدن الضفة المحتلة عن بكرة أبيها غضباً، بعد الإعلان عن استشهاد القائد ناصر أبو حميد – 50 عاما- داخل السجون الاحتلال (الإسرائيلي)، فكما أعلن الأسرى الحداد ثلاثة أيام، عم الإضراب الشامل رام الله والخليل وبيت لحم من أجل الضغط شعبيا للإفراج عن جثمان الشهيد.
ولم تتوقف عنصرية الاحتلال تجاه الأسرى المرضى عند تركهم معتقلين في ظروف بيئية غير سوية أو منع تقديم العلاج لهم، بل يتركهم حتى الموت وبعدها يحتجز جثامينهم في انتقام مختلف، دون أي رادع دولي إنساني.
وقبل حوالي ثلاثة أعوام أجازت المحكمة العليا (الإسرائيلية) استمرار احتجاز جثامين الشهداء الفلسطينيين والعرب على يد الجيش، وذلك بقرار أغلبية 4 قضاة مقابل 3، مؤكدة أنه يجوز احتجاز جثامين الفلسطينيين لأغراض التفاوض.
ومن ضمن شهداء الحركة الأسيرة في السنوات الأخيرة كان بسام السايح، وفارس بارود، وعمر يونس، وياسر طقاطقة، وسامي أبو دياك، ونور الدين البرغوثي، وكمال أبو وعر، والستينية سعدية مطر التي توفيت في سجن الدامون نتيجة الإهمال الطبي.
حسابات سياسية
يقول حسين شجاعية، منسق حملة جثامين الأسرى، إنه باستشهاد ناصر أبو حميد يصل عدد الأسرى المحتجزة جثامينهم إلى 11 أسير شهيد، أقدمهم أنيس دولة المحتجز منذ 1980، موضحا أن هناك تفاوتا في مدة احتجاز جثامين الشهداء.
ومن المعروف أن الاحتلال يتعمد احتجاز الأسير الشهيد في ثلاجات الموتى حتى تنتهي مدة محكوميته، وهنا يرد شجاعية بالقول "للرسالة نت": هناك عدد من الأسرى الشهداء أفرج الاحتلال عن جثامينهم دون انقضاء فترة محكوميتهم لكن الاحتجاز يتم وفق حسابات سياسية يضعها الاحتلال".
ويوضح أن معايير الاحتلال في تعمد احتجاز جثامين الأسرى من الشهداء هي انتماؤهم لحركة حماس أو تنفيذهم عمليات نوعية.
وذكر أن الحراكات الشعبية الضاغطة للإفراج عن الأسرى الشهداء مهمة وتحدث تغييرا لو بقيت متواصلة، مشيرا إلى أن كل فعالية وحراك في الشارع أو مؤسساتي أو دولي أو على المستوى الرسمي من شأنه أن يساعد في الإفراج عن تلك الجثامين.
وفي ذات السياق يقول عصمت منصور المحلل السياسي: "الإضراب الذي يعم الضفة المحتلة جهد مطلوب خاصة أن الضغط الشعبي يؤدي إلى نتيجة، فنحن أمام ظاهرة تحولت إلى سياسة لا تستند إلى قوانين بل أوامر عسكرية وحملات انتقامية من الاحتلال".
وأضاف منصور "للرسالة نت": "الاحتلال يلجأ لهذه السياسة من أجل معاقبة الشهيد وعائلته"، متابعا: الفعل الإجرامي الذي يتمثل باحتجاز الجثمان لسنوات لا يخطر على بال مجرمي العالم.
وفيما يتعلق بأهمية الحراك الشعبي الضاغط، يرى أن الحملات الشعبية الضاغطة يجب ألا تكون موسمية ولا بد أن تتوحد وتستند إلى خطاب قانوني مسنود من السياسيين وفصائل المقاومة التي يجب أن تضع على جدول أعمالها في التفاوض قضية جثامين الأسرى المحتجزين.
ويشير منصور إلى أن رمزية ناصر أبو حميد والحالة المرضية التي كان يعيشها – سرطان الرئة- ومتابعة الفلسطينيين لحالته أعطى زخما لملف لا بد من إحيائه والإصرار عليه وصولا إلى تنفيذه بالضغط الشعبي والجهد القانوني.
وقبل أن يدخل الأسير أبو حميد في غيبوبة حتى الموت قال في رسالته الأخيرة "أنا ذاهب إلى نهاية الطريق، ولكن مُطمئن وواثق بأنني أولا فلسطيني وأنا أفتخر، تاركًا خلفي شعبا عظيما لن ينسى قضيتي وقضية الأسرى".
يذكر أن الأسير الشهيد ناصر أبو حميد هو من بين خمسة أشقاء داخل السجون وجميعهم محكومون بالسجن المؤبد وهم "نصر، وشريف، ومحمد، وإسلام"، وقد أمضى الأسير ناصر قرابة 30 عامًا في سجون الاحتلال كان أطولها الاعتقال الحالي المستمر منذ عام 2002.