نقطة تحول تاريخية.. كيف تنعكس استراتيجية الأمن القومي لإدارة بايدن على (إسرائيل)؟

وكالات- الرسالة نت

نشر الرئيس بايدن في أكتوبر الماضي وثيقة تحدد استراتيجية الأمن القومي للولايات المتحدة، الرسالة الرئيسية التي حوتها الوثيقة ترى أن: “العقد القادم سيُحدد ما إذا كانت الولايات المتحدة وحلفاؤها سيكونون قادرين على الدفاع عن نظام عالمي حر ومنفتح ومزدهر وآمن”.

إلى جانب بناء القوة العسكرية حسب ما وضحته الوثيقة، ينصب التركيز العملي على استعادة القدرة التنافسية التكنولوجية للولايات المتحدة، وتفتح هذه التأكيدات أمام “إسرائيل” أفقاً لتعميق التعاون في الابتكار والأمن- بالرغم من أن ذلك يترافق مع تحذير من بناء علاقات وثيقة مع الصين- التهديد الحقيقي للولايات المتحدة الأمريكية.

ومن المهم القول إنه إذا فشلت الدبلوماسية الأمريكية، فإن الولايات المتحدة “مستعدة وجاهزة” لاتخاذ إجراءات أخرى لمنع إيران من الحصول على قنبلة نووية، كما تؤكد الوثيقة الالتزام “المتين بأمن إسرائيل”، في الوقت نفسه يشير موقفها الصريح من القضية الفلسطينية وهو دولتان على أساس حدود 67 مع تبادل الأراضي، والإشارة المتكررة إلى أهمية المعايير الدولية وميثاق الأمم المتحدة، واحتمال الاحتكاك مع الإدارة على الطريق.

مثل أسلافه، نشر الرئيس بايدن في شهر أكتوبر الماضي وثيقة تحدد استراتيجية الأمن القومي للولايات المتحدة، الرسالة الرئيسية التي حملتها الوثيقة هي: نحن عند نقطة تحول تاريخية، وسيحدد العقد القادم ما إذا كانت الولايات المتحدة وحلفاؤها سيكونون قادرين على الدفاع عن نظام عالمي “حر ومنفتح ومزدهر وآمن”، في مواجهة التهديد الذي تشكله الصين وروسيا وعلى الهامش أيضاً إيران.

إن الزعامة الأمريكية ضرورية للتعامل مع التحديات العالمية، مثل أزمة المناخ وتفشي الأوبئة، إلى جانب بناء القوة، فيما ينصب التركيز العملي على استعادة القدرة التنافسية التكنولوجية للولايات المتحدة الأمريكية.

بالنسبة “لإسرائيل”، تفتح هذه التأكيدات أفقاً لتعميق التعاون في الابتكار والأمن – بالرغم من ترافقها مع تحذير من بناء علاقات وثيقة مع الصين التي تُعتبر “التهديد الحقيقي” للولايات المتحدة الأمريكية، ومن المهم أيضاً تحديد إيران كقوة معادية، إلى جانب الصين وروسيا، وأنه إذا فشلت الدبلوماسية فإن الولايات المتحدة “مستعدة وجاهزة” لاتخاذ إجراءات أخرى لمنعها من الوصول إلى قنبلة نووية، ومع ذلك فإن الإشارة إلى استخدام القوة محفوفة بالحذر.

كما تؤكد الوثيقة على الالتزام “القوي بأمن إسرائيل”، في الوقت نفسه تشير إلى موقفها الصريح من القضية الفلسطينية التي تدعو إلى دولتين على أساس حدود عام 67 مع تبادل الأراضي والإشارة المتكررة إلى أهمية المعايير الدولية واتفاقية الأمم المتحدة وإلى احتمال الاحتكاك مع الإدارة على الطريق.

خلفية

في العقود الأخيرة تم إقرار الإجراء الذي بموجبه تصوغ الإدارة الأمريكية مواقفها، وتنشر الوثائق الأساسية عادة كل خمس سنوات، والتي تحدد فيها الأمن القومي، حتى إن هذا الإجراء مُكرس في تشريع وهو: “البند 603 من قانون Goldwater-Nichols لعام 1986″، الذي نظّم العديد من جوانب سياسة الأمن القومي (والنظام العسكري) للولايات المتحدة الأمريكية، ومن المفترض أن تخدم هذه الوثائق عدة أهداف:

  • تحقيق “ترتيب الصفوف” داخل الإدارة في مختلف الوزارات والوكالات، وتوضيح ترتيب أولويات المستوى السياسي الأعلى.
  • خلق لغة مشتركة في القضايا الأساسية مع الكونجرس، الذي يمتلك السلطة على تشريعات الميزانية (وبالتالي يكون له تأثير بعيد المدى على القدرة على تحقيق الرؤية الاستراتيجية).
  • عرض المفاهيم الأساسية للإدارة في الأمن والسياسة الخارجية والعلاقة المتبادلة بينها وبين مختلف الولايات الأمريكية في مجالات الداخلية والاقتصاد والجمهور الواسع.
  • إظهار نوايا الولايات المتحدة تجاه الأطراف المعنية في الساحة الدولية، “الأعداء والأصدقاء على حد سواء”.

نشر الرئيس جورج دبليو بوش أول وثيقة NSS (استراتيجية الأمن القومي) في عام 2002 ودمج فيها مفهومه عن الحرب الوقائية، والتي ركزت على التهديدات في ساحة الشرق الأوسط، في وقت لاحق عكست وثيقة عام 2006 مركزية “الحرب العالمية على الإرهاب” (GWOT) من وجهة نظر إدارة بوش.

بعد حوالي عام ونصف من توليه منصبه نشر الرئيس أوباما (26 مايو 2010) وثيقة NSS الخاصة به والتي تحمل طابعه الشخصي وتجسد تغييرا حادا في الاتجاه مقارنة بسلفه: وكان التركيز الأساسي فيها على بناء حوار مع الصين وروسيا والهند؛ وتعزيز الأهداف العالمية مثل منع الانتشار النووي ومكافحة تغير المناخ؛ بينما اختفى منها “الإسلام الراديكالي” وحل مكانه السعي للحوار مع العالم الإسلامي.

في وثيقة عام 2015 خلال فترة ولاية أوباما الثانية كان تأثير الأزمة مع روسيا بعد ضم شبه جزيرة القرم واضحاً، وتم التأكيد مرة أخرى على أهمية “قواعد اللعبة” الدولية المتفق عليها، كالتحضير لاتفاق مع إيران في المجال النووي.

كان باستطاعة إدارة ترامب أن تنتظر، لكنها اختارت نشر وثيقة NSS بالفعل في ديسمبر 2017، قبل نهاية عامه الأول في المنصب، وسلطت الضوء على نقطة التحول في سياسة الولايات المتحدة، والتأكيد على المصلحة الوطنية والتهديد من الصين وروسيا؛ وإزالة الإشارة إلى ظاهرة الاحتباس الحراري، وإعطاء الدفاع عن الوطن (ضد الإرهاب والهجرة غير المنضبطة) أولوية قصوى؛ وفي الشرق الأوسط ركزت الانتباه على التهديد الذي تشكله “الديكتاتورية الإيرانية”، وهو التهديد الذي أهمله أولئك الذين عقدوا العزم على الحصول على صفقة نووية معيبة.

بعد حوالي ستة أسابيع فقط من أدائه اليمين الدستورية، نشرت إدارة بايدن “توجيهاً مؤقتاً”، والذي كان يهدف إلى إبلاغ مختلف الوكالات الحكومية والكونغرس والجمهور الأمريكي والعالم بمدى عمق التغيير الدراماتيكي في الأسلوب الجوهري بالمقارنة مع إدارة ترامب، وأظهرت الوثيقة الرغبة في “إعادة بناء الاقتصاد الأمريكي، وهيكلية تشكيل النظام الدولي منذ عام 1945: والزعامة الأمريكية والشراكة الوثيقة القائمة على القيم المشتركة مع الحلفاء التقليديين، وإظهار الاحترام للمؤسسات الدولية والعمل بالدبلوماسية إلى جانب الاعتماد على القوة العسكرية، هذه هي الرسائل الرئيسية في الوثيقة الحالية التي يغلب عليها -على عكس سابقتها- طابع الحرب في أوكرانيا وعواقبها على النظام العالمي، والتنافس المتزايد مع الصين.

روح الوثيقة وأهم تأكيداتها

ما يميز الوثيقة مقارنة بسابقتها، هو التأكيد المتكرر على أن الولايات المتحدة والعالم قد وصلوا إلى ما تُعرِّفه على أنه نقطة انعطاف: -حقبة ما بعد الحرب الباردة انتهت- وسيحدد العقد القادم كيف سيتم تشكيل النظام الدولي لسنوات عديدة قادمة، وهي تلخص بإيجاز فقرة التدخلات في أفغانستان والعراق- “حرب بوش العالمية على الإرهاب” – كخطأ استراتيجي وكمحاولة متعمدة لتغيير أنظمة دول أخرى بالقوة، أما الآن فقد تخلصت الولايات المتحدة منها واتجهت للتعامل مع الأولويات الصحيحة، وفقاً لمفهوم بايدن من أجل الحفاظ على عالم “حر ومنفتح ومزدهر وآمن”، وهو تعبير بلاغي يتكرر عدة مرات في الوثيقة، ومن الضروري التركيز الآن وبشكل عاجل على ثلاث مهام:

  • المواجهة مع المنافسين والأعداء الذين لا يشاركون الولايات المتحدة وجهة نظرها ورغبتها ورغبة حلفائها في الحفاظ على نظام عالمي قائم على الأعراف والقواعد والتغلب عليهم.
  • موقف مشترك، إن أمكن حتى مع الخصوم في مواجهة التهديد الوجودي الكامن في أزمة المناخ، وفي مواجهة الأخطار الأخرى العابرة للحدود مثل الأوبئة والمجاعات.
  • من منظور طويل المدى، إعادة التشكيل لقواعد السلوك من جديد – داخلياً وعلى الساحة الدولية – في المواضيع التي أدت فيها أحدث التقنيات إلى “تفكيك” النظام القديم: التجارة الرقمية، والإنترنت، واستخدام الفضاء وغيرها.

أدت أحداث الحرب في أوكرانيا، منذ بدء الهجوم المضاد الأوكراني إلى تعميق الثقة لدى الرئيس وإدارته بأن القيادة أو الزعامة الأمريكية للساحة العالمية مهمة وضرورية لمستقبل الشعب الأمريكي والعالم.

بحسب الوثيقة يمكن للولايات المتحدة أن تقود وتنتصر، من خلال شراكة “أوثق” مع الحلفاء، كما هو الحال في النضال ضد الخصوم- الأنظمة الاستبدادية في الصين وروسيا (وإيران أيضاً مدرجة في القائمة، على الرغم من أنها في مكانة هامشية) – وفي مواجهة التحديات الخارجة عن القدرة الوطنية مثل أزمة المناخ والأوبئة، “ليس هناك حد لما يمكن أن تحققه الولايات المتحدة” إذا ما عملت بعزم ووحدة.

بغض النظر عن روح التفاؤل، فإن الوثيقة تقدم تأكيدات مبدئية فيما يتعلق بصورة الوضع والتحدي والاستجابة، والتي يتحدى بعضها الإدارة السابقة (التي أضرت بنظام تحالفات الولايات المتحدة) ولكن بعضها يستمر في الخطوط الأساسية لعصر ترامب، مع التركيز على رؤية الصين كتهديد.

الصين كتهديد رئيسي

لقد تركت الحرب في أوكرانيا بصماتها على أسلوب الوثيقة وعلى الموقف الحازم للإدارة، ويرافق ذلك بيان لا لبس فيه من أن العدوان الروسي- الذي يجب صده ودحره – يهدد أوروبا، لكنه لا يستطيع منافسة الولايات المتحدة في تشكيل النظام العالمي، تعتبر الصين هي القوة الوحيدة السلطوية والمعادية للديمقراطية وطموحها الواضح هو تغيير النظام العالمي القائم، فهي تمتلك القوة اللازمة- العسكرية والسياسية والاقتصادية والتكنولوجية- لتحقيق هذا الهدف إذا لم تعمل الولايات المتحدة على إيقافها.

تقول الولايات المتحدة إنها لا تريد العودة إلى أنماط الحرب الباردة، خاصة وأن هناك مجالات تعاون على الصعيد الدولي، مثل أزمة المناخ، ويمكن للصين أن تكون شريكاً مهماً في تعزيز الأهداف المتفق عليها (تُظهر هذه الصياغة بصمة جون كيري، الذي ينسق مكافحة الاحتباس الحراري نيابة عن الإدارة).

ستظل الصين شريكاً تجارياً رئيسياً، ومع ذلك، فإن تعاظم قوتها العسكرية، وتهديداتها لتايوان، واستخدامها لقوتها الاقتصادية كأداة إنفاذ وضغط، ورغبتها في السيطرة على بحر الصين الجنوبي وبالتالي حوض المحيطين الهندي والهادئ بأكمله، وفي نهاية المطاف ترسيخ مكانتها باعتبارها القوة المهيمنة في العالم- يفرض على الولايات المتحدة عمل التالي:

  • إعادة بناء الولايات المتحدة لقوتها العسكرية عندما تكون الصين هي التهديد الحقيقي (أو بلغة الوثيقة، يجب على الولايات المتحدة مراكمة قواتها عندما تكون هي من يحدد الوتيرة – والسرعة-).
  • توطيد شبكة العلاقات مع الحلفاء الرسميين الخمسة (اليابان وكوريا الجنوبية والفلبين وأستراليا وتايلاند) مع أُطر وهياكل القوى الإقليمية، مثل المنتدى الاقتصادي الهندي والمحيط الهادئ (IPEF)؛ والرباعية” (Quad) الولايات المتحدة واليابان وأستراليا والهند؛ وتحالف AUKUS – الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة وأستراليا، وأيضاً تحالف I2U2 – الهند و”إسرائيل” والولايات المتحدة الأمريكية والإمارات العربية المتحدة مذكور أيضاً في هذا السياق، كما أن الولايات المتحدة مهتمة بتعميق مشاركة الدول الأوروبية الأخرى وحلف شمال الأطلسي في منطقة المحيطين الهندي والهادئ.
  • العمل بطريقة منهجية، ضمن المفهوم الواسع للاستراتيجية الصناعية الأمريكية، لحرمان الصين من الوصول إلى التقنيات التي تسرقها من الغرب وتستخدمها للأغراض العسكرية أو لتعزيز تفوقها في الأسواق، وقد ترجم هذا الموقف بالفعل إلى إجراءات صارمة ضد الشركات الأمريكية والمواطنين الذين يساهمون في صناعات التكنولوجيا الصينية الفائقة.
  • وضع طلب مماثل أمام شركاء الولايات المتحدة في العالم، وتعميق وعيهم بالسلوك الصيني في مجموعة متنوعة من المجالات، على الرغم من عدم ذكر “إسرائيل” في هذا السياق، فإن إدارة بايدن (مثل سابقاتها) منزعجة من جوانب التجارة التكنولوجية مع الصين وتتوقع أن تدرس “إسرائيل”، مثل غيرها في الغرب بعناية أي تصدير للتقنيات ذات الاستخدام المزدوج والمتقدمة.

“الردع التكاملي”، بناء القوة العسكرية واستخدامها

قدمت الوثيقة، في هذا السياق – ضد الصين بشكل أساسي، وضد روسيا وإيران بشكل عام- مفهوماً جديداً من المدرسة العسكرية الأمريكية وهو: “الردع التكاملي” ويجب ألا يشمل هذا الردع النهائي – القوة النووية (التي تشير الوثيقة إلى الحاجة إلى تحديثها)- ولكن تحث على استخدام مجموعة الأدوات الكاملة، وإشراك جميع وكالات الإدارة والحلفاء، بما في ذلك القوة العسكرية التقليدية، والعمليات في الفضاء السيبراني، واستخدام طيف واسع من الوسائل الاستخبارية والاقتصادية والدبلوماسية، التي يجب أن يؤدي استخدامها معاً إلى إلحاق خسائر فادحة على أي معتد محتمل.

تعهدت الإدارة الأمريكية في الوثيقة بأن استخدام القوة العسكرية سيكون الملاذ الأخير، وبعد استنفاد سبل العمل الأخرى، وأن هذا الخيار يجب أن يحظى بدعم مستنير من الشعب الأمريكي؛ فيما لا تشير الصياغة على وجه التحديد إلى الكونجرس، نظراً لأن الذراع التنفيذية في الولايات المتحدة لا تعترف بشرعية “قانون صلاحيات الحرب” لعام 1975، وسيتم إدارته بطريقة تتفق مع القانون الدولي وقيم الولايات المتحدة الأمريكية، هذه التحفظات كافية لوضع علامات استفهام حول الاستعداد لمهاجمة إيران عند الحاجة لذلك، – وهذه الكلمات لها تأثير ملموس على القضية الإيرانية -.

يتطلب بناء القدرة التكاملية وفقاً لطريقة إدارة بايدن، أولاً استعادة قوة وحصانة الولايات المتحدة الاقتصادية والصناعية والتكنولوجية (والاجتماعية أيضاً) وإعادتها للسيطرة على سلاسل الإمداد ومكونات الطاقة مثل الرقائق وغيرها.

التحديات العالمية والبعد الديمقراطي

وفقاً لوجهة نظر الإدارة الأمريكية، فإن محور الجهد الرئيسي الثاني هو: مواجهة التحديات العالمية العابرة للحدود، وعلى رأسها أزمة المناخ وخطر تفشي الأوبئة من جديد، وذلك ضمن الدروس المستفادة من فيروس كورونا، وفي هذا السياق نرى أن معطيات الوثيقة تختلف بشكل واضح عن رؤية إدارة ترامب، التي تهاونت في كلا الموضوعين.

تُعرِّف الوثيقة ظاهرة الاحتباس الحراري على أنها تهديد وجودي

تُعرِّف الوثيقة ظاهرة الاحتباس الحراري على أنها تهديد وجودي، وإذا لم يتم التعامل معها في العقد المقبل، فقد تتسبب في أضرار لا يمكن إصلاحها، ومثل ذلك فايروس كورونا الذي قتل الملايين، وألحق الضرر بسبل عيش مئات الملايين وقضى على سنوات من النمو الاقتصادي.

في مواجهة هذه التحديات، فضلاً عن قضايا نقص الغذاء والطاقة (التي تفاقمت بشكل كبير بعد الحرب في أوكرانيا)، يجب إجراء تغييرات عميقة في خصائص الاستثمار في البنية التحتية، وفي عادات الاستهلاك لدى الجمهور وفي آليات الدعم الفيدرالية التي من شأنها تشجيع الإصلاحات بعيدة المدى.

في الوقت نفسه، تحدد الوثيقة نظاماً متفرّعاً تتجاوز تفاصيله نطاق المناقشة هنا، بخصوص الحوافز التي تعتزم الإدارة تقديمها إلى البلدان الأخرى حول العالم، بحيث يمكن تحقيق أهداف الانبعاثات الحرارية التي تم تحديدها، وكذلك التعامل مع الأضرار المتزايدة الناجمة عن تغير المناخ، ومن المفترض أن تسمح آليات المساعدة المماثلة أيضاً بالتعامل مع قضايا الصحة والغذاء وإمدادات الطاقة.

من وجهة النظر التي تفضل من ناحية، توسيع دائرة الدول الديمقراطية، ومن ناحية أخرى ترفض بشكل قاطع استخدام القوة لفرض نماذج ديمقراطية على الدول الأخرى، تحدد الوثيقة الخطوط العريضة للمساعدة التفضيلية لتعزيز الديمقراطيات “الشابة”، والهدف من ذلك هو توضيح أن الديمقراطية مجدية، ومع ذلك، فإن النطاق الاقتصادي المخطط لهذه المبادرات بعيد كل البعد عن الوضوح، وعلى أي حال فإن تحقيقها يعتمد على تشريع الموازنة الخاص بالكونغرس.

إن القضايا العالمية الأخرى المتشابكة في الوثيقة تتعلق، كما ذكرنا بالحاجة إلى إعادة كتابة قواعد اللعبة، التي عفا عليها الزمن وأصبحت غير ذات صلة أو حتى ضارة، في مجالات مثل التجارة الرقمية والتعامل مع التهديدات السيبرانية، وحقوق الإنتاج في المجال التكنولوجي، وأكثر من ذلك.

تشير الوثيقة أيضاً إلى خطر الإرهاب (بما في ذلك تسلل داعش إلى إفريقيا)، ولكن دون الإشارة تحديداً إلى الأيديولوجية الإسلامية الشمولية التي تغذيها، وتذكر أيضاً ظهور تهديد إرهابي محلي أو داخلي من الدوائر العنصرية في أقصى اليمين في الولايات المتحدة الأمريكية.

أما فيما يتعلق بمنع الانتشار النووي، والذي تم وصفه في الإدارات السابقة بأنه قضية مركزية، فقد ورد ذكره في السياق الأوسع للحد من التسلح، وفي هذه الجزئية – دون أي ذكر لإيران (!).

هناك نقطتان إضافيتان مذكورتان في الوثيقة لها علاقة “بالقضايا الإسرائيلية”

  1. تعتبر محاربة الفساد “الكبير” (على مستوى الدولة) و(حكم اللصوص) السببين الرئيسيين للكارثة في العلاقات الدولية: حيث لمحت الوثيقة لبوتين، كما أنها تنطبق على السلطة الفلسطينية وغيرها من الأنظمة في منطقتنا.
  2. الاصطفاف إلى جانب الإعلان الكندي (2021) ضد الاعتقال التعسفي في إطار العلاقات بين الدول.

إن الولايات المتحدة منزعجة من اعتقال لاعب كرة السلة “جرينير” في موسكو، وسجن مواطنين أمريكيين في إيران، وقد أطلق على التشريع المقابل الذي أقره الكونجرس اسم “قانون ليفينسون 2022” تخليداً لذكرى المواطن الأمريكي الذي اختطفه الإيرانيون، “إسرائيل” من جهتها، لها مصلحة في الاستفادة من هذه النقطة للترويج لحل مشكلة الأسرى والمفقودين.

الشرق الأوسط – ومناطق أخرى

مما ورد أعلاه من – التهديد الصيني، والتحدي الروسي، إلى التركيز على الإصلاحات الداخلية (بما في ذلك الهجرة) – جرى ترتيبه في فصول الوثيقة التي تتعامل مع مناطق مختلفة من العالم على النحو التالي:

  1. منطقة المحيطين الهندي والهادئ: والتي تُعرف بأنها مركز ثقل النظام الدولي لسنوات قادمة، تهدف السياسة فيها أولاً وقبل كل شيء إلى احتواء الطموحات الصينية، أما بالنسبة لتايوان، فإن الولايات المتحدة ملتزمة بقدرتها على الدفاع عن نفسها وتسعى جاهدة لردع الصين، لكنها في الوقت نفسه لا تدعو إلى استقلال تايوان أو التخلي عن سياسة “الصين الواحدة”.
  2. أوروبا: “الشريك المؤسس” للولايات المتحدة الأمريكية في بناء العالم الحديث – تلتزم الولايات المتحدة بأمنها وفقاً للمادة 5 من معاهدة الناتو، ولكن من المهم أن يقوم الحلفاء الآخرون بدورهم وتوسيع آفاقهم ضد روسيا، والهدف هو خلق وضع تتضرر فيه القدرة الروسية على مهاجمة الدول المجاورة.
  3. أمريكا اللاتينية: “النصف الغربي من الكرة الأرضية” – ما يجري في هذه المنطقة تحديداً يؤثر بشكل مباشر على المجتمع في الولايات المتحدة الأمريكية، مثل الهجرة الجماعية، والمخدرات، وتسعى الولايات المتحدة جاهدة لمساعدتها في الدفاع ضد الإرهاب” والتخريب (إيران مذكورة) والجريمة، وفي تعزيز الديمقراطية، وفي تقديم الحوافز ضد إزالة غابات الأمازون.

بخصوص ملف الشرق الأوسط فإن الوثيقة اعتمدت على القوة العسكرية، ولكن بسبب الغرق في الوحل العراقي والأفغاني، يجب التخلي عن الرؤى الكبرى “القوة العسكرية” والتركيز على خطوات عملية أخرى.

  1. الشراكة – والاستعداد للدفاع ضد تهديد خارجي – مع كل الأنظمة التي تدعم نظاماً عالمياً قائماً على المعايير، يظهر هذا المصطلح مراراً وتكراراً على أنه تعريف للمثل الأعلى الذي تسعى الولايات المتحدة جاهدة لتطبيقه.

ونظراً لأن مصر والمملكة العربية السعودية والأردن والإمارات لم يتم ذكرها بالاسم (ولا توجد دول أخرى في المنطقة، باستثناء تلك التي سيتم ذكرها على وجه التحديد لاحقاً) إلا أنه يبدو أنها المقصودة – دول ليست ديمقراطية، ولكن يبدو أنها تشترك في الأهداف الأمريكية الأساسية.

في الفصل الفرعي، الذي كتب قبل ظهور الخلاف في العلاقات مع الرياض – وظهرت الشكوك في أن بايدن سعى لإقناعهم بتأجيل خفض الإنتاج من أجل التأثير على الانتخابات النصفية في الولايات المتحدة – يظهر أيضاً التوقع بأن هذه الدول ستساعد على استقرار أسواق الطاقة، إلا أنها لم تتصرف بهذه الطريقة، على الرغم من زيارة بايدن إلى المملكة العربية السعودية.

  1. لن تقبل الولايات المتحدة تهديد الممرات البحرية أو محاولة دولة للسيطرة على دولة أخرى، ويبدو أن هذه طريقة غير مباشرة لاتخاذ موقف وسيط فيما يتعلق بالحرب في اليمن، وتحذير إيران من التعرض لطرق التجارة البحرية (الأسطول الخامس، وبمشاركة إسرائيلية، يشارك بالفعل في أمن البحر الأحمر).
  2. ستعمل الولايات المتحدة على التهدئة، وإذا أمكن حل النزاعات القائمة.
  3. الاستعداد لتعميق التكامل الإقليمي بين شركاء الولايات المتحدة في الأبعاد السياسية والاقتصادية والعسكرية، بما في ذلك إمكانية دمج أنظمة الدفاع الجوي والدفاع البحري (لكن لكل دولة الحرية في اختيار موقفها)، وباستحياء، تشير الإدارة إلى أن الإطار المقترح يقوم على أساس ما تم تحقيقه بالفعل؛ لكن هنا لم تذكر اتفاقات إبراهام إلا في وقت لاحق في “السياق الإسرائيلي”.
  4. التمسك بحقوق الإنسان والقيم التي يجسدها ميثاق الأمم المتحدة.

إن الإشارة المحددة إلى إيران كنظام معاد يسعى إلى تقويض الاستقرار الإقليمي جاء كالتالي، “سنواصل الجهد الدبلوماسي لضمان عدم حصول إيران على أسلحة نووية مطلقاً” – (صيغة تشير إلى أنه حتى في بداية تشرين الأول (أكتوبر) بعد تعليق المحادثات وعلى خلفية الاحتجاجات في إيران وتزويد روسيا بطائرات مسيرة لم يتم التخلي تماماً عن إمكانية العودة إلى الاتفاقية) لكن سنبقى مستعدين وجاهزين لاستخدام وسائل أخرى إذا فشلت الدبلوماسية، لن تتسامح الإدارة مع محاولات مهاجمة الجنود الأمريكيين والمسؤولين الحاليين والسابقين، وقد ردت بالفعل بضربات في شرق سوريا، في الإشارة الغائبة عن وثيقة 2021 إلى ما يحدث داخل إيران، تؤكد الوثيقة أن الولايات المتحدة ستدافع عن حق الشعب الإيراني الذي يسعى للحصول على الحقوق التي ينكرها عليه النظام، لكن لا يوجد شرح كيف سيتم التعبير عن هذا الدعم.

بالنسبة “لإسرائيل”، فتُعبر الوثيقة عن تطلعها إلى تعميق وتوسيع علاقاتها مع دول المنطقة استمراراً لاتفاقات إبراهام، وبصياغة متسقة من إدارة بايدن التي تلتزم “بأمن إسرائيل”، رافق ذلك بياناً لا لبس فيه، تم اقتباسه من خطاب بايدن خلال زيارته للسلطة الفلسطينية في تموز (يوليو)، بخصوص الرغبة في دفع حل الدولتين على أساس حدود عام 1967 مع تبادل الأراضي، بحيث يتم ضمان وجود “إسرائيل” كدولة يهودية وديمقراطية ويحقق للفلسطينيين طموحهم في دولة مستدامة، دولة الأمن والازدهار والحرية والديمقراطية.

البُلدان الأخرى في المنطقة المذكورة باسمها هي سوريا واليمن وليبيا – باعتبارها مناطق تعيش محنة إنسانية شديدة تتطلب استجابة وكدول منشأ “للإرهاب” (والهجرة)، وجاء في شأنها أن الولايات المتحدة ستعمل دبلوماسياً لتسخير جهات إقليمية لتخفيف المعاناة وتحقيق الاستقرار، وتجدر الإشارة إلى أنه في فصل آخر من الوثيقة تم التلميح إلى أن الولايات المتحدة تهدف إلى تقليص نطاق مساهمتها بالموارد في المنطقة، على الرغم من عدم ذكر اسم “إسرائيل”، وعدم الإشارة بالضرورة إلى برنامج المساعدة العسكرية التي تتلقاها بموجب مذكرة تفاهم مدتها عشر سنوات.

  1. تم وصف إفريقيا في الوثيقة بأنها قوة جيوسياسية تتزايد أهميتها ويعيش فيها طبقة من السكان الشبان الديناميكيين والمتعلمين أكثر من أي وقت مضى، ستعمل الولايات المتحدة على جميع المستويات مع الاتحاد الأفريقي والدول (خاصة نيجيريا وجنوب إفريقيا وكينيا) والمنظمات غير الحكومية وكيانات الأعمال وكذلك المغتربين الأفريقيين [في الولايات المتحدة] لتعزيز العائد الاقتصادي بروح من الأهداف المذكورة أعلاه، وبالتحديد تم في الوثيقة ذكر المشاريع الإقليمية التي تشارك فيها الولايات المتحدة في بناء أساس رقمي وأمن غذائي، وطاقة نظيفة وتحسين الطب.

وستساعد الولايات المتحدة أيضاً في التعامل مع الأزمات الإنسانية والأمنية في الكاميرون والكونغو وإثيوبيا، وكذلك في موزمبيق ونيجيريا والصومال والساحل (حيث تعمل هناك الجماعات المميتة التابعة لداعش أو الجماعات الإسلامية الأخرى)، على البلدان الإفريقية من جانبها، أن تعمل على القضاء على مرتزقة مجموعة فاغنر (التي يملكها شريك بوتين يفغيني بريغوزين).

  1. ينبغي أن تظل منطقة القطب الشمالي خاصة ومستقرة وتعاونية، إذ إن تغير المناخ يجعل الوصول إلى أجزاء منها أسهل من ذي قبل؛ لكنه يظهر فيها وجوداً عسكرياً روسياً عدوانياً يتطلب المراقبة، كما تُظهر الصين اهتماماً بالتدخل في المنطقة، ويجب أن تظل القارة القطبية الجنوبية مساحة للبحث العلمي للأغراض السلمية.
  2. في مجالات البحر والجو والفضاء، يجب الحفاظ على حرية الاستخدام، ومنع التلوث والصيد البري، ومنع الاستغلال السيئ، كقوة رائدة في الفضاء، وستعمل الولايات المتحدة من أجل ترتيب محدث للاتفاقيات المتعلقة بإدارة استخدام هذا المجال.

من أجل تحقيق هذه القائمة الطويلة من الأهداف والمهام، تعتزم الإدارة الأمريكية التالي:

  • تعزيز دور وزارة الخارجية وبناء قسم سايبر فيها.
  • تعيين مبعوث خاص للتقنيات الجديدة؛ وتقوية قسم العلوم والتكنولوجيا في البيت الأبيض (لمنح الرئيس أدوات في الكفاح من أجل الهيمنة التكنولوجية للولايات المتحدة).
  • وملاءمة وتطوير مجتمع الاستخبارات الأمريكية لمهام العصر الحالي.
  • وتقوية هيئات التحذير من الأوبئة، مثل مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها CDC (التي كانت هدفاً لهجوم نظريات المؤامرة التي ساعد فيها ترامب).
  • وتعزيز قدرة قسم السياسات في وزارة الدفاع على التعامل مع التغيرات التكنولوجية وتداعياتها (وضمنياً للعب دور في منع تسرب المواد والقطع الحساسة إلى الصين).
  • وإنشاء قسم إلكتروني في وزارة الأمن الداخلي.
  • وتغيير الطريقة التي تعمل بها وكالة المعونة الأمريكية (USAID) بشكل جذري، بحيث يقوم المسؤولون المحليون بتوجيه الأموال إلى أهدافها.
  • وزيادة الاستثمار في تمكين المرأة وتعليم الطفولة.
  • وتعميق التعاون في السياسة الخارجية والأمنية مع قطاع الأعمال.

السؤال الرئيسي المطروح على جدول الأعمال يتعلق بالشبكات الاجتماعية والمحتوى الدعائي الذي يمر عبرها) ومع منظمات المجتمع المدني؛ وتوظيف قوى بشرية ذات جودة عالية للأنظمة الحكومية، مع الالتزام بقيم المساواة والتنوع (النساء، والشاذين، ومجتمعات الأقليات).

أهمية ذلك بالنسبة لـ “إسرائيل”

إن معظم محتويات الوثيقة، إن لم يكن كلها معروفة لدى مسؤولي المنظومة في “إسرائيل”، بل طرحت أكثر من مرة في وسائل الإعلام والخطاب العام، ومع ذلك، فإن الاطلاع عليها يجعل من الممكن تكوين صورة شاملة لأولويات الإدارة الأمريكية في السنوات القادمة، على الرغم من أن قدرتها على تحقيقها في الجوانب التي تهم “المصلحة الإسرائيلية” ستتأثر بشكل كبير بنتائج الانتخابات النصفية لمجلسي الكونجرس في 8 نوفمبر، 2022.

في نظرة إيجابية، وتباعاً للاتجاهات التي لوحظت بالفعل في السنوات الأخيرة (وخاصة منذ انتقال إسرائيل في سبتمبر 2021، إلى منطقة مسؤولية القيادة المركزية الأمريكية)، تبرز الوثيقة مراراً وتكراراً الحاجة إلى تعميق التعاون بين الدول الديمقراطية، (وغيرها من البلدان المتشابهة في التفكير).

تشير هذه الرسالة إلى الإمكانات المتزايدة التي تنفتح أمام “إسرائيل” لا سيما في المجال الأمني: سواء في التعاون الثنائي مع الولايات المتحدة أو في النظام الإقليمي (ومع الناتو والشركاء في آسيا).

بالإضافة إلى المجال العسكري المتميز فإن تصور الإدارة الشامل لأهمية الأمن القومي ولبنات بناء النظام العالمي يفتح آفاقاً واسعة “لإسرائيل”، في مجموعة متنوعة من الساحات – بما في ذلك آسيا وإفريقيا – حيث يمكن أن تلعب دوراً مفيداً، والتنسيق مع الولايات المتحدة في مواضيع مثل الطب والطاقات المتجددة والأمن الغذائي و”الحلول الخضراء” وقطاع المياه وحماية التجارة الرقمية والمزيد.

في الوقت نفسه، فإن روح الوثيقة (ولغتها الصريحة، حتى لو لم تكن تشير مباشرة إلى إسرائيل) لا تترك مجالاً للشك: طيف الابتكارات التكنولوجية الذي تلعب فيه “إسرائيل” دوراً يتجاوز حدود وزنها الديموغرافي والجغرافي.

لن يكون هناك مفر من الأخذ بعين الاعتبار مواقف الولايات المتحدة تجاه الصين، وتشديد آليات الرقابة بشكل كبير على الصادرات والاستثمارات الأجنبية في “إسرائيل”، وخطوات الإدارة الملموسة بشأن قضية أشباه الموصلات ترقى إلى مستوى نداء إيقاظ دراماتيكي.

في القضية الإيرانية، فالرسائل الواردة في الوثيقة – من وجهة نظر إسرائيلية – توازن (وربما تلغي) بعضها بعضا: إيران متضامنة بوضوح مع المعسكر المعارض لروسيا (تضامن اشتد منذ نشر الوثيقة).

هناك أيضاً تعبير عن الاستعداد للوقوف إلى جانب حق الشعب الإيراني” في نضاله والاستعداد لاستخدام “وسائل أخرى إذا فشلت الخطوة الدبلوماسية (احتمال ملموس للغاية في هذا الوقت)، من ناحية أخرى، تترك الوثيقة الباب مفتوحاً أمام إمكانية استئناف المفاوضات وتفرض قيوداً صعبة على إمكانية استخدام القوة.

إن الواقع السياسي هو الذي سيظهر من هو الذي سيشكل التحركات الأخرى وليس وثائق الإدارة، ويجب على “إسرائيل” أن تستعد لاحتمال أنه على الرغم من لغة الوثيقة فإن الولايات المتحدة ليس لديها في الواقع خطة الطوارئ (خطة ب) التي يمكن تنفيذها..

إن الصعوبة الأساسية – التي ستتأثر شدتها بطبيعة الحال بصورة الحكومة المقبلة في “إسرائيل” وسياساتها – تكمن في موقف الإدارة من القضية الفلسطينية، وعلاقتها بأهمية المؤسسات الدولية ومواقفها.

صحيح أن بايدن مؤيد قديم “لإسرائيل”، ويصغى لمواقفها ومواقف أصدقائها في واشنطن، بل إنه امتنع (بخلاف الحكومة الأسترالية) عن إلغاء خطوات سلفه في مسألة نقل السفارة إلى القدس، ويبدو أنه تراجع عن نيته إعادة فتح القنصلية الامريكية في المدينة كقناة اتصال مع الفلسطينيين، ومن الصحيح أيضاً أن نقول إن مبادرة ترامب للسلام استندت أيضاً إلى “تبادل الأراضي”، وإن كان في نطاق وخصائص مختلفة جداً عن تلك التي تشير إليها إدارة بايدن.

إن التحدي الذي يواجه “إسرائيل” يكمن في حقيقة أن الاستراتيجية العامة للإدارة، كما ورد في الوثيقة مبنية على روابط استراتيجية مع الحلفاء وخاصة في أوروبا، مع الاستناد إلى مبادئ ميثاق الأمم المتحدة – وصفة واضحة للانزلاق نحو المواقف الإشكالية للاتحاد الأوروبي (ليس بالضرورة لجميع الدول الأعضاء، والتي يُظهر بعضها فهماً متزايداً لإسرائيل والقيود التي تواجهها ودوافعها).

في مواجهة احتمالية الاحتكاك بشأن هذه القضية، من المهم العمل عبر النظام السياسي الأمريكي بأكمله – باستثناء الأطراف المتطرفة المعادية لإسرائيل – والفضاء الإعلامي والعام، مع التنسيق مع يهود أمريكا والاعتماد عليهم من أجل التوضيح.

المصدر: ترجمة الهدهد

البث المباشر