شكلت فلسطين محورا مهما أثناء المونديال في قطر بعد أن رفضت شعوب عربية وبعض الدول الأجنبية إجراء مقابلات لصالح الإعلام (الإسرائيلي)، بل رفعوا العلم الفلسطيني أمام شاشته، وعلى مدرجات الألعاب هتفوا بعد كل مباراة باسم فلسطين.
هناك واقع كان الاحتلال يريد فرضه منذ بداية عمليات التطبيع مع دول عربية وتشجيع الدول التي لم تطبع بعد بأن تخطو هذه الخطوة، وظهرت الصدمة جلية في وجوه مراسلي القنوات العبرية، حيث لم يكن لدى الاحتلال قدرة على الاستمرار في فرض معادلته وأكاذيبه، ثم تمثيل دور الجانب المظلوم فكانت سخرية الشعوب كبيرة وكشفت رسالته الكاذبة.
أحمد البيقاوي، مسؤول منصة "مقاطعة"، قال في لقاء مع الجزيرة: إن القضية الفلسطينية مركزية بين القضايا العربية وهي جزء من يوميات الشعور العربية وقد حضرت فلسطين بقوة في المونديال لأن الفلسطينيين تعزز شعورهم بالمسؤولية بعد معركة سيف القدس وأحداث الشيخ جراح، بالإضافة إلى تصاعد الأوضاع في الضفة الغربية منذ ذلك الوقت.
لقد كان هناك قرار سياسي حسب ما يعتقد البيقاوي من الحكومة القطرية مضيفا أن هناك بعض الدول يمكن أن تعطي مساحة محدودة ودول أخرى تحديدا الدول المطبعة تعاقب الرافض للتطبيع، ولكن قطر أعطت الحرية المطلقة لرفض التطبيع.
تجربة قطر أنهت أي أمل بتحسين العلاقات مع الشعوب العربية، هكذا عبر الإعلام (الإسرائيلي)، والكلام للبيقاوي، فالإعلام (الإسرائيلي) يعرف أنه مرفوض، مشيرا إلى أنه لا أمل لدى الاحتلال بالتطبيع لدى الشعوب العربية وكل محاولاته السابقة وصلت إلى طريق مغلق.
وأظهر استطلاع للرأي -قبل المونديال- أجراه "معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، تراجعًا ملحوظًا في نسبة مؤيدي اتفاقيات التطبيع مع (إسرائيل) في كل من السعودية والبحرين والإمارات في العام الماضي؛ لتصبح "أقلية"، وهذا ما يدحض ما روج له الاحتلال على مر السنوات السابقة من أكاذيب.
وفي رأي آخر مشابه أكد الدكتور باسم نعيم رئيس حملة المقاطعة – فلسطين، أن ما حدث في المونديال قد خدم القضية الفلسطينية فعلا، مضيفا:" كدنا أن نصل لمرحلة اليأس وقد وصل التطبيع إلى دول الخليج، ولكن المونديال كشف لنا الحقيقة وأعاد لنا الأمل، فالقضية الفلسطينية على سلم أولويات الشعوب وأن ما روج له الاحتلال من أشكال التطبيع كان تدليسا.
ويضيف نعيم: "شعوبنا العربية لا تحتاج للكثير من العمل، هي تحتاج لإتاحة فرصة التعبير عن رأيها، ففي المونديال عبرت الشعوب أمام وسائل الإعلام المختلفة بتلقائية، دون أن يملي عليهم أحد بما يجب أن يقولوه، وهذا أثبت أن فلسطين هي قضيتهم المركزية والحقيقية.
كما يرى نعيم أن الفلسطيني يميز بين أشكال التطبيع واتفاقياته، ولكن يقع على الفلسطيني عبء أكبر الآن، فهو الموقع على اتفاقية أوسلو وهي اتفاقية تطبيع أصلا، فإذا كان الفلسطيني مطبعا كيف يطلب من العربي أن يتضامن معه ضد التطبيع، وهذا يبين أهمية الوحدة والموقف الفلسطيني تجاه التطبيع، كما يقول نعيم.
ويؤكد نعيم على أن الفلسطيني بيده أن يقاطع -ما استطاع- البضائع التي يوجد بدائل لها، كما يجب أن يكون هو خير نموذج للعربي، ولا يجوز أن يكون صاحب قضية ويتعامل مع بضائع الاحتلال ويستمر في التطبيع والتنسيق الأمني.
وفي النهاية لفت نعيم إلى أنه يقع على عاتق الفلسطيني أن ينقل بكل مجهوداته روايته الفلسطينية الحقيقية ليحارب الرواية (الإسرائيلية) الكاذبة بتنظيم ودون تشتت.
جمال جمعة، منسق اللجنة الشعبية لمقاومة الجدار والاستيطان يقول إن ما حدث في مونديال قطر من دعم شعبي للقضية العربية أحرج الحكومات المطبعة، وبالتالي يمكن لمن كان ينوي التطبيع منها أن يتأخر ويراجع نفسه قليلا.
كما لفت جمعة إلى أن التعبير العفوي العربي أظهر مدى التعسف الذي تمارسه الحكومات على شعوبها، وقال مضيفا: "فاجأتنا هذه الشعوب أنها تكلمت بجرأة، مثل المغرب والسودان مثلا وهي الدول التي طبعت بقوة ولكن شعبها عبر عن رفضه بقوة أيضا".
وأكد جمعة على ضرورة فتح مجال العلاقات مع النقابات والاتحادات العمالية ودعم حركات المقاطعة في الدول العربية وتعزيزها وهي حاضرة مسبقا في الدول المطبعة.
وأكد جمعة على أن ذلك سوف يعطينا قوة ويعزز موقف الرواية الفلسطينية ويحرج هذه الدول خصوصا أن هذا التضامن لم يكن مبرمجا أو مخططا له بل كان عفويا وغير مدروس، ولم يكن المونديال هو العامل الأساسي، بل كان فرصة للتعبير، وكانت الشعوب جريئة ومعبرة بقوة.
حركة نشطة لمواجهته في الدول العربية.. كيف كسر المونديال رأس التطبيع؟
الرسالة نت- رشا فرحات