قائد الطوفان قائد الطوفان

مصاريف العزاء.. "موت وخراب ديار"

غزة/لميس الهمص

نافست بيوت العزاء الأفراح والحفلات العامة، بسبب مظاهر الإسراف والتبذير التي يراها المعزي، فبات الغداء واجبا خلال أيامه ، والمعرشات الضخمة وإيقاف حركة السير في الشوارع دليلا على الحدث الجلل ، والغريب أن الأمر يصل في بعض الأحيان إلى حد الاستدانة لدخول مضمار هذا السباق الذي ستكون نتيجته الحتمية "موت وخراب ديار".

والمعزون من جانبهم أو «المدعوون» يتناقشون حول العقارات، وأخبار الكرة والبطولات الرياضية، وبين الحين والآخر وقد تتعالى الضحكات والأصوات، وكأن المقام ليس مقام حزن وتفكر وتذكر.

بذخ زائد

فلم يعد الحزن مقره القلب، بل أصبح يقاس بحجم ما ينفق على العزاء، فهذا يقيم مأتما كبيرا لتلقي العزاء، وذاك ينشر إعلانا كبيرا في الصحف، وآخر يقيم وليمة ضخمة للمعزين، ورابع يضع رخاما فخما على قبر المتوفى، حتى تحول الأمر إلى ما يشبه السباق.

ويقول محمد صالح (50 عاما) أنه أثناء حضوره مناسبات العزاء، يرى الكثير من العادات المخالفة لآداب العزاء، فمنهم من يقول: «أحسن الله عزاءكم أو عظم الله أجركم" ويرى صالح أن ذلك يسقط حق الميت الذي هو بيت القصيد من الدعاء، باستثناء من ندر من الناس، والصواب حسب صالح، القول: أحسن الله عزاءكم، ورحم الله ميتكم، وبهذا أصبحت الدعوة تشمل المعزَى والميت».

ويردف صالح أن الميت في حالة العزاء هو أحوج ما يكون للدعاء، بينما أغلب من حضر ليُعزّي، جاء لتمضية وقته في الكلام العقيم.

أما أم شادي في الأربعينات من عمرها فتقول :"التشابه بين الأعراس والمآتم في مجتمعنا يزيد يوماً بعد آخر، فأهل الميت يتكلفون الكثير من المال والجهد لاستقبال أعداد هائلة من المعزين.

فيما انتقد المواطن حامد اغلاق الشوارع بالشوادر من اجل دور العزاء، مشيرا إلى أن البعض يلجأ لوضع العزاء في الشوارع الرئيسة ويعيق الحركة.

وذكر أن البعض يلجأ لعمل موكب للميت باستئجار سيارات وباصات وكلها تكاليف تقع على عاتق عائلة الميت في ظل وضع اقتصادي صعب يحياه الكثير من العائلات .

بدع العزاء

من جانبه ذكر الداعية سميح حجاج أن التعزية سنة نبوية، فقال صلى الله عليه وسلم :"من عَزَّى أَخَاهُ الْمُسْلِمَ فِي مُصِيبَةٍ كَسَاهُ اللهُ حُلَّةً خَضْرَاءَ يُحْبَرُ بِهَا"، موضحا أنه من الناحية الشرعية أقر الشافعي بكراهية الجلوس في بيت العزاء إلا أن العلماء اجمعوا على جواز الجلوس في بيت العزاء لثلاثة أيام.

ولفت إلى أن الكثيرين يقومون بأفعال بدعية والبدعة ضلالة كصنع الطعام واقتراض البعض لهذا الهدف، مشيرا إلى قول الرسول صلى الله عليه وسلم :"الطعام من النياحة " وأن السنة كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم اصنعوا لآل جعفر الطعام فقد جاء ما يشغلهم أي أن الجيران والأقارب هم من يعد الطعام لا أهل الميت.

وانتقد حجاج بعض المظاهر في دور العزاء كالحديث المبالغ في امور الدنيا والنميمة والغيبة ، علاوة على غياب العبرة وعدم الاستماع للقرآن والانصات له .

وأوضح الداعية أن الطريق حق عام ولا يجوز إغلاقه بأي حال من الأحوال دون إذن سواء في الأفراح أو الأتراح ، مبينا أن قفل الشارع يتطلب أذنا من جميع المارة وإلا أثم صاحب العزاء.

وأشار إلى أنه لا يجوز وضع الميكروفونات سواء في الأفراح أو الاتراح لما فيها من إزعاج للجيران فنهى الرسول صلى الله عليه وسلم أن يؤم أحد في بيت اخيه إلا بإذنه لما فيها من رفع الصوت في الصلاة الجهرية فكيف بصوت الميكروفون الذي يصل لكل بيت يزعج المرضى والطلبة .

فيما قال الشيرازي في المهذب: يستحب لأقرباء الميت وجيرانه أن يصنعوا لأهل الميت طعاماً بقدر الحاجة من غير مبالغة ودون إسراف وتبذير. ويجدر هنا التنبيه إلى أن الصدقة على الميت جائزة، وثوابها يصل إليه، ولكن لا يصح تخصيصها في وقت دون آخر، ومن باب أولى عدم التبذير والمباهاة فيها».

 

 

 

البث المباشر