قائمة الموقع

استعراض أصفر خالٍ من الدسم

2023-01-01T13:08:00+02:00
استعراض أصفر خالٍ من الدسم
عمار خليل قديح

 كما كان متوقعا تماما، انتهى الاستعراض الفتحاوي في ساحة الكتيبة وسط مدينة غزة، دون أن يحمل أية دلالات أو رسائل يمكن أن يمسك بتلابيبها المحللون والمراقبون.

وبخلاف التقاط صورة للحشد المشارك، لإثبات أن جماهير فتح في غزة ما زالت ملتفة حول حركتها، برغم سوءات وفضائح وجرائم القيادة السلطوية المتحكمة بأرزاق الموظفين والفقراء والمحتاجين، لم تحتوِ فقرات المهرجان على شيء ذي قيمة أو مثير للانتباه والاهتمام.

خرج الفتحاويون للمشاركة في الاستعراض الكبير، إما حبا وانتماء صادقا لحركتهم وتاريخها النضالي القديم، وإما خشية ابتزاز بقطع أرزاقهم، وإما إثباتا لوجودهم في قطاع غزة الذي تحكمه حركة حماس التي فازت بأغلبية مقاعد التشريعي ثم انقلبت عليها قيادة السلطة وفتح، وفتحت جرحا كبيرا اسمه (الانقسام)، الذي لم تفلح كل المحاولات والوصفات بالتئامه. لم يحمل المهرجان أية رسائل قوة تجاه العدو الصهيوني، بل بدا القائد الفتحاوي أحمد حلس في كلمته يستجدي من قيادة السلطة وفتح أن يغيروا طريقة تعاملهم مع الاحتلال المجرم والظالم، ولم يخرج أي عرض عسكري أو متحدث عسكري في المهرجان ليوجه رسالة نارية للعدو، وحكومته الفاشية الجديدة.

ومن مؤشرات الهوان والضياع، رش مزيد من الوعود فوق رؤوس الجماهير بحل مشاكل قطاع غزة ورفع الظلم الذي مارسته السلطة التي تقودها حركة فتح تجاه شعبنا في القطاع، وذلك خلال هذا العام، وكأن الواعد والموعود من فصيلين مختلفين

. وبرأيي لم تفلح الأغاني الثورية القديمة التي جرى استدعاؤها بكثافة خلال فقرات المهرجان، في إخفاء حالة الانفصام الفتحاوي بين الواقع والماضي، وإن كانت تعبر عن حنين الجماهير الفتحاوية للعودة بحركتهم إلى سيرتها الأولى.

وبينما توشح شعار انطلاقة فتح في غزة بالبندقية، آثرت فتح بالضفة لإزالتها من الشعار الذي وضع على لافتة خلف رئيس الحركة محمود عباس وهو يلقي خطابه بمناسبة الانطلاقة، وهو تعبير حقيقي عن فكر ونهج القيادة بدون تزويق وضحك على الناس.

لم نشاهد طائرات مسيرة من صنع فتح، وعوضا عنها، أطلق منظمو المهرجان بضعة حمامات نحو السماء، في دلالة على ما يبدو للتمسك بوهم السلام الذي ما زال يعشعش في جمجمة القيادة المتنفذة. ولم يحظ الأسرى في سجون الاحتلال بأي بارقة أمل في المهرجان، واكتفى حلس بالحديث عن مأساتهم، دون أن يطرح برنامج حركته لتحريرهم من سجون العدو، وكذا الحال بالنسبة للقدس والمسجد الأقصى، وبقية الثوابت الوطنية.

وبدل الإعلان عن التقدم خطوة للأمام نحو تحقيق المصالحة، اكتفى المهرجان وكلمته المركزية بالتغني بأهمية الوحدة الوطنية، في حين ممارسات أجهزة السلطة في الضفة تقول عكس ذلك تماما.

نجحت فتح إذا في الاستعراض البشري، وأخفقت في استثماره ليكون رافعة وورقة قوة لمواجهة العدو الصهيوني ولتصويب مسار قيادتها المتناحرة على كرسي الخلافة لزعيمها المتشبث بوهم السلام والعيش مع العدو بوئام.

 

اخبار ذات صلة