استعادت قوات الأمن البرازيلية السيطرة على القصر الرئاسي ومقري البرلمان والمحكمة العليا عقب اقتحام تلك المباني من قبل أنصار الرئيس السابق جايير بولسونارو، وأعلن وزير الداخلية والقضاء أن السلطات ستوجه تهمة محاولة الانقلاب للمشاركين في هذه الأعمال.
وأمر الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا قوات الأمن الفدرالية بالتدخل لفرض النظام في العاصمة برازيليا بعد اقتحام مقرات السلطات الثلاث في البلاد أمس الأحد، وتوعد بمحاسبة المقتحمين الذين وصفهم بالنازيين والفاشيين.
وقال دا سيلفا -في خطاب متلفز من ولاية ساو باولو- إن التدخل الأمني الفدرالي في برازيليا سيستمر حتى 31 يناير/كانون الثاني الجاري.
وتابع "سيتم توقيف ومحاسبة المشاركين في هذا الفعل الهمجي، ليعرفوا جيدا أن الديمقراطية التي وُجدت لحماية حق التعبير لديها آلياتها لحماية مؤسساتها التي تصون الديمقراطية".
وأضاف أن "من اقتحموا مؤسساتنا الشرعية هم نازيون وفاشيون متطرفون، فعلوا ما لم يشهده تاريخ بلدنا"، وتوعدهم بالعقاب "بقوة القانون الكاملة".
من جهتها، أعلنت الشرطة البرازيلية عن تعبئة قوات إضافية من ولايات عدة في البلاد لدعم قوات الأمن في العاصمة.
في غضون ذلك، أفادت وكالة رويترز بأن مكتب المدعي العام في البرازيل أصدر أمرا باعتقال وزير الأمن العام.
من جهته، قال وزير الداخلية والقضاء البرازيلي فلافيو دينو إن السلطات ستوجه تهمة محاولة الانقلاب لمن شاركوا في الاقتحامات. وأضاف أنه قد تم فتح تحقيق للكشف عن جميع المتورطين في عملية الاقتحام، مشيرا إلى أنه سيتم تحليل كافة الصور للتوصل إليهم.
وذكر الوزير أيضا أنه سيجري التحقيق في أداء حاكم العاصمة برازيليا "وما إذا كان تقصيره بسبب خطأ بشري أم بشكل متعمد".
اعتقال العشرات
وأفادت وسائل إعلام محلية بأن السلطات اعتقلت 150 شخصا على الأقل من أنصار الرئيس البرازيلي السابق جايير بولسونارو.
وأظهرت اللقطات بعض أنصار بولسونارو وهم يرتدون ملابس بألوان العلم البرازيلي يخرجون صفا واحدا وأيديهم خلف ظهورهم من قصر بلانالتو الرئاسي ويحيط بهم عناصر الشرطة، كما أظهرت صور أخرى حافلة مليئة بمتظاهرين معتقلين تغادر باتجاه مركز للشرطة.
وأعلنت شرطة مجلس الشيوخ أنها اعتقلت 30 شخصا ممن اقتحموا مبنى الكونغرس.
وبحلول الليل في العاصمة البرازيلية، بدا أن قوات الأمن تستعيد السيطرة على الوضع تدريجيا، وقد استخدمت خراطيم المياه لتفريق المتظاهرين.
وتفقد الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا القصر الرئاسي والمحكمة العليا فور عودته إلى برازيليا، وفق مشاهد بثتها قناة "غلوبو".
بولسونارو يرفض الاتهامات
من جهته، رفض الرئيس السابق بولسونارو اتهامات دا سيلفا له بأنه هو من حرض على اقتحام مقرات السلطة في برازيليا، وقال إنها اتهامات "لا أساس لها".
وأضاف بولسونارو في تعليقات عبر تويتر أن المظاهرات السلمية جزء من الديمقراطية، لكن أي اقتحام للمباني العامة يعد تجاوزا، حسب تعبيره.
إدانات واسعة
ولقيت الاقتحامات في برازيليا إدانة إقليمية وغربية واسعة، إذ وصفها الرئيس الأميركي جو بايدن بالشائنة.
وقال بايدن "أدين الاعتداء على الديمقراطية والتداول السلمي للسلطة في البرازيل. المؤسسات الديمقراطية البرازيلية تحظى بدعمنا الكامل، وإرادة الشعب البرازيلي يجب ألا تقوض. إني أتطلع إلى مواصلة العمل مع لولا".
بدوره، كتب مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان على تويتر "الولايات المتحدة تدين أي محاولة لتقويض الديمقراطية في البرازيل. الرئيس بايدن يتابع الوضع عن كثب".
وكذلك، أعرب رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال عن "إدانته المطلقة" للاقتحامات، وكتب على تويتر "الدعم الكامل للرئيس لولا دا سيلفا الذي انتخبه بشكل ديمقراطي ملايين البرازيليين في انتخابات نزيهة وحرة".
من جهته، دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى "احترام المؤسسات الديمقراطية" في البرازيل، مشددا على "دعم فرنسا الثابت" للرئيس البرازيلي.
من جهة أخرى، دان الأمين العام لمنظمة الدول الأميركية لويس ألماغرو "الاعتداء على المؤسسات في برازيليا الذي يشكل عملا مرفوضا واعتداء مباشرا على الديمقراطية". وقال إن "هذه الأفعال لا تغتفر وهي فاشية بطبيعتها".
واقتحم مئات من أنصار الرئيس البرازيلي السابق الأحد القصر الرئاسي ومبنى الكونغرس وساحة المحكمة العليا في العاصمة برازيليا، مطالبين الجيش بالتدخل لعزل الرئيس لولا دا سيلفا.
وتم الاقتحام بعد أسبوع من تنصيب دا سيلفا ومغادرة بولسونارو البلاد باتجاه الولايات المتحدة بعد رفضه الإقرار بهزيمته أمام منافسه في انتخابات الرئاسة التي جرت على دورتين في أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وأفاد مراسل الجزيرة بأن محتجين حطموا أثاثا وعبثوا بمحتويات داخل قصر "بلاناتو" الرئاسي ومبنى البرلمان الفدرالي في برازيليا، مشيرا إلى أن متظاهرين آخرين اقتحموا مبنى المحكمة الفدرالية العليا ومقرات وزارات بعدما تخطوا الحواجز الأمنية.
وذكر المراسل أن مواجهات جرت بين الشرطة وأنصار الرئيس السابق بولسونارو بعد اقتحامهم القصر الرئاسي ومبنى الكونغرس.
وأظهرت صور تناقلها ناشطون على وسائل التواصل الاجتماعي دخول المحتجين المعارضين لتنصيب الرئيس اليساري لولا دا سيلفا القصر الرئاسي والمباني الحكومية الأخرى، وتحطيمهم أثاثا ومحتويات داخلها والعبث بها، في حين جلس عدد منهم على كرسي رئاسة البرلمان البرازيلي.
وبعد فوز لولا دا سيلفا بانتخابات الرئاسة بفارق طفيف، نظم أنصار بولسونارو احتجاجات وقطعوا الطرق في العديد من مناطق البلاد، في حين تم اعتقال رجل من أنصار المرشح الخاسر كان ينوي تفجير قنبلة.
وكان دا سيلفا اتهم بولسونارو بتحريض أنصاره على العنف، في حين رفض الجيش دعوات مؤيدي الرئيس السابق لمنع تولي الرئيس الجديد السلطة في أكبر بلد بأميركا اللاتينية.
وبعيد الانتخابات الرئاسية التي جرت في البرازيل وسط انقسام حاد، كانت هناك مخاوف من أن يكرر أنصار بولسونارو سيناريو اقتحام مؤيدي الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب مبنى الكونغرس في السادس من يناير/كانون الثاني 2021 في محاولة لمنع تنصيب جو بايدن رئيسا للولايات المتحدة.
المصدر : الجزيرة + وكالات