إن كثرة أسئلة الطفل أو جداله أمر إيجابي، فهو بحاجة إلى أن نستمع إليه جيداً، ونتجاوب معه بحسب مستوى عمره، فإسكات الطفل المتسائل يعطّل نموه العقلي والاجتماعي واللغوي.
فالكثير من الأطفال يفاجئون آباءهم بأسئلة محيّرة ومحرجة. وبعض الآباء لا يعرفون الإجابة فعلا عن تلك الأسئلة، لذلك عليهم عدم الخجل من قول "لا أعلم، ولكن أنا سعيد لسؤالك وسأبحث لك عن الإجابة الصحيحة" مع إظهار الرغبة في مزيد من الحديث حول ما يسأل.
هنا، من الأفضل مشاركة الطفل في البحث عن الإجابة، بدلاً من التذمر أمامه أو الرد بإجابة ليست صحيحة، فبعض الأطفال لا يقتنعون بسهولة، وقد يكونون على درجة عالية من الذكاء، بحيث يشعرون بأن سؤالهم أزعج آباءهم، فيزداد الأمر تعقيداً بالنسبة إليهم، وقد يبحث بنفسه عن الإجابات بطريقة سيئة ومن مصادر غير موثوقة.
ترتيب أفكار الطفل
يمكننا مساعدة الطفل على ترتيب أفكاره وتعويده على طريقة أسئلة صحيحة ومفيدة، كالإكثار من إعطاء الأمثلة للطفل، وعدم الاكتفاء بالإجابة عن السؤال، فهذا الأسلوب ينمّي ذكاءه ويوسّع مداركه".
كما حذر مختصون من تجاهل أسئلة الطفل، وإن كانت كثيرة ومزعجة لأحد الوالدين أو عندما يكونان منشغلين. إذ عليهم تخصيص وقت له ولأسئلته يومياً. ويمكن أن نطلب منه تسجيلها على ورقة حتى لا ينساها إلى حين الوقت المخصص لذلك.
وعند إعطاء الطفل المعلومات، على الوالدة/الوالد مراعاة ما يلي: مثلا، أن تطلب منه أن يخبرك بالمعلومات التي لديه وما هي أسئلته، ثم صحّح معلوماته الخاطئة، وأجب عن استفساراته واشغل وقته بنشاطات مفيدة تحسّن نموّه، وشجّعه على قراءة الكتب المناسبة.
نقاش الطفل وفقا لرؤيته الخاصة
يرى المختصون أن الطفل يبدأ طرح الأسئلة على الأهل ابتداء من عمر 3 سنوات، مع بداية مرحلة استكشاف العالم من حوله، وكيف تعمل الأشياء، وسواها من الأسئلة التي لا تنتهي.
ثم تبدأ مرحلة الطفولة المتأخرة، بين 6 و11 سنة، وفيها تبدأ مرحلة مختلفة يحتاج فيها الطفل إلى الالتحاق بعالم الكبار، من خلال محاولات الاستقلال بذاته ونقاشه مع الأهل في ما يرغب ويريد أن يسير وفقا لرؤيته الخاصة.
وغالباً، فإن هذا الأمر لا يعجب الأهل، فما زال ابنهم -في نظرهم- طفلاً لا يعلم الصواب من الخطأ. وهنا تبدأ المشكلات وتظهر الفجوة، فالطفل يريد الاستقلال وإثبات الذات، وتزيد الأمور حدة كلّما اقترب الصغير من مرحلة المراهقة، والأهل لا يتقبلون هذه الاستقلالية.
الجدال المحتدم
من المهم فهم طبيعة هذه المرحلة، والتمييز بين النقاش الذي يجريه الطفل للاستفسار عن سؤال أو إشباع حاجته إلى الفهم والتساؤلات التي تراوده، وبين الجدال المحتدم الذي قد يحدث حينما يشعر بأنه محاصر ولا يريد التنازل عن رأيه واستقلاليته.
هنا، على الأهل تقبل هذا الجدال، والعمل على احتوائه ومراعاته والتكلم معه بلطف، واستخدام الأدلة والبراهين التي تثبت وجهة نظر الطفل".
فأكبر الأخطاء التي قد يقع فيها الأهل، في هذه المرحلة، هي فرض السيطرة بالصوت العالي وأحياناً الضرب، وهو أسوأ أسلوب للتعامل مع المشكلة، بل ويسبب فجوة كبيرة بين الأهل والطفل.
ويلجأ الأهل، أحياناً، إلى ممارسة سلطتهم على الطفل لمنعه من تصرف معين والامتثال للأوامر.. جميع هذه التصرفات تأتي بنتائج سلبية، ولا تقدم نتائج ملموسة، مقارنة بالتعامل معه بالاحتواء وتفهّم طبيعة مرحلته العمرية.
حول كيفية التعامل مع الطفل كثير الجدال، النصائح التالية للتعامل معه بفعالية:
اكتشف السبب الجذري: أفضل طريقة للتعامل مع الطفل "المجادل" هي معرفة السبب الأساسي لذلك. وفي المرة الثانية التي يبدأ فيها طفلك المجادلة، فإن الخطوة الأولى هي أن تأخذ نفساً عميقاً لتركز.
ثم اسأله بنبرة صوت هادئة "يبدو أنك تستمتع بالجدل حول كل شيء". ومن المحتمل، حينها، توقّفه والتفكير قبل القفز في جدال بشكل عكسي.
افحص حدودك: الدافع نحو الاستقلالية هو أحد التطورات النفسية والاجتماعية الرئيسية للأطفال، فإذا جادل طفلك طوال الوقت لأنه يشعر بالسيطرة، أعد النظر في القواعد التي تدير بها بيتك.
ضع حدوداً أساسية: سيؤدي إشراك الجميع في وضع قواعد إدارة البيت إلى تقليل الصراع على السلطة والجدال. كقاعدة عامة، الأشياء المهمة المتعلقة بقضايا السلامة والصحة والاحترام المتبادل غير قابلة للتفاوض.
وبالنسبة إلى الأشياء الأخرى، يمكنك مناقشة الحدود المناسبة والتفاوض بشأنها.
كن قدوة جيدة: يؤثر سلوك الوالدين بشكل عميق على الطفل حتى في مرحلة البلوغ، لذلك من المهم أن يستحضر الآباء ذلك عند التعامل مع الأطفال المثيرين للجدال.
الحد من التأثير السيئ: إذا كان البالغون أو الأقران الآخرون هم سبب السلوك السيئ لطفلك، فيجب التحدث معه عن عدم رضاك على علاقته بهم.