“قناص مناسب في مكان مناسب.. أفضل من ألف جندي في ساحة المعركة”.. هكذا لخص الشاب المقدسي خيري علقم (21 عامًا) نظرته للعمليات النوعية في مقاومة الاحتلال، ليس فقط بنشرها على صفحته الشخصية، ولكن أيضًا بكتابتها بدمائه أمس على صفحة روحه التي صعدت إلى بارئها، بعدما نفذ عملية في القدس أسفرت عن مقتل 7 مستوطنين إسرائيليين وإصابة آخرين.
العملية التي نفذها الشهيد خيري وتردد صداها واسمه على المنصات العربية، كان لها مفعول قويّ بين الفلسطينيين، خاصة أنها جاءت بعد يوم واحد فقط من المجزرة التي ارتكبتها قوات الاحتلال في مخيم جنين شمالي الضفة الغربية واستشهد خلالها 9 فلسطينيين.
وخرجت جموع الأهالي في المخيم الجريح صادحين بالتكبير ومرددين في فرحة وفخار “من جنين طلع القرار.. طلقة بطلقة ونار بنار”، انطلاقًا من قاعدة أن العنف لا يجر إلا العنف وأن القتل لن يؤدي إلا إلى القتل، ولإيصال رسالة مفادها أن السياسة الإسرائيلية المتبعة في مخيم جنين لن تمر دون ثمن.
حمل اسم جده وأخذ بثأره
لم يأخذ خيري بعملية أمس ثأر إخوانه في جنين فقط، بل ولا حتى في القدس فحسب، فالشاب الذي درس حتى الثانوية في مدارس قرية الطور، ثم عمل بعد تخرجه في مجال الكهرباء بالقدس المحتلة، سُمّي تيمنًا باسم جده الشهيد خيري علقم، الذي طعنه أحد المستوطنين فقتله أثناء توجّهه إلى عمله في البناء يوم 13 مايو/ أيار عام 1998.
ويبدو أن الشاب العشريني لم ينس ما حدث لجده، وبقيت جذوة الثأر لجده ولوطنه متّقدة في صدره إلى أن غربت شمس يوم الجمعة الـ27 من يناير عام 2023، فأراد أن يبرهن على أن عاقبة الظلم وخيمة، وقرر أن ينطلق بمركبته نحو مستوطنة (النبي يعقوب) المقامة على أراضي بلدة بيت حنينا شرقي القدس المحتلة، ليوقع برصاص مسدسه أعلى عدد من القتلى منذ سنوات في صفوف الإسرائيليين.
وكان آخر ما نشره علقم الذي يسكن حي الشيّاح في قرية الطور شرق المسجد الأقصى، وينحدر من قرية بيت ثول المهجّرة قضاء القدس المحتلة، رسالة صوتية على حسابه في تطبيق “تيك توك” يقول فيها “يا نفس إن لم تُقتلي فموتي، ونحن لا نرفع أيدينا إلا لله، ولا نسجد إلا لله، ولا نسمع إلا من رسول الله”.
وتأتي أهمية هذه العملية من كونها جاءت بعد أسابيع فقط من تولي المتطرف إيتمار بن غفير منصب وزير الأمن القومي، وبدء عمله بإجراءات انتقامية خاصة في حق الأسرى، فجاءت هذه العملية التي أوقعت عددًا كبيرًا من القتلى لم يسجل في القدس منذ عملية الشاب علاء أبو دهيم عام 2008، لتؤكد أن هناك جيلًا فلسطينيًّا لا يؤمن بخيار سوى المقاومة بعدما فقد الثقة في أي مسار سياسي.
العملية التي أربكت الاحتلال لكون خيري يحمل هوية إسرائيلية ولا ينتمي لأي تنظيم -بحسب هيئة البث الإسرائيلي- دفعت المفتش العام للشرطة الإسرائيلية إلى إعلان رفع حالة التأهب إلى أعلى المستويات، وأفادت الشرطة باعتقال 42 شخصًا بعد إطلاق النار أمام الكنيس في القدس.
المصدر : الجزيرة مباشر + مواقع التواصل