"قناص مناسب في مكان مناسب، أفضل من ألف جندي في ساحة المعركة"، جملة دونها الشهيد الثائر خيري علقم (21 عاما) عبر صفحته على الفيسبوك وبات يتناقلها الفلسطينيون الذي احتفوا، ليلة أمس، بعملية بطولية نفذها ردا على مجزرة الاحتلال في جنين الخميس التي راح ضحيتها 9 شهداء.
عادة حين يرتقي الفلسطيني شهيدا، سرعان ما يؤم صفحته الآلاف من الفلسطينيين ليستعرضوا ما كان يكتبه ويعلق عليه وقت الأحداث، ويتشابه الشهداء في كتابة عبارات الانتقام بطريقة لا يفهمها سوى الثوار، ولكن يتم تفكيك شفرتها وقت استشهادهم.
لكن سرعان ما أغلق الاحتلال (الإسرائيلي) صفحة الثائر فهو شهيد وحفيد شهيد، كان يصنع محتوى على طريقته، يتغنى به القاصي قبل الداني.
بمجرد أن علم الفلسطينيون اسم الشهيد قالوا: "لنا منه اسمه الأول (خيري)، ولهم منه اسمه الثاني (علقم)، لنا منه وجهه الجميل، ولهم منه بأسه الشديد".
العلقم البلسم
لم يتردد صاحب الرد السريع في تنفيذ عملية بطولية انتقاما لشهداء جنين العشرة، فكانت بلسما لكل من سمع عنها، حيث كانت مميزة بتفاصيلها.
دخل "خيري" بمفرده عبر سيارة (إسرائيلية) إلى مستوطنة (النبي يعقوب) المقامة على أراضي بلدة بيت حنينا شمال القدس، عشاء يوم الجمعة 27 يناير، وأطلق النار ليقتل 8 مستوطنين بينهم حاخام كبير، وأوقع 17 إصابة، 5 منها حرجة.
ووفق شهود عيان (إسرائيليين)، فإن المنفذ استمر بإطلاق النار 20 دقيقة قبل وصول شرطة الاحـتلال للمكان، ولايزال الإعلام (الإسرائيلي) يردد مقولة: "(إسرائيل) قـتلت 9 فلسطينيين في جنين، والآن فلسطيني واحد قتل 8 (إسرائيلــيين) في قلب الدولة"!
وحسب تحقيقات الاحتلال فإن الشهيد استخدم 15 طلقة من مسدس، وحقق 15 إصابة رأس مباشرة، دقة الإصابة 100%، نسبة الخطأ 0%.
وعجز جنود الاحتلال عن قنصه رغم أنه كان يقاتل بمسدس واحد، لكن بعد نفاد ذخيرته تمكنوا من إصابته ليرتقي شهيدا.
تقول الصحافة العبرية إن الشهيد بدّل مخزنين لمسدسه، وبعد إصابته حاول التقاط مسدسه ومواصلة الاشتباك، مسببًا صدمة للأوساط السياسية والأمنية في الكيان.
خيري علقم حيّ!
بعد الإعلان عن استشهاد الشاب علقم، سرعان ما تداول أهالي مخيم شعفاط ومن يعرفونه صورتين واحدة للشهيد وأخرى لجده.
عائلة علقم لها حكاية ثأر مع المحتل، فالجد علقم أعدمه مستوطن يدعى "حاييم فرلمان" عام 1998 بطعنات في الجزء العلوي من جسده أثناء سيره إلى عمله في أحد أحياء القدس.
ارتقى الجد أمام أعين أولاده وأهله.. ورث الحفيد الثأر لأبيه، ولم ينس ما فعله المجرم الصهيوني بحق جده، كبر وترعرع لينتقم له وللفلسطينيين في مخيم جنين مرة واحدة، ليسطر عملية بطولية بكل شجاعة ورباطة جأش في القدس.
لم يكن انتقام الحفيد للجد وشهداء جنين فقط، بل انتقم لكل فلسطين ولكل الأسرى الذين ينكل بهم الاحتلال، كان على قدر الأمانة من بعد عدي التميمي ورعد خازم وعشرات الأبطال الذين هزوا الكيان الصهيوني بمفردهم.
اليوم سلم الحفيد "خيري" الأمانة لبطل جديد سيمرغ أنف المحتل، وليثبت أن القضية الفلسطينية عصية على الموت.