قائمة الموقع

مخطط (إسرائيلي) للاستيلاء على الكنيسة المارونية في عكا القديمة

2023-02-02T09:46:00+02:00
مخطط (إسرائيلي) للاستيلاء على الكنيسة المارونية في عكا القديمة
غزة- الرسالة

يستهدف مخطط (إسرائيلي) الكنيسة المارونية في عكا القديمة والكنائس المجاورة لها، إذ يقترح المخطط تحويل المبنى السكني الملاصق للكنيسة المارونية لمسرح ومطعم ومقهى والاستيلاء على الحجرات الأثرية التي تم اكتشافها تحت رواق الكنيسة.

ولا تتوقف السلطات (الإسرائيلية) عن طرح وتنفيذ مخططات للاستيلاء على المعالم التاريخية الفلسطينية بما فيها الأماكن المقدسة في عكا، وذلك ضمن مشاريعها التهويدية وطمس تاريخ فلسطين وتغريبها، أرضًا، وشعبًا، وثقافة، وسردية.

وكُشف، حديثا، عن وجود مخطط جديد في عكا يقف خلفه مستثمر يهودي، يّدعي ملكيته للكنيسة المارونية والمبنى السكني الملاصق للكنيسة المارونية في البلدة القديمة.

وخلال جولة ميدانية برفقة النائب العام للأبرشية المارونية في البلاد، الأب عفيف مخول، من قرية كفر برعم المهجرة وحاليا من سكان جديدة المكر، وخادم رعية الموارنة في عكا، الأب سامر زكنون، من كفر برعم المهجرة ومن سكان عكا حاليا، كما التقى المحامي الموكل بالدفاع عن الكنيسة المارونية لمواجهة هذا المخطط، د. قيس ناصر.

تاريخ الكنيسة والرعية المارونية في فلسطين

أسهب الأب مخول عن تاريخ الكنيسة المارونية الذي "يعود للقرن السادس الميلادي، أما كجماعة مسيحية فإن جذور الرعية المارونية تعود إلى لبنان أساسا، وبما أن عكا كانت مدينة تجارية، فساهم ذلك في سكناهم فيها، ولأنهم لم يمتلكوا كنيسة خاصة بهم، فقد استعملوا عقدا قديما يعود للقرن الثاني عشر الميلادي ولغاية العام 1741، حيث وبمساعدة خادمها بهينو تم إضافة أجزاء أخرى إلى الكنيسة، بحيث كرست الكنيسة الخدمة سنة 1751، في فترة والي عكا آنذاك ظاهر العمر، واستمر وجود الكنيسة منذ ذلك الوقت ولغاية يومنا هذا".

وعن الرعية المارونية، أوضح الأب مخول أن "عدد عائلات الجماعة المسيحية المارونية في فلسطين يبلغ نحو عشرة آلاف ماروني، وفي منطقة عكا وضواحيها 71 عائلة كجماعة مسيحية كاثوليكية ذات طابع ماروني، غالبيتهم يسكنون في عكا الجديدة وفي جديدة المكر، وقلة قليلة ما زالوا في عكا القديمة. وعُين الأب سامر زكنون خادما لها، وأنا موجود في عكا كوكيل عن الأبرشية التي يرأسها رئيس أساقفة حيفا والأراضي المقدسة للموارنة المطران موسى الحج، والذي يسكن في عكا، وأعتبر نفسي جزءا من الجماعة المسيحية الكاثوليكية التي تخدم الكنيسة في الأراضي المقدسة".

على الرغم من قيام الرعية المارونية بتأدية القداديس والصلوات والأعياد السيدية أسبوعيا كل يوم أحد في الكنيسة المارونية في عكا، وتمارس في الكنيسة الطقوس الدينية كافة، إلا أنه ومنذ عدة سنوات بدأ التضييق على الرعية المارونية، وقد أشار الأب مخول بهذا الصدد إلى أن "المؤمن القادم لعكا لممارسة العبادة في الكنيسة مستقلا سيارته لا يجد موقفا ليركنها فيه، فيقوم بالعودة لعدم وجود مَرْأَب للسيارات، أو يستقل سيارة أجرة في الذهاب والإياب مما يرتب عليه تكاليف باهظة في كل مرة، وهذا التضييق مرده سياسة سلطة البلدية في عكا".


 

تفاصيل مخطط الاستيلاء على الكنيسة المارونية

شرح المحامي الموكل بالدفاع عن الكنيسة المارونية، د. قيس ناصر، تفاصيل مخطط الاستيلاء على الكنيسة، وقال إن "الحديث يدور عن مخطط قدمه متعهد يهودي اسمه توماس فايدان، والذي يّدعي حق الملكية للمبنى الملاصق للكنيسة المارونية في البلدة القديمة في عكا، وقام بإخلائه من سكانه. يعود بناء حجر الأساس للكنيسة المارونية في عكا لعام 1735م فهو مبنى أثري قديم جدا. وبعد أن أخلى المتعهد اليهودي المبنى الملاصق للكنيسة، قدّم مخططا للجنة الفرعية في الناصرة لتحويل هذا المبنى إلى مقهى ومسرح وملهى ليلي ومتنزه، ولم يقتصر الأمر على ذلك، بل طال المخطط المطالبة أيضا بإشغال الغرف الأثرية المكتشفة قبل سنوات أسفل رواق الكنيسة، ليتم استخدامها لتخديم المبنى السياحي الجديد".

وعن المبنى الذي تم إجلاء السكان منه، فأوضح ناصر أن "جدرانه ملاصقة تماما للكنيسة من ناحية برج الأجراس، كما أنه ملاصق لكنيسة الروم الكاثوليك من الجهتين الغربية والجنوبية، وأيضا ملاصق لكنيسة الراهبات الوردية، فالمبنى يقع في محيط كنائس قديمة وجديدة لطوائف مسيحية متعددة. أما مخطط الاستيلاء على الكنيسة فهو مرفوض برمته من قبل الكنيسة المارونية والوقف الماروني، وقد تم تفويضي من قبل النائب العام للكنيسة المارونية في البلاد، الأب عفيف مخول، للعمل القانوني والاعتراض على المخطط الذي يمس قدسية وحرمة الكنيسة المارونية والكنائس الأخرى المحاذية لها، ولا يعقل أن يبنى بملاصقة الكنيسة مقهى ومتنزه وملهى سياحي، كما أن الحجرات الأثرية الواقعة أسفل الكنيسة هي حجرات أثرية تابعة للكنيسة ولا يمكن استغلالها إلا لمنفعة الكنيسة وبما يتماشى ويتلاءم مع قدسية الكنيسة".

ولفت المحامي الموكل بالدفاع عن الكنيسة إلى أن "المخطط مدعوم من قبل بلدية عكا والقسم الهندسي فيها"، وقال إنه "نضع هذا المخطط في الإطار العام، وفي إطار تشويه الهوية العربية الفلسطينية لمدينة عكا القديمة، ومحاولة إفراغ عكا من سكانها الأصليين وتهويد الحيز العام من خلال المساس المباشر بحرمة وقدسية الكنيسة المارونية، والطابع العربي الفلسطيني، ووفقا للقوانين الدولية، والقوانين الخاصة بالأماكن المقدسة، يقع على عاتق الدولة والمؤسسات الحكومية الحفاظ على الوضع القائم من حيث الكنائس والوضع الديني ككل، وهذا المبنى قديم عمره يربو على مئة عام، وتحويله بهذه الطريقة إلى ملهى ليلي ومتنزه ومسرح يعد تعدٍ سافر وإخلال بالوضع الديني القائم، وانحياز كامل من قبل الدولة إلى جانب المستثمرين اليهود وهذا الانحياز يهدد الحيز العام ويمس بالكنائس".

ودعا ناصر باسمه وباسم الكنيسة المارونية كافة الهيئات في المجتمع العربي والمحلي والدولي "للوقوف إلى جانب الكنيسة المارونية وباقي الكنائس في مدينة عكا، وعدم اعتبار هذه القضية خاصة فقط بالكنيسة المارونية في عكا، أو المبنى المشار إليه، فهذه القضية قطرية ودولية تعود لتعامل الدولة المستهتر مع الأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية، وعدم احترامها لسيادة الكنائس والأوقاف من كافة الطوائف"، مؤكدا أنه "سنستثمر كل جهد قضائي ودولي وشعبي من أجل إجهاض هذا المخطط الغاشم والمستنكر من قبلنا".


 

مشروع قديم جديد لاستبدال سكان عكا

في هذا السياق، وصف الأب مخول طريقة الإعلان عن المخطط بالاحتيال، وقال إنه "قرأت في العام 1989 عن مشروع (إسرائيلي) يقضي بتغيير السكان الأصليين لعكا، واستبدالهم بفنانين، وهذا يتنافى مع قرار اليونسكو الرافض لهذا المشروع.

لم يكن لدي علم بالمشروع القديم الجديد، والذي هو مدار حديثنا اليوم، حيث نشروا إعلان المشروع في حي آخر، بغية التحايل على القانون ولكيلا تعلم به الجماعة المسيحية في عكا، ولكن بمحض الصدفة قرأنا عنه في أحد المواقع المحلية للمدينة. ولولا ذلك لما علمنا بالمشروع أصلا، إذ أنه من المفترض نشر الإعلان على جدران المبنى الذي ينبغي أن يقوم عليه المشروع. وردا على هذا النشر انطلقنا بحراك قانوني حيث يترتب علينا تقديم اعتراض على المخطط في غضون 60 يوما من تاريخ نشر الإعلان، حسب القانون، وكان من الممكن أن تمر المهلة دون اعتراض لعدم معرفتنا بالمشروع، لكن الله شاء أن نعلم بهذا المشروع الظالم، وتنتهي المهلة قانونيا بحلول الثامن عشر من شهر شباط/ فبراير المقبل 2023، وآمل أن يكون الاعتراض قد قدم من قبل الأستاذ قيس ناصر المكلف من قبل الكنيسة للقيام بهذه المهمة".

وختم الأب مخول بالقول إنه "كذلك علمنا من المسؤولين عن دير الراهبات وكنيسة الروم الكاثوليك بأنهم سيقومون بالاعتراض أيضا على المستوى القانوني ومستوى المسؤولين، ولا يوجد حتى الساعة حراك شعبي، وأهيب بكل محبٍ لعكا وأهلها أن يضطلع بدوره لمجابهة المخطط الخطير الذي يهدف إلى إحداث تغييرات تاريخية في المدينة القديمة، ونشكر كل من يقف معنا في هذا التصدي للمشروع الغاشم، وأنا كابن بلدة كفر برعم التي لم أولد فيها، ولكنها تعيش في خلدي وضميري، عشت تجربة التهجير والتغريب عن بلدتي، وهذا التصرف من قبل السلطات (الإسرائيلية) يفتقر إلى العدل والمصداقية والشعور بالمسؤولية، فنحن نعمل لما فيه خير البشرية وخير النفوس، وليس لدينا تفرقة في هذا البلد، لكن للأسف الشديد السلطة هي من تسعى إلى تخريب النسيج الاجتماعي لهذه البلاد بهكذا تصرفات وسياسات غير مسؤولة".


 

حراك كنسي لمواجهة المخطط

وعن الحراك الكنسي في البلاد لمواجهة مخطط الاستيلاء على الكنيسة المارونية، قال خادم رعية الموارنة في عكا، الأب سامر زكنون، لـ"عرب 48" إنه "قمنا بالتحرك ككنيسة مارونية مع تحرك كنيسة الروم الكاثوليك وكنيسة اللاتين والرهبنة الفرنسيسكانية، والذين يمتلكون أملاكاً ملاصقة للكنيسة المارونية، إذ تحرك الجميع على صعيد الكنائس، وصعيد السفارة البابوية وعلى كل الأصعدة، كل سيضطلع بدوره في هذه القضية على مستوى الأفراد والمؤسسات التي تدافع عن حقوق الكنيسة والرعية، نحن لا نقف في وجه أحد، ولكن عندما تمس قدسية الكنيسة فإننا نقول كفى".

وأكد أنه "يجب أن نبذل ما بوسعنا على الرغم من معرفتنا الأكيدة بنفوذ هؤلاء المستثمرين وقوتهم على الأرض وإمكانياتهم الضخمة، كون السلطة في أيديهم ويستطيعون الحصول على ما يريدون".

وختم الأب زكنون بالقول إنه "نهيب بكل شخص يمتلك الغيرة على مقدساته وبالناشطين السياسيين وغير السياسيين أن يقدموا لنا الدعم المتاح من قبلهم، وأن نكون يدا واحدة في وجه هذه المخططات العدوانية، حيث أصبحنا غرباء في بلدنا وابن عكا صار يشعر بالتغرب عن عكا نتيجة طرده من منزله بطريقة قذرة، لذا يجب علينا التعاضد والتآزر لكي نكون منيعين على أن نكون لعبة بأيدي هؤلاء المستثمرين".

المصدر: عرب 48

اخبار ذات صلة