تمر علينا اليوم ذكرى عزيزة على قلب كل مسلم يوم أُسري بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم من مكة المكرمة نحو بيت المقدس، في رحلة التسرية والتخفيف عنه صلى الله عليه وسلم، بعدما لقي ما لقي من إعراض وتكذيب، بجانب فقدانه لأبرز من خفف عنه في طريق الدعوة وهم عمه أبو طالب وزوجته السيدة خديجة بنت خويلد رحمها الله
لقد كانت الجائزة الربانية لرسول الله صلى الله عليه وسلم والمعجزة الخالدة أن يُسرى به في جزء من الليل إلى بيت المقدس، وأن يصعد منها إلى السماوات العلا، نحو مقابلة لم يتشرف بها بشر قبله ولا بعده قط، بالوصول لسدرة المنتهى ومحادثة الخالق جل جلاله وتقدست أسماؤه
وهذا الفضل كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولبيت المقدس التي زارها في هذه الرحلة ممتطيا البراق، والذي ربطه بالحائط الغربي للمسجد الأقصى الذي سمي بعد ذلك بحائط البراق نسبة لبراق النبي صلى الله عليه وسلم الذي ربطه فيه دابته، وقد تقدم رسول الله صلى الله عليه إماما في الصلاة وخلفه جميع الأنبياء في رحاب المسجد الأقصى، ومنه صعد إلى السماوات العلا، وعاد إلى مكة بعدما فرضت الصلاة يصلي باتجاه بيت المقدس سنوات عديدة حتى أذن الله سبحانه وتعالى بتغيير القبلة نحو الكعبة المشرفة، كل ذلك يشير إلى فضل هذا المسجد الأقصى وفضل أرض بيت المقدس التي بارك ربنا تبارك وتعالى فيها وحولها وجعلها مباركة للعالمين.
اليوم تعاني هذه الأرض أشد المعاناة وهي ترزح تحت سياط الاحتلال "الاسرائيلي" المجرم الذي يستهدف في أرضها البشر والشجر والحجر على حد سواء، ويجاهر في تدنيس الأقصى المبارك وساحاته بإجراءات وتصرفات غير مسبوقة، شملت سماحه لدخول عاهرات عاريات لالتقاط صور مخلة ومخزية في ساحاته الشريفة!
إضافة لممارسة طقوس تلمودية في ساحاته وفي مقابر القدس الإسلامية التي تضم ألاف من رفات السادة الصحابة رضوان الله عليهم، ويهدد الاحتلال بهدم ومصادرة هذه المقابر بجانب بيوت المقدسيين المرابطين والمدافعين عن المسجد الأقصى ومدينة القدس
أيعقل أن أمة الإسلام تبقى صامتة ومسرى رسولها الكريم يدنس ويهان والعالم يسمع ويشاهد، أيعقل أن يهان المرابطين والمرابطات المدافعين عنه بكل ما يملكون، بل أيعقل أن نفرق بين المسجد الحرام والمسجد الأقصى، ولماذا هذا الصمت الغريب للأمة!!
إن أمانة الدفاع عن المسجد الأقصى المبارك هي أمانة لدى الشعب الفلسطيني ولدى الأمة العربية والإسلامية على حد سواء، وإنا نشهد بأن شعبنا يجود بالدم وكل غالي دفاعا عن اسلامية وطهر المسجد الأقصى، ويتصدى بلحمه ودمه لمشاريع الاحتلال، ونشهد بأن هناك الغيورين في هذه الأمة وفي أحرار العالم، الذين يساندون شعبنا وأهل القدس، لكن هناك المزيد الذي تستطيعه الأمة في الدفاع عن مسرى رسولها الكريم صلى الله عليه وسلم وعن مسجدها الأقصى ولرفع الظلم عنه وعن أهله المقدسيين
إن أهل القدس وفلسطين إذ يعلنون من رفح حتى الناقورة تجمعهم خلف قضية المسجد الأقصى، واستعدادهم لبذل كل وسع وجهد وغال ونفيس لحمايته كما حدث في معركة سيف القدس، بل أشد وأعظم في وجه الاحتلال الذي يمعن هذه الأيام في عدوانه غير المسبوق ويتوعدنا قادته الفاشيون بالمزيد، فكل ذلك يستوجب إعلان تعبئة الأمة لنصرة مسجدها الأقصى ولنجعل من هذه الذكرى المباركة يوم الاسراء والمعراج يوم غضب ونفير دفاعا عن بيت من بيوت الله التي لا تشد الرحال إلا إليها وهو معراج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى السماوات، لننصره أو ننتظر المزيد من الإجرام من أحفاد القردة والخنازير، فكلنا مسؤول يوم لا ينفع مالٌ ولا بنون ماذا فعلنا لنصرة بيت المقدس.