الرسالة نت – عبد الحميد حمدونة
كتب أريك هوفر مرة يقول "يحسب الناس أن الثورة تأتي بالتغيير، لكن العكس هو الصحيح"، وقد صدق ذلك الفيلسوف الأميركي، فالتغيير هو الذي يأتي بالثورة: تغيير النفوس، والثقافة السياسية، والمعايير الأخلاقية.
وبعد أن نطق الرويبضة حسني مبارك باسم 80 مليون مصري على مدار ثلاثين عاما، بدأ الشعب المصري بالتظاهرات والغليان على مدار الأربعة أيام المنصرمة، ومما يبشر بخير تراكم تغيير عميق في نفوس شعوبنا وثقافتها خلال العقدين المنصرمين، وهو ما وضع الدول العربية على درب ديناميكية ثورية، لن تتوقف حتى تصل مداها وتؤتي أكلها.
المفكر السياسي عزمي بشارة رأي أن شعوب العالم تفاجأت من شجاعة الشعب المصري في الوقوف ضد الدكتاتورية الحاكمة، بينما أوضح الخبير العسكري صفوت الزيات أن الجيش المصري تُرك وحيدا في مواجهة ثورة المتظاهرين المصريين .
الأحزاب مرتبكة
وقال بشارة:" مصر مفتوحة أكثر من تونس ودليل ذلك الانتخابات الأخيرة والشارع المصري المستاء من النظام الحاكم والصحافة التي تنقد يوميا الرئيس وحكومته.
وشبه المفكر الفلسطيني ثورة المصريين بالثورة الإيرانية ضد الأنظمة الظالمة، مبينا أن ثورة المتظاهرين في مئات الأماكن المنتشرة على ربوع مصر بينما ثورة إيران كانت في العاصمة طهران فقط.
ولفت إلى أن نقطة القوة في المتظاهرين هي عدم قدرة النظام في السيطرة على الثورة وإخمادها والتي يراها الجميع بأنها نقطة ضعف.
وأوضح المفكر بشارة أن تغيير الحكومات ليس مطلب الجماهير المنتفضة، مطالبا الحركات السياسية بضرورة التحرك من أجل حسم الثورة لصالح الشعب المصري المضطهد.
وبشأن تعيين عمر سليمان نائبا للرئيس حسني مبارك عقب بشارة بقوله:" تعيين سليمان هو امتصاص للغضب أي أن لا توريث في حكم مصر بعد الآن".
يشار إلى أن رئيس المخابرات المصرية عمر سليمان أدى اليمين الدستورية مساء السبت نائبا لرئيس الجمهورية، فيما يتوقع ان يؤدي سامي عنان رئيس أركان الجيش اليمين الدستورية نائبا ثانيا للرئيس مبارك.
حذر من وقوع المحظور
بدوره قال الخبير العسكري صفوت الزيات أن الجيش المصري في مأزق كبير، موضحا بأن السياسيين لم يحلوا أزمة الجيش المتزايدة كل دقيقة تمر على المتظاهرين الغاضبين.
وأشار إلى أن الشعب المصري يطالب بشيء واحد منذ بداية انتفاضته وهي "عزل الرئيس ونظامه بالكامل"، مطالبا باتخاذ خطوات حاسمة من قبل المسئولين كي يعمل الجيش على ضبط الأمن والاستقرار في مصر بأكملها.
وتساءل الزيات عن السبب وراء انسحاب عناصر الشرطة؟ ومن أعطى له الأوامر بترك الساحة فارغة؟ محذرا من استباحة دماء المصريين بأي شكل من الأشكال حتى اذا وصل الأمر بانصراف كل من في الواجهة السياسية ابتداءً بالرئيس، مؤكدا أنه ليس هناك عذرا لأحد اذا وقع المحظور.
وقال :"لن يقدم الجيش المصري على عمل يسود به صفحته، ولن يستخدم هؤلاء الرجال القوة كي يفرقوا المتظاهرين".وعقب على تعيين عمر سليمان نائبا للرئيس مبارك، بقوله :"تعيينه شيئا ثانويا وليس من مطالب الجماهير الغاضبة، وخطوة متأخرة جدا".
وعلى إثر ذلك فإن مرحلة الجمود السياسي التي فُرضها حسني مبارك على مصر منذ نصف قرن وأفضت إلى حالة من الموات المجتمعي قد ولت إلى غير رجعة، ولم يبق أمامه سوى الرحيل لأن نظامه في المراحل الأخيرة من الاحتضار.