في محاولة بائسة ومكشوفة، خرج أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير وعضو اللجنة المركزية لحركة فتح حسين الشيخ في لقاء عبر تلفزيون فلسطين، لتبرير جريمة السلطة بمشاركتها في قمة العقبة الأمنية رغم الإجماع الوطني الرافض والمستهجن.
ولذر الرماد في العيون، تقيأ الشيخ جملة من الأكاذيب والمغالطات، نسلط الضوء على أبرز ثلاثة أمور منها، لقطع الطريق على محاولات "استهبال" الشارع الفلسطيني والتأثير على الرأي العام بالخداع والتضليل.
حسين الشيخ زعم أن قرار الذهاب إلى قمة العقبة الأمنية ليس قرارا فرديا، وكل فصائل منظمة التحرير مطلعة على تفاصيل ما كان يجري، وأن غالبية المشاركين في اجتماع قيادة السلطة وافقت على الذهاب للقاء الخماسي التآمري.
وقال: "لدي محاضر الجلسات كلها للقيادة الفلسطينية سواء اللجنة التنفيذية للمنظمة واللجنة المركزية لحركة فتح وكل فصائل المنظمة وعلى رأسها فتح كانت مطلعة على تفاصيل ما جرى بيننا وبين الأمريكان، ولم يكن القرار فردي."
لكن عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير رمزي رباح خرج في تصريح إذاعي لراديو أديال صباح الثلاثاء 28 فبراير 2023، لينفي هذه الكذبة جملة وتفصيلا.
رباح أكد أن اللجنة التنفيذية لم تجتمع منذ شهر، والاجتماع الذي أشار له حسين الشيخ هو اجتماع لجنة قيادية لمتابعة أمرين؛ أولاهما استمرار وقف التنسيق الأمني، والثاني معرفة المستجدات للمطالب التي قدمت للإدارة الأمريكية، بشأن وقف الأعمال الأحادية للاحتلال، لكن لم يصل رد من أمريكا عليها.
المثير في الموضوع أن رباح كشف عن صدمة أعضاء بالتنفيذية تفاجأوا من وجود قناة سرية لحسين الشيخ مع (الإسرائيليين)، وإبلاغهم بعقد لقاء مع مستشار رئيس حكومة المستوطنين الفاشية بنيامين نتنياهو، وعند الاطلاع على تفاصيله، تبين أن (إسرائيل) تطالب بالعمل على وقف التصعيد وما تسميه "العنف"، دون تقديم أي تعهد بوقف الإجراءات الأحادية من طرفها.
حسين الشيخ في مقابلته أكد لقاءه مع مستشار نتنياهو، وزعم أنهم اتفقوا على تفاهمات مبدأية، حول اعتراف (إسرائيل) بالاتفاقيات الموقعة ليكون هذا هو المدخل لأي تهدئة مع (الإسرائيليين)، لكن بعد 48 ساعة من التفاهمات اقتحمت (إسرائيل) نابلس وارتكبت جريمتها.
بدوره، أكد رباح أنهم طالبوا قيادة المنظمة بعدم المشاركة في قمة العقبة، من خلال موقف واضح للجبهة الديمقراطية وفي بيان مشترك مع حزب الشعب، بالإضافة إلى موقف الاتحاد الديمقراطي "فدا" خلال مؤتمر صحفي، مشددا على أن الوفد المشارك بالقمة لم يكن يمثل منظمة التحرير ولم يحصل على إجماع وطني.
الكذبة الثانية التي حاول حسين الشيخ تمريرها، القول إنهم في "حوار صامت وهادئ مع حركة حماس"، ليوهم الجمهور بأن لقاء العقبة جاء بعد مشاورات فصائلية ومن بينها الجلوس مع قيادة حركة حماس.
لكن حسام بدران عضو المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية "حماس" سارع للتأكيد على أن ما ورد أو فُهم من التصريحات المشار إليها بأن الحركة كانت جزءاً من التشاور حول لقاء العقبة، فهو غير صحيح البتة، ولا أصل له.
بدران جدد التأكيد على إدانة حركته من جديد لاجتماع العقبة الأمني لما له من مخاطر حقيقية على وحدة شعبنا ومقاومته، مشددا على أن أي لقاءات أو حوارات وطنية إن حدثت فهي لتعزيز المقاومة وتطويرها بكل أشكالها والعمل الميداني المشترك ضد الاحتلال والمستوطنين.
وأخيرا، تمثَّلث الكذبة الثالثة بزعم حسين الشيخ أن قمة العقبة لم تكن أمنية إنما سياسية، وذلك سعيا منه لذر الرماد في العيون وطمس الحقيقة الواضحة للعيان، لأنه فيما يبدو يشعر بالخزي من وصف اللقاء التآمري بأنه كان أمنيا بحتا.
حسين قال في المقابلة إن "اجتماع العقبة يؤكد أهمية الوصول إلى عملية سياسية أكثر شمولية تقود لتحقيق السلام العادل والشامل".
لكن كل وسائل الإعلام العبرية أكدت أن القمة تهدف لإعداد ترتيبات أمنية من "أجل وقف التوتر الميداني" الحاصل في الضفة والقدس، قبل حلول شهر رمضان الشهر المقبل.
وانعقدت هذه القمة، عقب الأنباء حول تفاهمات تم التوصل إليها بين السلطة الفلسطينية و(إسرائيل) بوساطة أميركية، تقضي التراجع عن طرح مشروع قرار في مجلس الأمن يدين الاستيطان، مقابل تعليق مخططات التوسع الاستيطاني وهدم منازل الفلسطينيين وتهدئة الأوضاع الميدانية.
وذكر الموقع الإلكتروني لصحيفة "يديعوت أحرونوت" أن "قمة العقبة ناقشت الخطة الأميركية لخفض التوتر بالضفة الغربية، وإنهاء المقاومة المسلحة فيها".
وخلافا لزعم حسين الشيخ، فإن طبيعة المشاركين في قمة العقبة الأمنية، تؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن محور اللقاء وكل تفاصيله تتحدث عن ترتيبات أمنية، فيما أكدت مخرجات القمة عدم وجود أي بعد أو نتيجة سياسية.
فعن الجانب الفلسطيني، ضم الوفد مدير المخابرات الفلسطينية ماجد فرج إلى جانب حسين الشيخ وآخرين من حاشية رئاسة السلطة، في المقابل، ترأس الوفد (الإسرائيلي) مستشار الأمن القومي، تساحي هنغبي، إلى جانب رئيس جهاز الأمن العام "الشاباك" رونين بار، وقيادات أمنية وضباط من جيش الاحتلال (الإسرائيلي).
كما شارك ضمن الوفد (الإسرائيلي) أيضا، مدير عام وزارة الخارجية رونين ليفي، ومنسق عمليات حكومة العدو، غسان عليان، ورئيس الشعبة السياسية الأمنية بوزارة الحرب درور شالوم.
وتشير مشاركة بار في القمة إلى أن الأجهزة الأمنية (الإسرائيلية) تولي أهمية كبيرة لمحاولة منع انهيار السلطة الفلسطينية، وتعزيزها كوسيلة لوقف التصعيد الأمني في الضفة الغربية المحتلة وتجنب اندلاع انتفاضة ثالثة. بحسب مراقبين.
عوضا عن ذلك، فإن ما ورد في البيان الختامي لاجتماع قمة العقبة الأمنية، حول التزام الجانبين الفلسطيني و(الإسرائيلي) بجميع الاتفاقيات السابقة، يعني فعليًا العودة للتنسيق الأمني.
كما أن تأكيد الجانبين على ضرورة الالتزام بخفض التصعيد على الأرض ومنع المزيد من العنف، إقرار من السلطة بالرواية (الإسرائيلية) بشأن وجود تصعيد وعنف فلسطيني، وتعهد بالعمل على محاربة ذلك.
وكل ذلك يدحض زعم حسين الشيخ حول طبيعة ووظيفة القمة الأمنية التآمرية، وتفشل محاولاته لتجميل سلوك السلطة الخياني والتآمري، وتبرير من زيد من الخنوع والانبطاح.