في فجر يوم الجمعة الخامس عشر من رمضان، قبل تسعة وعشرين عاما، دخل المتطرف باروخ جولدشتاين الحرم الإبراهيمي متواطئا مع عدد من المستوطنين، وأطلقوا النار على المصلين وهم ساجدون، فاستشهد 29 مصليا، وجرح 150 آخرون، بينما ادّعى الاحتلال أن مرتكب العملية رجل مختل عقليا.
كانت المجزرة بداية التغيير في واقع الحرم الإبراهيمي، فقد تذرع الاحتلال بالحادث ليغلق الحرم ستة أشهر، وبعدها بدأ الواقع التاريخي يتغير، فارتكب بعدها الاحتلال مجزرة أخرى، وفق ما قاله غسان الرجبي مدير الحرم الإبراهيمي.
فرض الجيش (الإسرائيلي) حصارًا لمدة سنة ونصف في الأحياء الفلسطينية من أجل منع الثأر لشهداء المجزرة، ثم أغلق بأوامر عسكرية أكثر من 500 متجر في مركز المدينة.
لقد كانت المجزرة خطة متقنة لتقسيم مدينة الخليل كلها، فقد أغلق الاحتلال العديد من شوارع البلدة القديمة منذ ذلك اليوم، مثل: شارع وادي النصارى السهلة، وشارع الحرم الإبراهيمي، والكرنتينا، وسوق الذهب، والبالة، وحارة السلايمة، وجابر، ومدخل حارة أبو سنينة، وكذلك مدخل القناطر، ولضمان هذا الإغلاق، أقام الحواجز ونقاط التفتيش والمرور.
حقق الاحتلال ما كان يسعى له؛ حيث قسّم الحرم بعد أن قرر إعادة فتحه، وهذا التقسيم أعطى الفلسطينيين مصلى الإسحاقية والجاولية، بينما سرق اليهود باقي الأجزاء، مثل: الفناء الداخلي، والقاعة اليوسفية والإبراهيمية واليعقوبية.
ومن أجل الحفاظ على الوضع الراهن، فرض الاحتلال عقوبات أخرى على الحرم الشريف، كمنع الأذان؛ بل قام بمنع الصلوات بشكل متقطع وعند أبسط الأحداث، حتى أنه يمنع الأذان من 40-50 مرة خلال الشهر الواحد، كما منعت السلطات (الإسرائيلية) دخول الكتب واللوحات، وكأنها لا تريد موطئ قدم للمسلمين في المصليات، حتى أنها منعت استخدام مكبرات الصوت وحظرت عمليات الترميم.
تستخدم اليوم باحات الحرم للرقص والاحتفالات اليهودية وإشعال الشمعدان، وتولت شرطة الاحتلال الإشراف والحفاظ على المبنى، وهكذا مهدت المجزرة قبل تسعة وعشرين عاما لسرقة الحرم الإبراهيمي حتى هذا اليوم.