مدرسة عمرها 130 عاما، تتربع منذ العصر العثماني بجانب المسجد الأقصى، ولا زالت تفتح أبوابها لآلاف الطلبة المقدسيين كأثر تاريخي وعلمي لم يسلم من محاولات التهويد المستميتة لكل ما يحيط بالحرم المقدسي.
مؤخراً، فعّلت ما تسمى وزارة المعارف في القدس قرارا سابقاً بإلغاء مدرسة القادسية التاريخية بعد أن نقلت الطالبات إلى مدارس أخرى، وسلمت المدرسة التاريخية الواقعة على 400 دونم للجمعيات الاستيطانية.
كل ما سبق يعلمه الآباء، وأن المسجد الأقصى محاط بالبؤر الاستيطانية، ويعلمون أن الاحتلال يسعى للسيطرة على كل عربي وإسلامي يحيط بالأقصى، فعمل على إصدار قرار قبل عامين بإغلاق مدرسة القادسية المعروفة بمدرسة خليل السكاكيني.
وقبل يومين، اعتصم أهالي ولجنة أولياء الأمور بالبلدة القديمة في مدينة القدس المحتلة، رفضا لقرار بلدية الاحتلال الاستيلاء على المدرسة وتحويلها للمستوطنين، فيما حاول الاحتلال تفريغ المدرسة من الطالبات قبل عامين ثم أجّل التنفيذ بعد اعتصام الأهالي ورفضهم.
يقول عضو هيئة العمل الوطني في القدس، الناشط أحمد الصفدي، إن هذا القرار يهدف بالأساس إلى تفريغ مبنى مدرسة القادسية الموجود بالقرب من باب الساهرة، لتحويله لاحقا إلى مدرسة للمستوطنين.
المبنى القديم
مدرسة خليل السكاكيني أو مدرسة القادسية كما يطلق عليها أهالي القدس معلم تاريخي قديم كما يقول روبين أبو شمسية، الباحث التاريخي والمعلم المقدسي، موضحا أنها بنيت عام 1147 في الفترة الصليبية وكانت عبارة عن كنيس قبل أن تنضم إلى أملاك الروم الأرثوذوكس.
وبعد الفتح الإسلامي للقدس حوّل القائد صلاح الدين الأيوبي المكان إلى أوقاف خاصة بالقصر السلطاني، فأعيد بناؤها عام 1193 في عهد العزيز عثمان، وتولى مسؤولية البناء ميمون عبد الله القسري وهو وزير خزانة صلاح الدين، وتحول المبنى لاحقا إلى مدرسة تدرّس المذهب الشافعي.
ومع مجيء الانتداب البريطاني، تحوّل المبنى إلى أملاك الدولة البريطانية ومنها لأملاك الدولة الأردنية، ثم أعيد مدرسة حملت اسم خليل السكاكيني، حتى قدوم الاحتلال الذي يحاول منذ ذلك الوقت تفريغ المدرسة وتحويلها لكنيس يهودي.
بؤرة استيطانية
بدوره ذكر زياد شمالي رئيس اتحاد أولياء الأمور في القدس أن الاحتلال ومنذ سنوات يحاول تفريغ البلدة القديمة من سكانها، وهذا أدى لتناقص أعداد الطلاب في المدارس العمرية والمولوية ومدرسة خليل السكاكيني.
وبين أن الاحتلال استغل الفرصة وأبلغ المسؤولين بأنه يريد أن يدمج مدرستي العمرية والمولوية ويخلي مدرسة خليل السكاكيني التي تدرس المنهج الفلسطيني.
ويلفت شمالي في مقابلة خاصة مع (الرسالة) إلى أن مدرسة خليل السكاكيني تجاورها بؤرة استيطانية، التي يتوقع أنها ستستغل المدرسة لتقيم مدرسة خاصة لمستوطنيها، مشيرا إلى أن هناك أقوالا تتحدث عن تحويل المدرسة إلى متحف (إسرائيلي).
ويؤكد شمالي أن الاحتلال لا يعطي الأهالي أوراقا رسمية إنما يعتمد دائما على المطالبة الشفهية، والضغط على الأهالي بالوسائل الأخرى.
هذه الحرب التي يخوضها شمالي مع أهالي الطلاب ليست حربهم وحدهم، وإنما حرب على المخططات (الإسرائيلية) التي تستهدف التعليم الفلسطيني في القدس، والتي بدأت بتحريف المنهاج الفلسطيني، وتسعى لفرض منهاجها.
ومن جهة أخرى فهي تسعى لتهويد كل الأماكن التاريخية المحيطة بالأقصى، خاصة أن المدرسة تطل على مدخل باب الساهرة، وليس بينها وبين الأقصى سوى خمسين مترا، وتطل عليه مباشرة.
ويختم شمالي بالتأكيد على رفضهم عملية الدمج والنقل، و"نطالب بإبقاء الوضع كما كان، مع ضمان عدم وجود مخطط مستقبلي لتحويل المدارس لأي مشروع استيطاني، هذا ما نحارب لأجله، وهذا ما نريد تحقيقه".