حافظت المرأة الفلسطينية -وتحديدا الغزية- على مكانتها في المجتمع رغم الأحداث السياسة الساخنة التي عايشتها على مدار عقود تحت الاحتلال (الإسرائيلي)، فدوما كانت في الصفوف الأولى تدعم المقاومة بكل أشكالها.
وكما كان للمرأة الغزية دورا في دعم المقاومة، اقتحمت مجالات عدة وكانت رائدة فيها ومؤثرة وخاصة في العمل المجتمعي، الذي أتقنته في السنوات الأخيرة وحافظت على الكثير من الأسر التي أوشكت على الدمار بفعل الأوضاع الاقتصادية نتيجة الحصار المفروض على القطاع منذ أكثر من 15 عاما.
تردد اسم الناشطة هنادي سكيك كثيرا في السنوات الأخيرة، لاسيما على صعيد العمل المجتمعي فهي منذ 18 عاما تعمل في هذا المجال، (الرسالة نت) حاورتها للتعرف على طبيعة دورها داخل المجتمع الغزي في حل المشكلات الأسرية، لاسيما وأنها أدارت "بيت الأمان" لإيواء المعنفات سنوات طويلة، وتعمل حاليا مديرة لوحدة الاستشارات في مؤسسة مريم.
عن أبرز العقبات التي تواجهها في عمل المجتمعي تقول سكيك: "أن تكون أحيانا جهة تنفيذية فقط لا صاحب قرار فهذا يضعف العمل في بعض الأمور" ، مبينة أن تنفيذ خطة بدون مشاركة من العنصر المنفذ وعدم المرونة خطأ كبير لأن العمل في الميدان مختلف عما في الخطة الورقية الجامدة.
وذكرت أن المنهجية التي تتبعها في حل المشكلات هي السعي لكسب ثقة الحالة والإنصات إليها ضمن حوار مطول مع تفهم وضعها النفسي، بالإضافة إلى إعطاء الحالة نماذج عملية من الواقع وإرشادها لقراءة كتب خاصة تساعدها في حل مشكلتها لزيادة الوعي لديها.
وعن أسباب المشاكل الأسرية التي لمستها خلال عملها أشارت إلى أن منظومة التربية اختلفت وأحدثت فجوة بين الأجيال وخلقت الصراع، مشيرة إلى خطورة الإهمال العاطفي، واتباع موروثات خاطئة مع تفسير خاطئ للنص الديني.
وتحدثت بأن أبرز المشاكل التي تعانيها المرأة من خلال متابعتها هي إهمال الزوج للزوجة والعنف النفسي، موضحة أن العنف الجسدي هو الأشد وأن الإهمال وعدم الاهتمام في الحياة الأسرية يؤدي إلى مشاكل وانحرافات كثيرة في الأسرة لكلا الطرفين.
وبحسب متابعتها فإن مواقع التواصل خلقت جوا من الفجوة بين الأطراف وخاصة الزوجين.
وأكدت سكيك أن وجود المرأة في المجتمع له أثر ملحوظ وهذا ظاهر لدى العاملة كما ربة البيت، لافتة إلى أن المرأة العاملة لها دور كبير في تذليل الصعوبات ومساعدة الآخرين في حل مشاكلهم لأن تفكيرها متشعب فتدرس الأمور من عدة جهات وتوظف قدرتها على تشبيك المساعدة وتقديمها.
وعن مركز مريم الذي تعمل فيه مدير وحدة الاستشارات، أوضحت أن دورها يكمن في العمل على قضية الوعي والتثقيف مع المرأة والأسرة والجهات التي لها نفوذ مثل المحامين وأصحاب التخصص والعلوم الاجتماعية.
وفيما يتعلق بأكثر الفئات التي تطرق باب "مريم" للاستشارات ذكرت أنهن المطلقات اللواتي يطالبن بحقوقهن وسن قانون منصف بما يتعلق بالنفقة والحضانة، مبينة أن العديد من الفتيات حديثات الزواج يتوجهن للمركز للاستشارة في كيفية قيادة الحياة الزوجية.
وذكرت أنها تعتبر مرجعية لكل حالة تريد حل مشكلتها حيث يتم استقبال الاستشارات إلكترونيا ووجاهيا، مبينة أنه يتم التعاون مع الحالات بفكر حضاري إسلامي للارتقاء بقضايا المرأة والفتاة في كل المجالات.
وعن مقدرة المرأة على إدارة حل المشكلات الأسرية المختلفة داخل الأسر الغزية، ردت سكيك: "لا فرق بيني وبين الرجل في تنفيذ مهامي، بل يميل المجتمع لأخذ رأي المرأة في كثير من الأمور الأسرية".
وقالت إن المجتمع الغزي رغم صغره الا أنه متنوع بفئاته، الأمر الذي يستدعي كسب ثقة الجميع للتمكن من حل المشكلات، مضيفة: "تمكنا من كسب ثقة الفكر الآخر لأن الاختلاف ليس تصارعا وإنما حوار جذاب بفن التعامل دون إحداث الخلل بالثوابت والقيم، وبذلك كسبنا ثقة كل الفئات والمؤسسات في كيفية التحاور معهم، باختلافهم الفكري والسياسي".