إن ما يعيشه شعبنا الفلسطيني اليوم أصبح واقع قائم على الإرهـاب الصهـيوني؛ لأن ثقافة الكيان قد بُنيت على الجرائم المُتمثلة في القتل والاضطهاد والظلم للكل الفلسطيني، حيث يتمادى العـدو في جرائمه بحماية من الولايات المتحدة الأمريكية والعديد من الدول الأوروبية وبغطاء من الدول العربية المُطبعة؛ منتهكاً في ذلك القانون الدولي وقانون حقوق الإنسان وجميع الشرائع والاتفاقيات والمعاهدات الدولية ومنها اتفاقية جنيف.
ويبدو واضحاً أن نتاج قمة العقبة الأخيرة قد آتت أُكلها، وبدأت بنودها تُطبق على الأرض، حيث أن حجم الجرائم الصهيونية زادت في الآونة الأخيرة أي بعد توقيع الاتفاق، ولم يكن العدو الصهـيوني المسؤول الوحيد عن تلك الجرائم، بل أيضاً تلطخت أيدي أعوانه من دُعاة التنسيق الأمني بدماء أولئك الشهداء، ويظهر ذلك جلياً من خلال قيام عصابات السلطة بالانسحاب من المدن والقرى التي يدخلها الاحتلال لتنفيذ جرائمه، الأمر الذي يؤكد ويُدلل على حجم المؤامرة التي تقودها جماعات التنسيق الأمني المقدس ضد أبناء شعبنا الفلسطيني في الضفة الغربية؛ بُغية وأد المقاومة والعمل على تصفية ما تبقى من القضية الفلسطينية مقابل دراهم معدودة، ومن أجل الاستمرار في بقائهم على كراسيهم؛ حتى لو كان الثمن دماء أبناء شعبنا الذين رفضوا سياسة الذل والانبطاح والهوان.
ما يزال شلال دماء أبناء شعبنا الفلسطيني يتدفق يوماً تلو الآخر في ربوع الضفة الغربية، حيث أقدمت قوة إسرائيلية خاصة على ارتكاب جريمتها البشعة في وضح النهار، من خلال قتلها أربعة من الشبان في جنين القسام وأصابت ما يزيد عن ثمانية عشر آخرين، في جريمة تُضاف إلى سلسلة جرائم الاحتـلال المتكررة ضد شعبنا الفلسطيني، فهذه ليست الجريمة الأولى التي يرتكبها الاحتـلال ضد الفلسطينيين في جنين، بل قبلها بأيام قليلة كانت هناك جريمة بشعة ارتقى خلالها نحو ستة شهداء فلسطينيين وأُصيب أكثر من 25 آخرين.
فلا يكاد يخلو يوم من ارتكابه لجريمة هنا وهناك بحق المدنيين الفلسطينيين، فتارةً في جنين وأخرى في نابلس وثالثة في الخليل وقلقيلية وبيت لحم وغيرها من مدن الضفة الغربية، وهو ما يُدلل على انتهاج العدو الصهيـوني سياسة تصفية الشباب الفلسطيني وصولاً لإخماد الأصوات والحناجر المطالبة بالحرية والاستقلال وإنهاء الاحـتلال، حيث وثقت عدسات الكاميرات جريمة إعدام أحد شهداء جنين الشهيد نضال خازم من خلال إطلاق رصاصة مباشرة على رأسه من مسافة صفر.
أظهر تنفيذ عملية اغتيال الشبان في جنين دلالات واضحة على أن التنسيق الأمني بين الاحتلال الإسرائيلي والسلطة الفلسطينية ما زال قائماً وعلى أعلى مستوياته، وزاد ذلك بشكل أكبر لا سيما بعد قمة العقبة الأخيرة. وبالرغم من جميع تلك الجرائم التي يرتكبها الاحـتلال في الضفة الغربية والقدس المحتلة إلا أنه وللآسف هناك توجهات لدى السلطة للمشاركة في الاجتماع الأمني في شرم الشيخ، وتلك المشاركة ستكون بمثابة غطاء على العدوان والجرائم التي يقترفها الاحتـلال ضد شعبنا الفلسطيني.
إن تلك الجرائم الإسـرائيلية لن تكسر إرادة المقـاومة الفلسطينية؛ بل إن مسيرتها ستستمر وستبقى ماضية في مواجهة الاحـتلال؛ لأن دماء الشهداء هي بمثابة أيقونة للنصر والتحرير، كما أن شعبنا الذي يتدرع بالصمود والتجلد سينتزع كامل حقوقه الوطنية والتاريخية المسلوبة من قِبل الاحتلال.
باعتقادي أن الأراضي الفلسطينية مُقبلة على حالة من التصعيد في الأيام القريبة القادمة؛ نتيجة استمرار الاحـتلال الإسرائيـلي في مسلسل جرائمه ضد الفلسطينيين وهذا التصعيد سيُثير حالة من الذعر في المنطقة لدى الكيان الصهـيوني.