قائمة الموقع

مقال: حوارة... إنً عُدتُم عُدنا

2023-03-20T09:04:00+02:00
إبراهيم أبو سبت
إبراهيم أبو سبت

من الواضح أن حجم التضحيات الكبيرة التي يقدمها شعبنا الفلسطيني، على مذبح الحرية والتحرير، بشكل يومي من خلال العشرات من الشهداء والمئات من الجرحى الذيم ارتقوا خلال الأيام التي تلت انعقاد قمة العقبة أواخر شباط الماضي في الأردن، لم تفلح في كبح جِماح ثلة " التنسيق الأمني" ومنعها من الانزلاق أكثر وأكثر في وَحل التنازلات والتفريط.

وقد برز ذَلك من خِلال إصرار فريق المُقاطعة بِرام الله على المشاركة في مُؤتمر شَرم الشيخ الذي انعقد اليوم الأحد برعاية مِصرية وحُضور أردني، أمريكي، فلسطيني وإسرائيلي، والذي يَأتي استكمالاً للتفاهمات التي جرى التوصل إليها في قمَة العقبة سابقاً والتي بحَثت العودة للهدوء والسيطرة على المجموعات الفدائية في الضفة الغربية والحد من التوترات الأمنية خاصة مع قرب شهر رمضان المبارك، ومن غير الواضح أن إجراءات الأطراف المُشارِكة في القِمم المُتتابعة واللقاءات العَلنية والسِرية قد نجحت في ذلك، في ظِل تزايد وتيرة العمليات الفدائية وعمليات إطلاق النار وصد الاقتحامات الإسرائيلية على المدن والمخيمات الفلسطينية، والتي كان آخرها عملية حوارة اليوم في جنوب نابلس والتي أدت لإصابة عدد من الصهاينة وهي العملية التي تأتي في ذات المكان والظروف التي رافقت انعقاد قمة العقبة قبل أسابيع ،في إشارة واضحة من المقاومة للمشاركين في القمة  *"إن عُدتم عُدنا "،* فالجماهير الفلسطينية اختارت الطريق الأصوب، وحددت البوصلة الصحيحة لمواجهة سُلوك حكومة اليمين المتطرفة بالبارود والنار ، وهو الطريق الذي يحقق الردع ويُفشل كل مشاريع التسوية، كما أن العملية تؤكد على أنّ أي مخرجات أمنية تحاول مَنع المقاومة أو الالتفاف عليها مصيرها الفشل، في ظل الاحتضان الشعبي والفصائلي الذي يؤكد على رفض المشاركة في هذه اللقاءات العبثية والتي لم تقدم أي نتائج حقيقية على صعيد كبح جماح الاحتلال ومنعه من ارتكاب المجازر، وهو التوجه الشعبي الذي أظهرته العديد من استطلاعات الرأي والتي كان آخرها ما أجراه المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية، والذي أظهر أن الغالبية العظمى من الجمهور الفلسطيني تُعارض مُشاركة الجانب الفلسطيني في مثل هذه اللقاءات بنسبة تصل 73%، وأن ما نسبته 84% يرون أن الاحتلال لن يلتزم بأي اتفاق، كما أظهر الاستطلاع أنً ثلثا المستطلع آرائهم يُجمعون على دعم المجموعات الفدائية،  ومن خلال هذه النسب والمعطيات نستطيع قياس المزاج العام للشعب الفلسطيني.

وعلى الرغم من أن غالبية الجمهور الفلسطيني تؤيد العمل المقاوم والفدائي ضد الاحتلال ورفض كل مشاريع التسوية والمفاوضات العبثية، إلا أن هناك فئة تُصر على الهرولة وراء السراب، والبُعد عن المزاج الشعبي والخيار الجماهيري، فضلاً على الخروج عن الإجماع الوطني والفصائلي والذهاب باتجاه تجريب المُجرب، انطلاقاً من حرص هذه الفئة على تحقيق بعض الامتيازات والمصالح والتي في جوهرها لا تخدم إلا ذاتها كونها تستأثر بالقرار السياسي الفلسطيني.

ومع الحرص الشديد من قبل فريق التفاوض الفلسطيني على حضور هذه اللقاءات للحصول على مكاسب تكتيكية شكلية، إلا أن حكومة اليمين في إسرائيل لا تريد من مشاركتها غير تحقيق أهدافها في تحقيق الأمن والاستقرار لها، والتخلص من ظاهرة المجموعات الفدائية خاصة في نابلس وجنين، بالتعاون مع الأجهزة الأمنية الفلسطينية عبر ما يُسمى التنسيق الأمني. وبالتالي فإن حكومة نتنياهو لا تعطي أي اهتمام لأي مخرجات لا تحقق أهدافها، وهو ما يمكن رؤيته من سلوك الاحتلال اليومي في الاقتحامات والاغتيالات وسياسة الهدم ونسف البيوت حتى في المناطق التي تقع ضمن سيطرة السلطة الوطنية الفلسطينية.

فإلى أي حد يراهن الفريق الفلسطيني على إمكانية تحقيق مكتسبات حقيقية في ظل حكومة يمينية فاشية تضرب بعرض الحائط كل الاتفاقيات والتفاهمات، فقد آن الآوان لإعادة البوصة لمسارها الصحيح والعودة لخيار الجماهير والاجماع الوطني، الرافض لكل أشكال التعاون والتنسيق مع الاحتلال، وتبني خيار المقاومة بكافة أشكالها وعلى رأس الكفاح المسلح.

اخبار ذات صلة