كل مناسبة تلم شمل الأسرة لها نكتها التي تميز كل عائلة عن الأخرى، فطريقة التعبير عن البهجة والفرح تحمل الكثير من المشاعر الصادقة، لكن الحال في فلسطين عند أي مناسبة فيها غصة كبيرة فشمل العائلة مشتت قسرا، ففي كل أسرة الشهيد والأسير والجريح والمغترب.
تبدأ العائلة الفلسطينية في غالبية احتفالاتها بتذكر أفرادها، فهنا كان أحدهم يهلل فرحا، وهناك من كان يعد أشهى الأطعمة، وذاك من كان يلطف الأجواء، أما الأمهات فحكايتهن حكاية تجدهن يوزعن المحبة بين الأبناء والأحفاد، ويقربن الجميع من بعضهن.
وليوم الأم مكانة خاصة لدى الفلسطينيات، لكنه يحمل غصة كبيرة للأمهات الأسيرات داخل السجون (الإسرائيلية) فهذا اليوم يقلب عليهن المواجع ويستذكرن أجمل الاحتفالات مع أولادهن.
ويمر يم الأم لهذا العام ويقبع في سجن الدامون خمس أمهات من بين 29 أسيرة، وهن (أماني الحشيم وفدوى حمادة والمحكومتان 10 سنوات، بينما تحمل إسراء الجعابيص حكما ب 11 عاما وهي مصابة بحروق، أما عطاف جردات وياسمين شعبان موقفتان دون حكم) ولكل منهن أسرة وأبناء صغار ينتظرون عودتهن.
ورغم الإجراءات التعسفية التي تعيشها الأسيرات من حيث عدم توفير أدنى الاحتياجات الأساسية لهن، إلا أن إدارة السجون تعمل على قهرن أكثر وتحرم أطفال، وأبناء الأسيرات الأمّهات من الزيارات المفتوحة، ومن تمكينهن من احتضانهم، عدا عن حرمان البعض منهن من الزيارة، أو عرقلتها في كثير من الأحيان.
تستذكر المحررة نسرين أبو كميل (للرسالة نت) كيف كان يأتي يوم الأم على الأسيرات بالقول: عشية الاحتفال نتذكر ابناءنا وكيف كنا نحتفل مع أمهاتنا وأولادنا في هذا اليوم"، متابعة: رغم الغصة الكبيرة التي تكون في قلوبنا تتعمد مصلحة السجون قهرنا أكثر واستفزازنا.
وتحكي أبو كميل أن الأسيرات الأمهات يخبرن بعضهن كيف كان اولادهن يجهزون هدية يوم الأم، بعدما يدخرون من مصروفهم لإحضار هدية بسيطة طفولية وغالبا ما تكون وردة أو قلم (حمرة).
وتؤكد أن يوم الأم هذه المرة سيكون قاسيا على الأسيرات لاسيما وأنهن يعشن ظروفا صعبة بفعل الهجمة الشرسة عليهن.
وتذكر أن ما كان يهون على الأمهات الأسيرات، المعتقلات الصغيرات حين يجهزن هدايا يدوية من المطرزات والأساور الخرز وبطاقات المعايدة التي تحمل عبارات لها أثرها على القلب مثل ( كل عام وأنتِ أم حرة) ، ( كل عام وأنتِ جميلة)، ( كل عام وأنتِ أمي الحنونة).
وتحكي أبو كميل أن تلك المعايدات البسيطة كانت تفرح الأمهات وتذكرهن بأولادهن، ويبدأن بالاحتفال واعداد الكيك ويوزعن الشوكولاتة ليصنعن جوا من البهجة لهن.
أما عن احتفالها برفقة أبناءها بعد الإفراج عنها تقول إنها لم تصدق نفسها وسطهم، وكانت تبكي وتخفي دموعها بابتسامتها وهي تراهم يتسابقون لوضع الكيك وعليه صورتها وكل عام وأنتِ أمي، والهدايا التي حاولوا جلبها لإسعادها.
وتؤكد أنها بعد الإفراج عنها شعرت بمحبة وقرب أبناءها لها أكثر من ذي قبل، فحجم الاشتياق كان كبيرا، مبينة أنهم يعوضونها عن بعد عائلتها التي تسكن في الداخل المحتل.
وتستمر مواجهة الأسيرات لجملة من السياسات الممنهجة التي ترافقهن طول فترة الاعتقال كعمليات القمع والتنكيل، والإهمال الطبيّ، ومحاولة إدارة السّجون المستمرة سلب حقوقهنّ.
وتُشكّل إحدى أبرز السّياسات التي يستخدمها الاحتلال بحقّ الأمّهات، اعتقالهنّ كوسيلة للضغط على أبنائهن المعتقلين أو أحد أفراد العائلة، وإيقاع أكبر قدر من الإيذاء النفسي كما جرى مع الأسيرة عطاف جرادات وهي والدة الأسرى (عمر وغيث، ومنتصر) جرادات، حيث لم يكتف الاحتلال باعتقالها هي وأبنائها بل أقدم على هدم منزلها.